اليوم لا يسع السعوديين سوى أن يتذكروا بحسرة وندم تلك الهفوات البسيطة طوال التصفيات التي أخرجتهم من التأهل لكأس العالم بعد أن كانت السعودية مندوب الشرق الأوسط الدائم في المونديالات منذ صيف أميركا عام 1994. ويقع اللوم على مسؤولي الرياضة السعودية، وعلى \"اتحاد القدم\"، على إنه يتحمل المسؤولية أمام الكثير من الأخطاء الفادحة سواء بتعيين المدرب ناصر الجوهر في بداية التصفيات أو بطريقة المعسكرات وكيفيتها، أو بطريقة دوران البطولات السعودية وتداخلها. والضغط والتوقفات وعدم الاستقرار وغيرها الكثير. وطالب الكثيرون منهم بحل جذري دون مهدئات ولا مسكنات، تماماً كما يفعل الجراح في علاج الجسد المريض، حتى وإن كانت الجراحة مزعجة ومؤلمة أحيانا. لكن الشيء اللافت اليوم أن السعوديين رغم خسارتهم أمام البحرين بالتعادل، وهي صاحبة التاريخ الخجول كرويا أمام السعودية أن السعوديين أنفسهم لم يشعروا بمرارة الخسارة بقدر شعورهم بالخيبة لكون منتخب بلادهم خذلهم منذ اللحظات الأولى التي انطلقت فيها تصفية آسيا. لسان حال السعوديين يقول بلهجة امتزجت فيها مرارة الهزيمة بالواقع السيئ الذي تعيشه رياضة بلادهم هذه الأيام ليعطي دلالات ومؤشرات أن وقت التغيير قد حان، ويبدو أن هذه المباراة بداية لعصر جديد، ونهاية لعهد قديم في انتظار قرار سياسي قد يضع بصمته على تاريخ الرياضة وينهي هذه المرحلة.هذا ما ينادي به السعوديون منذ يوم أمس. \"الخسارة من البحرين إيذان إما بنهاية الكرة السعودية، لأنها دخلت مرحلة درامية ومأسوية خطرة، أو بداية حقيقية بأشخاص مختلفين على كافة الأصعدة\". هذا ما قاله مراقب سعودي. وقال مراقب آخر في تعليقه على المباراة: هذه أخطر مباراة تحصل للسعودية، فهي ستفجر الكثير من القنابل في رعاية الشباب، التي يبدو أنها لم يعد باستطاعتها أن تقدم أكثر مما قدمته\". وترى بعض المصادر الخليجية أن الكرة السعودية لن تتطور دون أن يتم تحديث الأندية- تخصيصها- وتحويل اتحاد كرة القدم إلى هيئة أهلية مستقلة عن الدولة، وربما طرحها في هيئة سوق المال. خاصة أن الأندية أصبحت مؤهلة أن تنتقل إلى هذه المرحلة، وان هناك عروضا مالية تجعل من الأندية مجالا خصبا للاستثمار، وهذا سيخفف من متاعب الدولة وأعباء وزارة المالية، والدول الحديثة المتطورة عادة تعتمد أن تكون الدولة بمنأى عن الخسارة. بعد ثمانية ألمانيا الشهيرة شكل الملك عبد الله بن عبدالعزيز لجنة تعنى بتطوير الرياضة برئاسة الأمير الراحل عبدالمجيد بن عبدالعزيز، وعضوية خبراء وإداريين سعوديين وبدأت اللجنة أعمالها ولكنها توقفت بعد رحيل الأمير عبدالمجيد، ويرى مراقبون أن اللجان المختصة بالرياضة في مجلس الشورى أقل قوة من الاتحاد السعودي وبالتالي فليس بإمكانها أخذ دور تلك اللجنة التي ذهبت إلى النسيان مع التوعك الصحي الذي سبق رحيل رئيسها أمير منطقة مكةالمكرمة آنذاك الامير عبد المجيد بن عبد العزيز. الخسارة من البحرين ليست مجرد هزيمة بقدر ماهي نهاية مرحلة وإعلان تأبين لخطط لم تؤت ثمارها، على كل المستويات, فرغم قوة الأندية السعودية ووفرة نجومها إلا أن المنتخبات السعودية بجميع فئاتها كانت تسجل الفشل تلو الآخر في كل المسابقات التي تدخلها، ولم تتطور، بل إنها بدأت في خسارة منجزاتها السابقة ولم تستطع المحافظة عليها حتى. في هذا العام بالذات يقول التاريخ إن السعودية خسرت لأول مرة منذ 20 عاماً أمام كوريا الجنوبية وخسرت لأول مرة في تاريخها أمام كوريا الشمالية وخسرت لأول مرة في تاريخها أمام سلطنة عمان، بل وتكررت الهزيمة من عمان مرتين متتاليتين. ولأول مرة منذ 16 عاماً تغيب السعودية عن كأس العالم، ولأول مرة لا تستطيع السعودية عبور البحرين في مباراة خروج مغلوب!. كل هذه المؤشرات تعني أمراً واحداً فقط. الجميع يعمل ويتطور بخلاف السعوديين الذين استيقظوا اليوم ليجدوا أنفسهم أمام حقيقة مؤلمة.