غابت انجازات المنتخبات السعودية لكرة القدم بكافة فئاتها السنية وكذلك الفرق في 2009 ما جعل الكثيرين يعتبرونه عام الجفاف والإخفاقات بامتياز. ولعل عدم وصول المنتخب الأول إلى نهائيات مونديال 2010 في جنوب أفريقيا بخروجه من الملحق الأسيوي أمام نظيره البحريني خير دليل لتغيب بذلك شمسه عن النهائيات لأول مرة منذ 1994، تلاه بعد ذلك حلول نادي الاتحاد وصيفا في دوري أبطال أسيا حين خسر في النهائي أمام ( بوهانغ ستيلرز ) الكوري الجنوبي. وسبحة الخروج والإخفاق لا تقف عند هذا الحد وإنما امتدت إلى ابعد من ذلك مع خروج منتخب الناشئين من التصفيات الأسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس أسيا التي أقيمت في ماليزيا ، وفشل منتخب الشباب في التأهل إلى كأس العالم للشباب التي أقيمت في القاهرة. وكانت بوادر الإخفاق ظهرت في يناير 2009 مع وصول المنتخب الأول إلى نهائي كأس الخليج التي أقيمت في مسقط وخسارته أمام منتخب عمان المضيف بركلات الترجيح. ويرى كثيرون من النقاد والمحللين انه من غير المنطقي أن يمر العام 2009 دون انجاز سعودي على صعيد المنتخبات أو الأندية يضاف إلى الانجازات الكثيرة التي سجلتها الرياضة السعودية عامة وكرة القدم خاصة. وعاشت المنتخبات والفرق السعودية ظروفا صعبة حيث اعتبر القائمون على المنتخب الأول انه كان في بداية التصفيات الأسيوية "ضحية بعض الأخطاء التحكيمية" أدت إلى فقدانه عدد من النقاط في وقت مبكر، فضلا عن تغيير المدربين ولعنة الإصابات التي تعرض لها أكثر من لاعب. ويرى هؤلاء أن تفريط منتخبهم بالفوز على كوريا الشمالية في مباراته الأخيرة على أرضه وبين جماهيره أرغمته على خوض الملحق ضد البحرين لكن الحظ جانبه وترافق ذلك مع انخفاض مستوى عدد من النجوم البارزين. وعلى صعيد الفرق، فرط الاتحاد باللقب الأسيوي والمشاركة في بطولة العالم للأندية التي أقيمت مؤخرا في ابوظبي، ويبدو أن عددا من نجومه المؤثرين لم يقدموا ما يؤهلهم للفوز حيث ضاع عدد من الفرص الهامة من قبل ابرز لاعبيه المحترفين أمثال التونسي محمد امين الشرميطي والمغربي هشام ابو شروان، وكانت الأخطاء الفردية سببا واضحا لخسارة الاتحاد غير المتوقعة امام ) بوهانغ ) 1-2. ويبرز على الساحة السعودية المحلية حاليا 3 فرق هي الهلال والاتحاد والشباب وهذا يؤثر سلبا على الوضع العام وتنعكس النتائج سلبا على المنتخبات التي تحتاج إخفاقاتها إلى علاج، ولأنه لا يمكن وضع الدواء الشافي لها بين ليلة وضحاها فقد تم تشكيل لجنة لدراسة ما حصل وسبل تطوير الكرة السعودية، وهذا هو الشيء الايجابي الذي يؤكد حرص المسئولين على عدم تكرار مثل هذه الإخفاقات. ويعاني العديد من نجوم الكرة السعودية من انخفاض واضح في المستوى الفني خصوصا في المباريات الحاسمة، وترافق ذلك مع ضغط إعلامي هائل تعرض له اللاعبون، وتعكس المواجهة بين السعودية والبحرين في الملحق الأسيوي هذه الصورة تماما، وظهر ذلك جليا أيضا في نهائي دوري أبطال أسيا بين الاتحاد (وبوهانغ ستيلرز ). وتعاني الكرة السعودية من تراجع واضح منذ المشاركة في مونديال الولاياتالمتحدة عام 1994، وذلك لان نظام الاحتراف لم يأخذ طريقه بجدية في الأندية السعودية. ورغم تأهل المنتخب السعودي إلى نهائيات المونديال 4 مرات متتالية إلا أن ذلك لم يستثمر على الوجه الأكمل خصوصا في احتراف اللاعبين خارجيا حيث بقي النجم السعودي "مكانك راوح" في الأندية المحلية. ويرى البعض أن الأمور الإدارية سبب رئيس في تراجع مستوى الكرة السعودية لان برمجة البطولات والمسابقات غير متناسبة واقرب إلى الفوضوية في تداخل بعضها ببعض، بالإضافة إلى ضغط برنامج الدوري. ويأتي عدم استقرار المدربين في الأندية لأكثر من موسم واحتكار 3 فرق هي الهلال والاتحاد والشباب للبطولات المحلية في طليعة هذه الأسباب التي تكون إسقاطاتها سلبية على المنتخب، بينما كانت المنافسات في الثمانيات والتسعينات من القرن الماضي تنحصر بين 6 أندية. وما يثير الحيرة أن المواهب ما زالت موجودة وبغزارة، فالأندية السعودية معين لا ينضب بدليل أن هذه المواهب لا يوجد ما يضاهيها في دول الخليج الأخرى وتظل مطمع الأندية الخليجية، لكن يبقى الاحتراف الخارجي أهم عائق لعدم تطور الكرة السعودية في الآونة الأخيرة وبقائها في مكان لا تتقدم منه. وأكد عميد المدربين السعوديين خليل الزياني حاجة الكرة السعودية للاحتراف الخارجي في المرحلة الحالية أكثر من أي وقت مضى، وشاطره الرأي البرتغالي( جوزيه بيسيرو ) مدرب المنتخب السعودي قائلا أن اللاعب السعودي يتمتع بموهبة حقيقية إلا أن ما ينقصه العقلية الاحترافية والتي لن يكتسبها إلا بانتقاله إلى الملاعب الأوروبية. وهاجم بعض النقاد اتحاد اللعبة وحملوه مسؤولية هذه الإخفاقات، فلجأ الأخير إلى بعض الإجراءات التي وصفت ب"التصحيحية" منها التعاقد مع الخبير الفرنسي ( جيرار هوييه ) لوضع الخطط الفنية التي سيسير عليها الاتحاد في السنوات المقبلة كما تعاقد مع الانجليزي ( ريك بيري ) لتولي الجانب الإداري. ويخفف وجود الدوري السعودي في المرتبة السادسة عشرة بين البطولات في العالم حسب تصنيف الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء، وتتويج الهلال بلقب نادي القرن من عمق الصدمة لدى الجماهير السعودية.