شدّد عدد من علماء المسلمين السعوديين وسياسيين على أن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن سيكون له تأثير قاتل على تنظيم القاعدة الأساسي وقد يهز البناء الهرمي للتنظيم، وإن كان سيولد بعض العمليات الانتقامية إلا أنها لن تتطور، وأكدوا أن دور التنظيم الرئيس بدأ في التأكل منذ عدة سنوات وهو ما حول الخلايا المنتشرة في بعض الدول العربية والغربية إلى خلايا منفصلة سيكون لغياب رأسها المدبر دور كبير في تشتتها وإضعافها. وأكد رئيس تحرير جريدة "عرب نيوز"، خالد المعينا، أن الخطر الأكبر الآن هو من خروج مجرمين يستلهمون نهج القاعدة ويقومون بعمليات إرهابية وينسبونها لها في ظل عدم وجود قائد روحي وعسكري قوي للتنظيم. تأثير محدود وقال في حديثه ل"العربية.نت" إن القاعدة الأم لم يكن لها تأثير واضح على الساحة في السنوات الماضية، ويضيف: "أعتقد أنه سيكون لخبر لمقتل اسامة بن لادن تأثير على القاعدة ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن أسامة بن لادن لم يكن له دور واضح في الساحة منذ عدة سنوات بل كان يظهر أيمن الظواهري، وكانت هناك إشاعات كبيرة أنه قتل.. كما أن القاعدة كتنظيم كبير محدود النشاط بينما العناصر الصغيرة الموجودة في بعض الدول العربية هي تشكيلات صغيرة منبثقة من التنظيم الأم؛ ولهذا لا أعتقد أن التأثير سيكون كبيراً.. ولكن أعتقد أنه في الايام المقبلة قد يكون هناك عملات انتقامية ضد الأمريكان.. فالقاعدة في في الأساس فكر وأيديولوجية وتنظيم". ويشدد المعينا على غياب القائد المستقبلي القوي للتنظيم ما يهدد بظهور جماعات إجرامية تستلهم روح التنظيم الإرهابي.. ويضيف: "ليس لدى القاعدة قائد حربي او قائد روحاني واضح.. ولكني أخشى من الذين قد يقلدون تنظيم القاعدة ويقومون بعمليات إرهابية ثم ينسبوها للقاعدة وهم مجرمين عاديون معجبون بالقاعدة ويستلهمون نهجها". صناعة أمريكية ومن جانبه، يشدد الداعية المعروف محمد النجيمي على أهمية أخذ الحيطة والحذر خوفاً من ردة فعل انتقامية من قبل الجماعات الإسلامية التي يصفها ب"المغرر بها"، ويؤكد في حديثه مع "العربية.نت" على أن بن لادن والقاعدة صناعة أمريكية منذ البداية.. وكل ما في الأمر أن دورهم انتهى. وقال: "من البداية كنت أقول إن بن لادن والقاعدة هما صناعة أمريكية.. منذ الحرب الأفغانية الأولى والآن دور بن لادن انتهى وكان لابد من إنهائه.. ولاشك أن الجماعات الإرهابية المغرر بها أو من يؤديها سيؤثر هذا الخبر عليهم تأثيراً كبيراً وبالغاً.. وهذا يعني أن بعض الدول الاقليمية والدول الغربية التي كانت تعطي لهؤلاء مساحة من التنقل ستعي أنه لم يعد لهم دور وأي مردود.. لهذا فالجماعات الإرهابية التي كانت تستغل اسم بن لادن لاشك أنها ضربت في مقتل بتصفيه هذا الزعيم الإرهابي الكبير الذي هو صناعة غربية في الواقع". وطالب النجيمي المغرر بهم من المنتمين للقاعدة بالتفكير في مصيرهم والعودة عن طريق الإرهاب.. ويضيف: "نستغل هذه المناسبة لنقول لمن غرر بهم انظروا كيف انتهى بن لادن وكيف أنه في مكان محصن لا يعقل الوصول اليه مع أنه لا يعقل أن يكون إنسان في مكان محصن قريب من المناطق العسكرية ولا يعرف أنه هناك.. بل قطعاً كان يعلم أنه هناك وبالتالي نقول للمغرر بهم واستغلوا عليكم ان تفيقوا مما أنتم فيه، فالقاعدة وما يتعلق بها مجرد صناعة أمريكية ودولة إقليمية أخرى تلعب دوراً في تكبيرها.. فالإرهاب صناعة دولية وهذه الحقيقية انكشفت". وطالب الداعية المعروف بضرورة أخذ الحذر من ردة فعل الجماعات الإرهابية الانتقامية، وأكد أن الخطر مازال قائماً وقال: "يجب الحذر.. فهذه الجماعات خاصة زعماؤها هم أناس أصحاب مصالح ومؤدلجون، لهذا يجب اتخاذ إجراءات حمائية كثيرة، وقد قرأنا في مواقعهم وسمعنا تصريحات من بعض قادة طالبان بأنهم جاهزون للانتقام.. لذا يجب الحذر من قبل جميع دول المنطقة دون استثناء ولابد من أخذ الموضوع بمأخذ الجد". استلهام نموذج القاعدة من جانبه، أبدى أستاذ الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، الدكتور علي الشبل، خوفه من أن يبعث مقتل زعيم تنظيم القاعدة عشرات غيره يتبنون عقيدة التكفير التي يراها خطرة على الإسلام والمسلمين.. وقال ل"العربية.نت": "لا أعتقد أن عقيدة التكفير وقتل الناس مرتبطه بأناس معنين.. بل يأت من يبعثها ويثير الحماسة في النفوس.. الآن مات بن لادن فقد يظهر عشرات غيره من يتبنى هذه العقيدة الضالة.. هي ليست فكر بل أخطر من ذلك.. هي عقيدة تصنف قتل الآمنين على أنه جهاد من خلال تكفيرهم وتفسيقهم دون وجه حق". ويتابع: "دأب علماء المسلمين دائماً على توضيح الحقيقة دون استغلال الفرص.. وهم يقومون بدوهم الواجب عليهم وهو ما شهد لهم به الجميع". رحيله يضعف "القاعدة" من جهته، يؤكد نائب رئيس تحرير "جريدة" الرياض السعودية والكاتب فيها، يوسف الكويليت، أن مقتل زعيم القاعدة سيكون له تأثير قاتل على الجماعات الإرهابية وسيدمر بناءها الهرمي، معترفاً في حديثه مع "العربية.نت" بأن بعض الخلايا في التنظيم قد تقوم بعمليات انتقامية محدودة ولكنها لن تطول.. وأضاف "منذ أربع سنوات تخلى بعض عناصر تنظيم القاعدة عنه وبقيت بعضها كخلايا نائمة.. ولم يعد له زعامة مركزية بل حلقات متباعده تعطى صلاحيات في كل بلد لتتصرف كل مجموعة حسب ما تراه بأعمال إرهابية او سياسية". وتابع: "الدول التي دائماً ما تغلب عاطفتها على سياستها تتعاطف مع مثل بن لادن، ولا يمكن أن يشغل فراغه أحد بسهوله.. ولهذا ستكون هناك انشقاقات وتهدم في البناء الهرمي لتنظيم القاعدة". وشدد الكويليت على أن ردة الفعل الانتقامية ستكون محدودة ومؤقتة.. وأكد "قد تعمل بعض الخلايا لعمليات انتقامية رداً على مقتل زعيمها.. ولكن أعتقد أنها ستقصد الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر من غيرها، ولكن في تصوري أن هذا الأمر سيكون مرحلياً؛ لأن بعد ذهاب الفورة العاطفية ستتجدد أمور أخرى.. وشاهدنا في العراق بعدما قتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبومصعب الزرقاوي خفت قوة وضغط العمليات الإرهابية التي كان ينظمها القاعدة هناك.. وهو نموذج وأسلوب سينعكس على القيادة العليا للتنظيم". ورأى الكاتب أن أموراً كثيرة لاتزال غير واضحة في خبر مقتل بن لادن وأن الحقيقة ستأخذ وقتها حتى تطهر.. وأضاف: "أثيرت أمور كثيرة.. فحتى الصورة المشوهة التي نشرت عمل لها مونتاج معين لتظهر بهذا الشكل، وربما هو قتل منذ عدة اشهر، ولكن إعلان الخبر الآن ربما لأمور سياسية أمريكية تختص بالانتخابات الأمريكية وإن كان الوقت مازال مبكراً.. مثلما قيل عن 11-9 إنها مؤامرة". وتابع: "لا نعرف أين الحقيقة الآن.. ربما لن تلق أمريكا بالجثة في البحر وربما هم ينتظرون ردة فعل العالم الإسلامي وأنهم يخشون أن يكون له مزار وقبر يعاد عنده بناء شخصيته من جديد، وإن كان لا يمكن أن يصل الى منزلة الأولياء الصالحين فهو رجل إرهابي قتل من المسلمين أضعاف ما قتل من الأمريكيين".