حذر مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، من الفهم الخاطئ لدى بعض الشباب الذي يدعو إلى اختلال الأمن؛ لأن كثيراً من الناس فهموا النصيحة على غير مفهومها، مشيرا إلى أن الخوارج في عهد الصحابة فهموا النصيحة بأنها إعلان القتال لكل مخالف وسفك الدماء واستباحة الأموال وتكفير المؤمنين والخروج على ولاة الأمر وتشتيت الأمن وإعلان الفوضى. وقال المفتي في كلمته أمس في حفل افتتاح الملتقى العلمي الأول (تقويم جهود المناصحة وتطوير أعمالها) الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين في قاعة الشيخ عبدالعزيز التويجري بمبنى المؤتمرات، وبمشاركة مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، والإدارة العامة للأمن الفكري في وزارة الداخلية، إن مفهوم النصيحة عند السلف الصالح هي الدعوة بحكمة وعلم وبصيرة والأخذ بيد من تنصحون دون القدح، فالإفساد ليس من خلق الإسلام بل من خلق أعداء الإسلام مستشهداً بقوله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض...)، وحث كل ناصح أن يدعو إلى الخير ويبينه بأسلوبه الحكيم الذي ينبع من أسلوب الرحمة والنصح والشفقة على الإسلام وأهله، مشيداً بجهود مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية. وكان مدير الجامعة الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل افتتح أعمال الملتقى؛ حيث أقيم حفل خطابي أوضح في بدايته وكيل الجامعة لشؤون المعاهد العلمية رئيس اللجنة العلمية الدكتور إبراهيم الميمن أن الجامعة تقدم بفخر واعتزاز ملتقى تقويمياً تعده غرة أعمالها الوطنية، وتتوج به منظومة الفعاليات المرتبطة بما تقدمه الدولة المباركة في خدمة هذا الدين بتنقيته من غلو المتطرفين وضلالات المبطلين وإرهاب المعتدين والتحزبات والتفرق المشين، وخدمة هذا الوطن باستصلاح شبابه وحمايتهم ممن استهدف وطنيتهم وعلاقتهم بولاة أمرهم وعلمائهم ليجعل منهم أدوات للصراع وأذرعاً خفية وظاهرة للأجندات التي يرمون بها السوء لهذا البلد الأمين، وتقدمه عملاً رائداً ومكتسباً وطنياً اكتسى ثوب العالمية بأبعاده وآثاره ومخرجاته. ثم ألقى أستاذ الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور عبدالسلام السحيمي كلمة أعضاء لجان المناصحة، التي ّفيها أن الأمة تعاني من الانحرافات الفكرية وخاصة بين أوساط الشباب، ومنشأ ذلك الجهل بحقيقة الدين وعدم معرفة أصوله وقواعده والتفقه فيه، وعدم الرجوع للعلماء المعتبرين، مع الغيرة والحماسة غير المنضبطتين، ويلاحظ هذا بوضوح لدى كثير من الموقوفين، وقد يصاحب ذلك سوء قصد وسوء فهم ممن يغرر بالشباب، وهذا واضح من خلال ما يكتب وما يطرح في منتديات الإنترنت. أما مدير عام مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية العميد الدكتور ناصر المطيري فأشار إلى أن «الفكر لا يعالج إلا بفكر»، وهذه الرؤية التي أطلقها المغفور له الأمير نايف بن عبدالعزيز في أوج الأحداث الإرهابية التي وقعت في بلادنا الغالية قبل عقد من الزمان، وجعل منها نبراساً يهتدى به ومساراً علمياً في التصدي للأفكار الضالة والمنحرفة استناداً لكتاب الله -عز وجل- وسنة نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم-. من جهته بين مدير الجامعة أن من مبادئ هذا الدين الرحمة التي من خلالها يتم كل عمل يرحم فيه الخلق أيا كان نوعهم، صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً، وقال: إن أنصح الخلق وأجلهم قدراً وأعظمهم مكانة محمد -صلى الله عليه وسلم-، الذي كان ناصحاً أميناً وداعية خير وهدى وفلاح ورحمة، الأمر الذي معه لا بد أن نستشعر ذلك، وأن نبحث عن مكنوناته ومعانيه وجميع مبانيه؛ لنفيد بها أبناء المجتمع على مختلف مستوياتهم وتنوع تخصصاتهم، حتى يسود المجتمع الألفة والمحبة والاتفاق والاجتماع والتعاون على البر والتقوى. وأشار إلى أن المتأمل حال الشباب والشابات في كل مكان من هذه المعمورة، خصوصا في البلاد الإسلامية والعربية، يرى كثيراً من الاختلاف والنزاع وورود الشبه والشهوات والتأويلات والتفسيرات المضللة المبطلة، التي كان لها أثر سريع في صرفهم وحرفهم في اتجاهات خطيرة جعلتهم يقعون ضحية وفريسة لدعاة الفتنة وأرباب السوء والفساد في كل وسيلة من الوسائل التي يستغلونها.