أكد علماء ومختصون أن الميت مطلع على أحوال أهله، مبينين أن ذلك يتم بتلاقي أرواح الأموات إذ يعرف من مات حديثا الأموات الآخرين بما استجد في أمور الأحياء، منوهين بأن المسألة خلافية لكن ابن القيم أورد آثارا في كتاب الروح تدل على أن الأرواح تتلاقى. وأشاروا إلى أن الميت لا يسمع صوت الحي وأن ذلك يحتاج إلى تفصيل، مبينين أن العمل الصالح ينتفع الميت به. وتطرقوا إلى أن زيارة الأقارب من الأموات أولى من مطلق الزيارة العامة للقبور. وذكرت أستاذ السنة النبوية في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، الدكتورة نوال العيد أن هناك تلاقيا لأرواح الأموات يعرفون فيها أحوال أهاليهم في الدنيا، فيخبر من مات حديثا الأموات بما استجد في أمور الأحياء، لكنها عدت حديث الأرواح مسألة خلافية إلا أن ابن القيم أورد آثارا في كتاب الروح تدل على أن الأرواح تتلاقى. مضيفة «جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعمالكم تعرض على أقربائكم من موتاكم، فإن رأوا خيرا فرحوا به، وإن رأوا شرا كرهوه». واستشهدت بحديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما تلقون البشير من أهل الدنيا، فيقولون: انظروا صاحبكم يستريح، فإنه كان في كرب شديد، ثم يسألونه: ما فعل فلان؟ وفلانة هل تزوجت؟ فإذا سألوه، عن الرجل قد مات قبله فيقول: هيهات قد مات ذاك قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أهل الهاوية». وفسرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الميت ليعذب من بكاء أهله عليه» بأنه حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه وهو متحقق كما قال الجمهور وذلك لمن أوصى أهله بالنياحة عليه أو علم أنهم سينوحون بعد وفاته، وقال ابن القيم وابن تيمية والطبراني رحمهم الله: إن العذاب أعم من العقاب مستدلين على ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «السفر قطعة من العذاب». وبينت أن البخاري أخرج بأن «عبد الله بن رواحة أغمي عليه فجعلت أخته عمرة تبكي: واجبلاه، وا كذا وا كذا، تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي: أنت كذلك؟ فلما مات لم تبك عليه». ونوهت بأن السلام على الميت ومعرفته بالشخص وارد وحقيقة، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم «ما من مسلم يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام». وحذرت من التوسل بالأموات قائلة: ليس سماعهم معناه النفع، بل قال الله سبحانه وتعالى لنبيه في حياته «قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا». يحتاج إلى تفصيل إلى ذلك، أوضح عضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي الحكمي أن الطريقة المثلى للتواصل مع الميت هي الصدقة والدعاء، قائلا «ينبغي الحرص عليها كون الميت ينتفع بها». وعن معرفة الميت بمن قام بالعمل الصالح له فبين أن ذلك محتاج إلى تفصيل، لافتا إلى مشروعية زيارة القبور والسلام على الأموات، مضيفا زيارة الأقارب ممن رحلوا عن الدنيا أولى من مطلق الزيارة العامة للقبور. وذكر أن الروح تعود للميت للعذاب أو النعيم، موضحا أن الحياة ثلاثة أنواع حياة الدنيا، وحياة الآخرة، والثالثة حياة القبر وتعرف بالبرزخ. وأشار إلى سماع الميت أحيانا للأحياء بما ورد في الحديث الذي جاء بسماعه لقرع النعال بعد مواراته الثرى قائلا أما استمرار السماع بعد ذلك فمحتاج إلى تفصيل. ولفت إلى حقوق الميت على الحي وهي السلام عليه عند زيارة المقابر. وعن معرفة الميت لأحوال أهله فقال هو يعذب ببكاء أهله أي يتألم على حالهم. تساؤلات عدة من جانبه، أوضح الداعية الدكتور محمد صالح المنجد أنه لا سبيل لطلب المسامحة من الميت بعد موته لعدم سماعه نداء الحي، مؤكدا على أهمية دلالة حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه». ولفت إلى أن البعض يحرص أن يسمع والده الميت أو أحد أقاربه كلامه رغبة للصلة بعد انقطاعها وتخفيفا لألم الفراق، مشيرا إلى أن الكثيرين يتساءلون هل يسمعنا الميت بجانب قبره وإن سمعنا ماذا نقول له، وهل توجد طريقة يمكن أن يسمعنا بها، مبينا أن الأصل هو عدم سماعهم لكلام الأحياء ولكن حين خاطب النبي صلى الله عليه وسلم قتلى الكفار بعد معركة بدر وأسمعهم الله كلامه وهم في قاع البئر فكانت حالة خاصة كما ذكر ذلك العلماء رحمهم الله. وذكر المنجد أن من أراد إفادة الميت وإرسال الخير إليه في قبره، فعليه بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له».