التسيير والتخير أمران يحتار بينهما كثير من الناس ويعدها البعض جدلية أزلية لن تحسم إلى يوم القيامة ، وقد تصل الحيرة بالبعض إلى حد الخلط وعد م التفريق بين المصطلحين وتفسيرهما ومقاصدهما ، كما ذهب بعض العلماء إلى " إننا مسيرون ومخيرون معا و سوف نسال عن أفعالنا وأعمالنا التي خُيّرنا فيها أما تلك التي نحن مسيرون فيها فلن يسألنا الله عنها مثل لون بشرتنا واختيار عائلاتنا وجنسنا وجنسياتنا أو حتى حالتنا الصحية فكلها أقدار قدرها الله لنا ولن نستطيع تغييرها مهما فعلنا لأنها سبقت إرادتنا وإدراكنا الحسي والبصري طبعا هذا من الناحية الدينية " لكن يبقى هناك شيئا مهما يتهرب منه العاجزون والكسالى وغير الأسوياء في كل الأزمنة والعصور وهذا الشيء يتمثل بعدم إدراكهم أن الخيارات التي نقوم بها في مسيرة حياتنا لها مفعول السحر في تغييرها للأفضل أو للأسوأ فمن يولد فقير ليس بالضرورة أن يعيش فقيرا طيلة حياته وما قد يقوم به من عمل أو جهد قد يوصله إلى عنان السماء أو قد ينزل به إلى قاع الأرض. مثله في ذلك أيضا الإنسان الذي قد يولد في رخاء ومن ثم تنقلب حياته إلى فقر مدقع لأنه لم يحسن اتخاذ قراراته,ولا يتعلق الأمر بالمال دوما بل يمتد إلى كل شيء في الحياة كالخيارات المتعلقة بالدراسة أو الزواج أو غيرها من الأمور المتعلقة بشئون حياتنا ، فليس من المعقول أن نعلق أخطائنا على شماعة القدر ونعتمد على التواكل ونظل نندب حظوظنا وأقدارنا التي لم تلدنا ملوكا وعلينا أن لا ننسى أن دوام الحال من المحال وإلا لما سمعنا عن التغيرات المعتادة أو الفجائية التي تجري في حياة الناس ولما أصابتنا الدهشة حيالها . ثم أن الله قد ميز الإنسان بالعقل ليعرف ويدرك الصح من الخطأ وحتى يتميز الناس عن بعضهم البعض بحرية خياراتهم وقراراتهم التي تحدد مسير حيات الفرد منهم وتوصله إلى ماهو عليه من عز أو شقاء ، وان لم يكن هذا الشيء لخلقنا كالحيوانات لا تعرف ولا تدرك ولرأينا هذا الإنسان العاقل يمشي كالبهيمة يقوده حظه الذي ولد عليه لا أكثر . واختم القول بان كل ما علينا اداركه هو " أن الحياة تبتسم أو تعبس في وجه احدنا طبقا لخياراته هو ولقراراته وحده و بمدى صحتها وتوقيتها المناسب ، وان نتائج هذه الخيارات والاختيارات هي التي بلا شك تجعل كل إنسان يختلف عن غيره ويتميز في حياته. كاتبة سعودية