الإعاقة الحقيقية تتجلى الحكمة الإلهية في تكوين النفس البشرية بتكريمها ورفع شأنها على سائر المخلوقات كما في قوله تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ). ولكن السؤال مدار المقال ما هي أسباب إذلال النفس وإنزالها دون مستواها الحقيقي في مواضع لا تحسد عليها ومواقع أذل بكثير من حال البهائم ؟ وحسب التصنيف البشري فهناك فئة المبدعون والموهوبون وفئة الأشخاص العاديين الذين يشكلون السواد الأعظم على وجه البسيطة إضافة إلى أصحاب الاحتياجات الخاصة . - لو سألت أي شخص كان من أي فئة أنت وإلى أي فئة تنتمي لألحق نفسه بفئة المبدعين وأصحاب الاختراعات التي قلما تتوافر في فئة معدودة ومحدودة العدد . وعطفاً على السؤال بحثاً للحصول على إجابة شافية كافية له فإنني لست ملزم بالحديث عن تلك التصنيفات بقدر ما يهمني الحديث عن فئة من أصحاب الاحتياجات الخاصة تنتمي في تصنيفها الأساسي للأشخاص العاديين وإن لم يكونوا معاقين جسدياً ولا حركياً ولكنهم حسب تصنيفي لهم معاقون فكرياً . المعاق فكرياً يرى أنه ينتمي إلى المبدعين والموهوبين وليس مكانه بين الأشخاص العاديين مع أنه في حقيقة الأمر ليس له مكان بينهم وإن أجبرنا التصنيف على ذلك . المعاق فكرياً يعتقد أن فكره وتفكيره فوق مستوى المفكرين وأصحاب الفكر مع أنه من دعاة الجمود الفكري . المعاق فكرياً يعتقد أنه هامور البورصة الثقافية المليئة بالخبرات التراكمية في سوق المال والأعمال . المعاق فكرياً يعتقد أن لديه مناعة فكرية تمنحه حصانة من الملوثات العقلية التي تفتك بالبشر من حوله . المعاق فكرياً يرى أنه يتربع على القمة في كل شيء وغيره مازال في القاع بل ومحتاج له لانتشاله ليعيش عيشة الأسوياء . المعاق فكرياً يعتقد أنه جدير بأن يشار إليه بالبنان وتسلط عليه الأضواء وتوجه إليه الكاميرات وحديث المنتديات . المعاق فكرياً لا يعترف بالرأي والرأي الآخر من خلال دائرة النقاش والحوار لأنه لا يمتلك أساليب إقناعية تؤهله لذلك فتجده يتراجع عن التحاور معك بضعف وينهزم غير مبالٍ بما تقول ولا مقتنع بما تطرح من رؤى . المعاق فكرياً يعيش العزلة والوحدة مدعياً لنفسه الإنجاز في الحياة والإنتاجية في العمل زعماً منه أنه يعيش عزلة المبدعين لا المرضى النفسيين . المعاق فكرياً يرى أن التسلط هو السبيل الوحيد ليكسب نفسه ثقتها ويعطي شخصيته قوتها . المعاق فكرياً منطوي على نفسه ومتقوقع حول ذاته ويحكم على التواصل الاجتماعي بالتخلف والفوضى وضياع الوقت بلا جدوى وذهابه سدى . المعاق فكرياً تحيط بعينيه غشاوة تحجب عنه الرؤية الحقيقية للأشخاص والأشياء على حدٍ سواء . المعاق فكرياً يمتلئ جوفه غيظاً وحقداً وتحترق نفسه مراراً لأنه يرى الآخرين يضيئون الطريق لغيرهم مؤمنين بمبدأ الإيثار والتضحية . المعاق فكرياً يفقد هيبته وتضعف نفسه إذا شكرنا الآخرين وأثنينا على جهودهم . المعاق فكرياً لم يتمعن في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر ) بأبعاده الدنيوية والأخروية . وإن تبقى شيء غير ما ذكرت فهو تنبيه أخوي لمن قرأ مقالتي هذه ألا ينسى عند مقابلة من يتصف بهذه الصفات قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي عافاني مماابتلاك به وفضلني على كثيرممن خلق تفضيلا ) وما أكثرهم !!! بقلم : صالح شمروخ العتيبي