المعاق هو الإنسان الذي أعطاه الله شي واخذ منه شي. المعاق هوا لرقم الحاضر بقوة في معادلة النماء والعطاء. المعاق هو الحب والصدق والإنسانية في التعامل. المعاق هو الفارس الممتطي صهوة الجواد. المعاق هو الصفاء والنقاء والطهر والعفاف. والمعاق هو ذلك الشخص الذي يزدريه بعض أفراد المجتمع وينظر إليه نظرة استرحام واستعطاف لا نظرة حب وتقدير ، وهو ذلك الشخص الذي يٌحرم من ابسط الحقوق لمجرد انه معاق. المعاق صبيا كان أم فتاة صغيرا في السن أم كبير ، ليس معاقا بمفهوم الإعاقة الدارج ، وليس إنسان تجب له الرحمة البشرية والاستعطاف ، وليس مجرد عدد ابتلى الله به قومه وأسرته. إن المعاق الحقيقي هو من أعاق فكره وعطل قدراته وانجرف واتبع تيار الهوى والشهوات وركع وانزوى خلف أستار باليه ، فلا عمل ولا موهبة ولا فكر ولا قلم ولا إسهام في خدمة المجتمع , ذلك هو المعاق فعلا وما أكثرهم في بلادنا. أما اؤلئك الذين ابتلوا بمرض أو عيب خٌلقي قدره الله جل وعلا ، فليسوا معاقين وليسوا أرقام وأعداد مكمله ، وليسوا اقل شئناً من الأصحاء ، فقد أثبتت الأيام والسنين أن تلك الفئة الغالية والعزيزة على قلوبنا أعظم وأكمل من الأصحاء ، فنرى المعاقين ونجدهم أفراداَ منتجين فمنهم المذيع صاحب الكلمة الصادقة والمعلم صاحب الرسالة النبيلة والمبرمج صاحب التقنية العظيمة والكاتب صاحب القلم المبدع والمثقف صاحب الفكر المستنير والإداري صاحب الطموح والالتزام والموظف صاحب الإخلاص والاجتهاد ، هؤلاء هم من اسماهم المجتمع ووصفهم بأوصافٍ لا يستحقونها .نعم أمثال اؤلئك المبدعين ليسوا بمعاقين فعلا وان ظهرت عليهم صفات وعيوبٍ خلقها الله لحكمةٍ بالغةٍ يعلمها سبحانه ، فليسوا بمعاقين ولا مستضعفين ، إنهم أشخاص امتلكوا الإصرار والعزيمة والصدق والمحبة والإخلاص ، امتلكوا القناعة والرضى والحلم بالأفضل والغد المشرق ، فكم من اختراع كان بطله معاق ، وكم من إبداع أدبي كان مٌسطره معاق ، وكم من إنتاج عملي كان باعثه معاق ، وكم من تفكير ومشروع خيالي أضحى واقعا بعزيمة معاق ، أليس من لا يشابههم في قدراتهم معاق إعاقة لا يرجى شفائها. لكن مع إبداع وإصرار تلك الفئة الغالية المبدعة ، نجد أشخاصاً محدودي التفكير ضعيفي العزيمة قاصري النظرة يزدرون تلك الفئة المبدعة المنتجة ، وسبب ذلك الازدراء نظرة قاصرة لم ترى سوى عيب خلقه الله وقدره ، ولم ترى تلك النظرة العمياء الإبداع والإصرار والعزيمة واكتفت بما هو اقل. واؤلئك الأفراد من المجتمع الذين لم يروا إلا الإعاقة فقط يعذرون لسبب واحد وهو أن المعاقين وإبداعهم وإصرارهم مغيبون عن الواقع بكامل تفاصيله ، فلم نرى برامج متلفزة تنقل إصرار وعزيمة معاق ، ولم نقرأ قصة مبدع ومكافح ومنتج على صفحات جرائدنا المادحة ، ولم يخصص يوم سنوي يبرز أدوارهم وطموحاتهم وإنتاجهم ، واكتفى المجتمع ومؤسساته بيوم تكريم لمن يتبرع للمعاق ويسهم في رعايته صحيا ، فيا للعجب العجاب ، المعاق بحاجة إلى رعاية صحية وتعليمية وبحاجة إلى دعم مالي ورعاية اجتماعية متميزة وبحاجة إلى دمج كامل في المجتمع ، فلا تمييز ولا تغييب ، والمعاق بحاجة إلى من يُِظهر إبداعه وإصراره حتى تتغير نظرة البعض الاستعطافية. المجتمع واجبه تجاه تلك الفئة كبير ، فلو ترك المجتمع المعاق ولم يرعه حق رعايته , ولم يقدس إبداعه وإنتاجه , و حرمه من حقه كمواطن لحلت بالمجتمع النكسة ولأصبح المجتمع معاقاً فعلا متخلفاً لا يستحق العيش و الرحمة والغفران.