في المسافة الفاصلة بين موقف القطار في بادبودسبيرج وفندق ادلر يجرني الشوق إلي مقهى مقابل للفندق ... المكان يقتلني الحنين .. المنطقة زارها الصباح هذا اليوم فأبت ألا أن تغتسل ابتهاجا به بمطر زادها نظاره و أنا كنت محضوضا إذ كنت مارا على باريس فابتهجت بي وأكرمتني بقهوة صباحيه هي سر باريس بالنسبة لي . بعد توقفي فيها لساعتين وصلت إلي مطار كولون المدينة التي تكبر بون عاصمة ألمانيا والتي لا يوجد بها مطار...... بالرغم من طول الرحلة ..الا أن المسافة بين باريس وكولون كانت احد التجارب الجمليه ... فأمتطاء طائره مروحيه تقل 20 راكبا وخلو الطائرة تقريبا من الركاب جعلنا في حوارات مختلفة مع بعض الركاب والطاقم... منظر الطائرة وهي تخترق الغيوم كان ضربا من متعه مخلوطة بخوف وذلك في الإقلاع والهبوط. هاهي كولون تمد عنقها لتقابلنا ب تحيه صباحيه مشرقه وضاءة سمها ما شئت وذلك بعد دقائق صمت يلفنا السحاب من كل جانب وتقول صباح الخير ( قودا مورغن) . و قودا مورغن أخرى هنا من عامل الفندق الذي للتو قابلته بعد أن أصابتني نشوة الذكريات و تجولت في المنطقة لاستعيد أيام خلت ( عشنا فيها حين نام الدهر سراقا) فهذا المقهى جلست فيه لساعات وهذا المطعم كان يقدم أطباقا شهيا من الاطعمه وهذه الحديقة التي تقابل سفارة دوله عربيه سابقا كنت اذرعها لا فكر حينما كان التفكير يلزمني . وفي المقهى ألآخر كان يجلس ذلك العربي وأمه التي لا أظنها أتت إلا حبا فيه ويصيبني الأسى كل ما رأيته وهو يحاول أن يقنعني أنه لاجئ و لديه قضيه !!! لديك غرفه محجوزة من قبل السيد ... مطلة على المواقف مدفوعة مسبقا.. سامحك الله يا صديقي ... ( يا أخي ما كان داعي خيرك سابق.. وب صراحة نرفزتني كلمة مدفوعة مسبقا بل عكرت مزاجي) ...أنهيت مكالمتي بوعد بالاتصال بهذا الصديق الذي كرمه لا يطاق بعد أخذ قسط من الراحة ، المصعد الذي أشار أليه للوصول إلي الغرفة مكتوب عليه عبارة غريبة في غير محلها تزيدك نرفزه وتثير فيك شعور بالشوق وكنت أتمنى من( ي.م أن لا يكتب ذكريات أملج على لوحة الأرقام في مصعد �. لكن ما علينا ). فندق أدلر هو ملتقى عرب الخليج القادمين في الغالب للعلاج وهذا الحي ملاذ للباحثين عن العمل في الترجمه أو أي خدمات أخرى تحتاجها ألآسر أو الأشخاص في المستشفيات أو التجارة فلا تستغرب إذا ما رأيت أمراه بزيها الموغل في الشعبية في هذا الحي أو هذا الشارع بالذات كل الأماني ممكنه وكل الفرص ممكنه و طقس ألمانيا البارد مع ليلها الهادئ كافي بأن يوقظ كل الإحساس في داخلي فتجدني استجمع الذكريات عن رحله سابقه كنت أقضي ليلي في مقهى منزو ليس بعيدا عن ماكدونلادز بعد أن نسد جوعنا في الأخير . الليل هو الليل لكن البرد أو المطر كانا مختلفين... برودة الجو هو ما كان يغرينا أنا و جليسي أن نتحلق حول ضوء شمعه على منضده ملاصقه للجدار الفاصل بين المقهى والحانه بحيث يسهل لي رؤية الشارع ويضيق بالنسبة له المكان فلا يراني ولا يراه... اا حد . نتحلق حول الشمعة و نحلق ثم نحلق و تترامى النقاشات ولازلت في طور التفكير عن سؤال بدء باردا كبرودة الجو ولحقته ضحكاتنا التي نحاول كتمها كنوع من رومانسيه أو أي شيء من خوف ألا نلفت نظر الآخرين نتساءل في بلاهة مع شي من تهكم عن هؤلاء الألمان الذين اختاروا هذه المدينة الصغيرة عاصمه لبلادهم ( ما حد ردهم عن عقلهم؟؟؟) ويمتد السؤال دون أجابه. صديقي الذي ينتظرني أسفل الفندق بسيارته الفارهه والتي تثير فضول العرب المتواجدين في الشارع .. لم ينتظر كثيرا وكنت أود أن أقول لكل الأعين انه صديقي ولا يعني ذلك أنني غني مثله.( الحمد لله على ألسلامه نورت بون...لا يا حبيي إلا هاذي أنا تعرفني ابغاها دايما مطفيه لان ليلها لا ينفع الا مع سكون) . وين العزم ان شاء الله ترى ميت من الجوع وقبله مر بنا على محل قهوه وتراني فايق. أهم شي نمت كويس؟ كان هذا تقرير سريع عن حالتي . لا أبشرك نمت بعد الدوام وعينت خير رده طمني أن الوضع ممتاز وان كلانا مزاجه عل العال. ما رأيك في خارج بون و هذه العبارة بالتحديد قالها من باب المداعبة لأنها تعني حاله خاصة لقاطني بون .. إذا إلي المطعم التركي في كولون... توكلنا على الله ...عادت الذكرى وعاد السؤال ( إلا بسألك هذولي الالمان مضروبين!!! ما حصلوا الا بون يخلونها عاصمه وهي صغيره كذا ؟؟؟) إنها الاراده ولاشي إلا الاراده ( وش قاعد تقول انته؟؟) .... سأقول لك ألقصه التي بدأت بعد الهزيمة و بعد أن قسمت إلي ألمانيتين واختاروا هذه المدينة الصغيرة عاصمه لهم لكي يبنوا في داخلهم هدف و هو العود ه مره أخرى إلي الاتحاد وأنهم سيعودون كما كانوا وهذه الأيام ما هي ألا لحظه مؤقتة..... والعاصمة هي عاصمه مؤقتة. لو سمحت اقرب كبينه اتصالات...التقط السماعة وابدأ ب ا لاتصال .. سكون....لا أنا..... سكون عند ---عد لحفلة خطوبتها .... مبروك جاءت باردة ميته .... أعود للسيارة وأحاول أن انسي لأبدأ سؤال أكثر إلحاحا.. ترى كم ألماني فكر بهذه الفكرة وكم عارض وكم شارك في هذا الحلم. و تأتي الاجابه مني هذه المرة لا جاوب تعرف ! الفرق بيننا وبينهم أن من يفكر واحد لا يهم مركزه فإذا ما ستساقوا فكرته نفذوا كلهم بدون معارضه أما نحن فالكل يريد أن يفكر وكل يريد فكرته بل يقاتل من اجلها ولا يريد أن يرى أفكار الآخرين وفي النهاية يخضع الاختيار لعوامل لا علاقة لها با لفكره و تخضع ألمعارضه لنفس العوامل التي لا علاقة لها بفكره أو هدف . تتلاقى نظراتي بنظرات صديقي يرى في عيني الحزن وأرى في عينيه الشفقة ...وكل سكون والجميع بخير. ناصر النجار