قبل أن نبحث عن التعليم من جهة مخرجاته، ووزنه في رصيد الناتج القوميّ، ينبغي أن ننظر إليه من جهة حضوره اليوميّ في حياة الناس، وقدرته على التصدّي لجدليّات الحياة الاجتماعيّة اليوميّة، مع تزايد مصادر التثقيف، والتغيّرات المعرفة. التعليم الناجح هو الذي يجيب على أسئلة المجتمع بمعيار الصدق، ويسدّ حاجة الإنسان الروحيّة، ويعالج قضايا الواقع المعرفيّ المتجدّد، ولا يكتفي التعليم بالنظر للمخرجات أين تذهب، ومن يتلقّاها، لأنّ هذا المنظور أشبه بمن يبحث عن التخلّص من العبء الذي يحمله. سؤال الهويّة والانتماء يتحرك في أذهان الطلّاب أمام مصادرة التقنيّة المعاصرة لشروط الهويّة، ومقوماتها الروحيّة، وهو أخطر الأسئلة التي تثيرها متغيّرات الحياة اليوميّة في أذهان أبنائنا. المقرّرات الدراسيّة لاشكّ في أنّها تجيب كثيراً على أسئلة الحياة للشباب والفتيات، وللصغار كذلك، لكن لابد أن تُدعم المقرّرات الدراسيّة بالمعرفة الروحيّة المعتدلة الراسخة التي تظهر حقائق الأشياء، وقيمها الصادقة وأهميّتها وأثرها على الإنسان منذ طفولته، وتتابع نموّ تفكيره، فلا تترك فراغات يملؤها التثقيف المتسلل إلى واقعه عن طريق التقنيّات الحديثة، فالتربية الإيمانيّة داخلة في جميع الموضوعات الإنسانيّة، والعلوم العصريّة. الإيمان بالله هو القيمة العليا المعرفيّة، فهو يرسّخ جميع القيم المثاليّة، وتجتمع حوله جميع الفضائل التي تجيب على أسئلة الإنسان ، وينبغي أن يكون المقرّر القادم ومناهجه وإجراءاته شجاعة في مواجهة التغيّرات اليوميّة في حياة الطلّاب. الإيمان بالله هو الذي يقف بقوّة في وجه التمدّد الإلحاديّ الذي انتشر في المواقع الشبكيّة، يقدّم نفسه على أنّه قيمة حضاريّة تتخلّص من عادات المجتمعات القديمة، ويقدّم نفسه على أنّ المشاعر الدينيّة مظاهر تقليديّة لا مكان لها اليوم. إنّ المعالجة المعرفيّة لجوانب الإيمان في حياة الطالب جديرة بالإجابة على أسئلة مؤثرة لا يخلو منها ذهن الطالب والطالبة، والإنسان المؤمن هو المسؤول الأوّل عن صحّة المجتمع الأخلاقيّة، وعن سلامته من الأمراض التي تصيب المجتمعات بالتآكل الاجتماعيّ، الذي مزّق شعوباً وغيّر واقعها بعد أن كانت من أكثر الشعوب رخاءً.!