يبدو أن مدينة يبرود السورية أصبحت مسار حديث العالم في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل زعم نظام بشار الأسد استعادة المدينة الصغيرة من أيدي الثوار، مع تأكيد القيادة العسكرية الموحدة لقواته في القلمون سيطرتها على "يبرود"، واعتبرت أن أي تقدم طفيف لقوات النظام لا يعني سقوط المدينة، وأن ما يروج له إعلام "الأسد" هدفه تحقيق نصر معنوي يضعف من معنويات الثوار. كما أكد العديد من المغردين على "تويتر" أن يبرود لم تسقط، كما أن بابا عمر والقصير ومعضمية الشام لم يسقطوا من قبل، لكن الذي سقط هو ضمير الإنسانية الذي يرى ويسمع منذ أكثر من ثلاث سنين دون أن يقدم عملا جديا بوقف إجرام الأسد والميليشيات المستأجرة. من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور ياسر سعدالدين ل"تواصل": "إن يبرود لم تسقط، بل سقطت قيم العالم وأقنعة الأصدقاء وما تبقى من مصداقية المعارضة السياسية". وأضاف أن قوات "الأسد" مستعينة بميليشيات الحزب الشيعي اللبناني لم تستطع لمدة أكثر من شهر دخول المدينة رغم كثرة أسلحتها، وقصفها المتواصل بالبراميل المتفجرة، إلا أن الثوار نجحوا في الصمود رغم قلة الإمدادات. وأكد "سعدالدين"، أن انسحاب الثوار من بعض المواقع بمدينة يبرود لا يعني الخسارة، فالمعركة مستمرة. الموقع والأهمية تقع مدينة يبرود في محافظة ريف دمشق، وتبعد عن العاصمة السورية دمشق حوالي 80 كلم شمالاً، وعن مدينة حمص 80 كلم جنوباً. وهي مدينة متمركزة في قلب سلسلة جبال القلمون الحدودية مع لبنان، وتبعد نحو 20 كلم عن الحدود اللبنانية، التي تفصلها عنها بلدة فليطة السورية. "الأسد" يبدأ حرباً معنوية هذا ما يقوم به إعلام "الأسد" في الأيام الماضية من خلال الحديث الدائم والمستمر عن نتائج استعادة قوات النظام ليبرود، من أجل إضعاف الروح المعنوية للثوار وبسط نفوذه على مناطق كثيرة في سوريا مماثلة يتم الاهتمام بنشر معلومات مغلوطة عن سيطرته عليها، حتى يواجه المقاتلون الثوار بكمٍّ من الشائعات تنهار معنوياتهم أمامها، وهو ما حذر منه خبراء عسكريون أن يكون هذا النهج مؤثرا على الأرض بين جيش النظام وبين الجيش الحر. قصف بالبراميل المتفجرة لم يكتف "الأسد" بالاستعانة بميليشيات من الحزب الشيعي اللبناني وعناصر إيرانية وألوية عراقية، بل استخدم البراميل المتفجرة في قصف المدينة وتدميرها. حيث نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان قوله إن "تقدم قوات النظام مدعومة بعناصر حزب الله في مدينة يبرود كان مصحوبا بقصف بالمدفعية الثقيلة وإسناد من طائرات الهليكوبتر لعدة مواقع". وأضاف المصدر ذاته، أن تلك الطائرات ألقت بالبراميل المتفجرة على ضواحي المدينة، فيما كان عناصر الحزب الشيعي اللبناني يشنون هجوما في ما يشبه حرب عصابات ضد مقاتلي المعارضة للسيطرة على وسط المدينة. واعترفت جبهة النصرة، أن القوات النظامية سيطرت على أحد المواقع التي كانت تتواجد فيها، ما اضطر مقاتلوها لإعادة الانتشار في مواقع أخرى، لكنها نفت أن يكون مقاتلوها تراجعوا، وأن الإمدادات كانت في طريقها إليهم. معارك يبرود.. وخسائر النظام المحوران الرئيسيان في معركة يبرود هما جبهة السحل التي شهدت معارك قوية بين القوات التابعة للنظام مدعومة بميليشيات الحزب الشيعي اللبناني من جهة وكتائب الجيش السوري الحر وجبهة مزارع ريما وجبهة صغيرة تل العقبة. ودارت معارك عنيفة في جبهة السحل وجبهة مزارع ريما وفشلت القوات التابعة للنظام وميليشيات الحزب الشيعي اللبناني في خرق هاتين الجبهتين، وشهدت أشرس المعارك وتكبدت القوات التابعة للنظام الكثير من الخسائر البشرية والعسكرية ونجح الثوار في تدمير العديد من الآليات الثقيلة، كما خسر الحزب الشيعي اللبناني العديد من عناصره بين قتيل وجريح. وبعد شهر على محاولة اقتحام يبرود فشلت كل محاولات الدخول إلى المدينة مما اضطر القوات التابعة للنظام والميليشيات المساندة له من تغيير استراتيجية المعركة ونقلها إلى جبهة تل العقبة، التي كانت من أضعف الجبهات لكلا الطرفين، وذلك بسبب قوة المعارك على جبهتي السحل وريما. وبعد فشل القوات الحكومية والميليشيات في جبهتي ريما والسحل انتقل النظام وحشد كل قوته إلى جبهة تل العقبة، وبدأ بإطلاق صواريخ أرض أرض وصواريخ ما يعرف بزلزال وبركان مصحوبة بغطاء جوي رافقه قصف عنيف من الطيران، أجبر الثوار على تلة العقبة بالتراجع تحت مما حصل معه تقدم قوات الأسد والميليشيات، حيث استخدموا تلة العقبة في استهداف الثوار بمزارع ريما، ولا تزال المعارك تدور رغم إعلان النظام سيطرت قواته على يبرود. وخسرت قوات الأسد في معارك يبرود 3 ضباط من الحرس الجمهوري، وإصابة 100 آخرين، وبلغت خسائر ميليشيا الحزب الشيعي اللبناني 270 من عناصره وجرح أكثر من 600 آخرين، وتدمير 4 آليات تركس بلدوزر شيلكا مع 18 دبابة. يبرود.. تحكي عن إجرام النظام من جانبه قال الشيخ أنس سويد، عضو جمعية علماء حمص، في تصريحات خاصة ل"تواصل"، إن نظام "الأسد" حشد كافة قواه العسكرية والإعلامية في معركة يبرود، رغم مساحة المدينة الصغيرة، وزعم أن سقوط المدينة يعني انتهاء الثورة السورية، كما فعل من قبل في معارك القصير وبابا عمرو. وأضاف أن معارك يبرود مازالت مستمرة، وأن الثوار لم ينسحبوا إلا من موقع واحد، بينما لازالوا مسيطرين على منطقة "ريما" الاستراتيجية، رغم قلة سلاحهم في مواجهة طيران النظام ومرتزقة حزب الله وإيران والعراق. واستغرب الشيخ "سويد" من تضخيم الآلة الإعلامية لقوات الأسد في معارك يبرود، مشيراً إلى أن هذه الحرب الإعلامية هدفها الأول إضعاف الروح المعنوية للثوار، ورفع الروح المعنوية لمقاتلي الأسد وشبيحته. واختتم "سويد" تصريحاته ل"تواصل" قائلاً: "عن أي انتصار يتباهى نظام الأسد؟!، فهل دخول المدن مدمرة وخالية من سكانها بعد قصفها بالطيران والبراميل المتفجرة يعتبر انتصارا؟!، ما حدث في القصير وبابا عمرو وما يدور حالياً في يبرود، يحكي فقط عن إجرام النظام". المصدر: تواصل – وكالات