خلال السنوات الأخيرة بدأنا نسمع ونرى مجموعة إعلانات تروج لمشروبات رياضية تسمى مشروبات الطاقة، وراح المروجون لهذه المنتجات بالتعريف بها على أنها مواد تزيد من القدرة البدنية والذهنية. ومع مرور الأيام زاد الطلب عليها، وبعد عدة دراسات وأبحاث أظهرت النتائج المخبرية والميدانية أن هذه المشروبات لها أخطار كثيرة على صحة الإنسان وتؤدي إلى عدة أمراض، وفي بعض الأحيان إلى الوفاة (الموت المفاجئ). حظر مشروبات الطاقة جاء قرار مجلس الوزراء أخيراً بحظر الإعلان عن أي مشروب من مشروبات الطاقة أو القيام بحملات دعائية أو ترويجية له بأي وسيلة إعلامية، ليضع حدا لظاهرة باتت تمثل مخاطر على صحة المواطنين، خاصة بعد التقرير الذي رفعه وزير الداخلية في شأن دراسة الآثار الضارة لمشروبات الطاقة. وأقر المجلس أيضا حظر توزيع مشروبات الطاقة مجاناً على المستهلكين بجميع الشرائح العمرية، إضافة إلى منع بيعها في المطاعم، والمقاصف في المنشآت الحكومية، والمنشآت التعليمية، والصحية، والصالات، والأندية الرياضية الحكومية، والخاصة. وألزم القرار أصحاب المصانع والمستوردين لهذه المشروبات بكتابة نص على عبوة مشروب الطاقة باللغتين العربية والإنجليزية، يحذّر من الآثار الضارة لها، مثلما هو كائن مع منتجات التبغ للمدخنين. من جانبها وعلى لسان متحدثها الرسمي والأمين العام لها د.عبدالرحمن يحي القحطاني، أشادت الجمعية الخيرية للتوعية الصحية "حياتنا" في بيان صحفي لها بقرار مجلس الوزراء. وأكد الأمين العام أن المرحلة القادمة تستلزم تحديد الجهات المسؤولة عن الرقابة على تنفيذ هذا القرار، وتحديد عقوبات رادعة للمخالفين. 500 علامة تجارية ويعد مشروب الطاقة منتجا جديدا ظهر مؤخرا في الأسواق، ويسوّق على أنه يعمل على رفع مستويات النشاط الذهني والجسدي، وظهرت أول علامة تجارية منه عام 1977م في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وازدهرت صناعته واتسع انتشاره حتى وصل إلى أكثر من 500 علامة تجارية مختلفة في عام 2006. ويستهدف هذا المنتج فئة الشباب من عمر 18 إلى 35 وقد حذرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في تقرير صدر عام 2007 أن بعض الشركات المنتجة له تروج للمنتج على أنه بديل قانوني للمخدرات. "الكافيين" أصل مشروب الطاقة ويعد الكافيين (غيتي إيميجز)، المكون الأساسي لمشروب الطاقة، وهو مادة منبهة، ويقول مصنعو المشروبات إنه يقاوم التعب، ويطرد النعاس، ولكن الأطباء يوصون بألا يتجاوز المأخوذ اليومي منه 100 إلى 200 ملي جرام، أما إذا كان الشخص يعاني من أمراض معينة، مثل ارتفاع ضغط الدم فقد يوصيه الطبيب بخفض مأخوذه منه إلى مقدار أقل من ذلك. وتحتوي العبوة الواحدة من مشروب الطاقة على كمية من الكافيين تتراوح بين 72 مليغراما إلى 150 ملي جراما، كما قد تصل في بعض الأنواع وفي حالة العبوات كبيرة الحجم من المنتج إلى 300 ملي جرام أو أكثر، وهذا يعني أن الشخص قد يتناول كمية كبيرة من الكافيين خاصة إذا شرب أكثر من عبوة يوميا، بالإضافة لما يحصل عليه الشخص من شرب الشاي والقهوة والكولا. وتتنوع مشروبات الطاقة بين أسماء عديدة مثل التورين، والغوارانا، وفيتامينات "ب"، والكارنيتين، والغلوكورونولاكتون، والسكريات، والجنسينغ والجينكو بيلوبا. ولا توجد معطيات علمية كافية لدعم مزاعم مشروبات الطاقة عن تحسينها للأداء الرياضي أو الجسمي أو العقلي، أو جعل الشخص قادرا على القيادة إذا كان متعبا، ويلزم استشارة الطبيب قبل تناول أي مشروب منها. حالات وفاة لم يعد الأمر يمثل خطورة فقط على المستوى المحلي، فمنذ أيام قلائل لقيت فتاة أمريكية مصرعها بعد تناولها عبوتين من أحد مشروبات الطاقة، وقبل نحو 3 أعوام أقامت عائلة مراهقة في الرابعة عشرة من العمر شكوى ضد مصنع في كاليفورنيا لمشروب يحتوي على الكافيين اسمه "مونستر إينيرجي"، مؤكدة أن جرعة مفرطة من الكافيين أدت إلى وفاة ابنتها في ديسمبر 2011. وقبل أقل من عام تسببت ثلاث عبوات من مشروب الطاقة في وفاة لاعب الإسكواش في المنتخب الكويتي ونادي الكاظمة الكويتية ناصر الراشد، ولم يكن عمره يتجاوز 21 عاما، وقبله وافت المنية شاباً كويتياً عقب تناوله عبوتين فقط من أحد مشروبات الطاقة فيما كان يتنافس مع أصدقائه على من يستطيع تناول أكبر قدر منها. مخاطر على الشباب وأشارت دراسات ألمانية حديثة إلى أن مشروبات الطاقة التي تحتوي على الكافيين تُغير من طريقة عمل عضلات القلب، وبالتالي تؤثر في طبيعة ضخ الدم إلى مختلف أنحاء الجسم، ما قد يؤدي إلى التسبب بحالات الوفاة المبكرة. وذكرت صحيفة الديلي ميل البريطانية أن البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين سن 18 و30 سنة، والذين يتناولون هذه المشروبات تزداد لديهم انقباضات القلب عن أولئك الذين لا يتناولونها، وتسبب هذه المشروبات تسارعاً في دقات القلب وارتفاعاً في ضغط الدم والموت المفاجئ أحياناً. مشروب "الرياضة" ويخلط الكثير من الرياضيين بين مشروب الطاقة ومشروب الرياضة SPORT DRINK، فمشروب الرياضة يتكون من السكريات البسيطة والأملاح المعدنية كالصوديوم والبوتاسيوم حيث يعمل على تعويض الفاقد من سوائل الجسم ويمنع حدوث الجفاف ويزود الجسم بالسعرات الحرارية أثناء ممارسة النشاط الرياضي وهذا ما لا يحققه مشروب الطاقة الذي يعمل على طرد السوائل من الجسم لذا يجب على الرياضيين عدم استعمال مشروب الطاقة كبديل عن مشروب الرياضة أو أثناء ممارسة النشاط البدني. وحذر المعهد الاتحادي لتقييم المخاطر في برلين من أن الإفراط في تناول مشروبات الطاقة قد تترتب عليه عواقب صحية وخيمة، مثل اضطرابات نظم القلب والتشنجات العضلية والفشل الكلوي. وأضاف المعهد أن هذه المخاطر تحدق بمن يتناول أكثر من نصف لتر من مشروبات الطاقة في غضون 24 ساعة، ولا سيما إذا تم تناولها أثناء ممارسة الرياضة بشكل مكثف. وأرجع المعهد الألماني خطورة مشروبات الطاقة إلى المواد المنشطة التي تحتوي عليها، مثل الكافيين والتاورين والإينوسيتول والغلوكورونولاكتون، مشيرا إلى أن مادة الكافيين بصفة خاصة لها تأثير سلبي في النظام القلبي الوعائي.