عبدالرحمن بن صالح العشماوي هل رأيتم نجوماً صافية الضياء، وكواكب تُشِعُّ بالنقاء؟ هل رأيتموها تتألَّق في سماء محبتنا، وتضيء أركان منازلنا، وتتراقص في أفنية بيوتنا، وتركض في شوارعنا، وتنشر أنوار السعادة في أحيائنا، وتغدو وتروح إلى مدارسنا؟؟ هل رأيتم نجوماً تضحك، وكواكبَ تلعب، هل سمعتم أقماراً تتحدَّث بأرقِّ الكلمات وألطفها، وتُطربنا بتردُّد الكلمات وتَلَعْثُمها، وتأسر قلوبنا ببراءة منطقها، وبلاغة لثغتها، تنطق السين ثاءً حين تقول «بسم الله الرحمن الرحيم» فتطربنا، وتنطق الراءَ لاماً حينما تقول «يا رب» فتعجبنا؟؟ نعم – أيها الأحبة – رأيتم تلك النجوم كما رأيناها، وأحببتموها كما أحببناها، ورعيتموها كما رعيناها، أنها نجومُ قلوبنا، وكواكب مشاعرنا، وأقمار سعادتنا، نطلق عليها اسماً آخر فنقول «الأطفال»، ونُعبِّر عن مكانتها في قلوبنا فنقول «فَلَذات الأكباد»، وقد نطلق عليها «الأولاد»، ولكنها مع ذلك نجوم صافية الضياء، وأقمار ذات سنىً وسناء، وكواكب تُشِعُّ بالنقاء. نجومنا المضيئة: تخرج منذ أول يوم في عامنا الدراسي الحافل من بيوتنا، تركض في شوارعنا متجهة نحو مدارسنا، تخرج ومعها قلوبنا وأشواقنا، ورجاؤنا وخوفنا، تتبعها نظراتنا المشفقة، ونبضاتنا الصادقة، وأفئدتنا الخافقة، وأملنا المشرق في بناء مستقبلٍ جميلٍ لوطننا وأمتنا، ورسم معالم النصر لمبادئنا السامية، وأخلاقنا الإسلامية العالية، وأهدافنا العظيمة الغالية. نجومنا المضيئة.. تستقبل أوقات الفراغ في إجازاتنا توّاقة إلى اللهو البريء والمتعة النقية تطرد عنا ظلام الأسى، وترسم في سماء حياتنا لوحةَ الأمل، وترسل أضواءها سهاماً نافذةً تخترق صدر الوجل، وتنقش على واجهة مشاعرنا حكمة الأزل، تقول لنا: لا خير في الحياة بلا يقين، ولا سعادة فيها بلا حبٍ متين. نجومنا المضيئة.. هذه البراعم المتفتحة، التي تنشر لنا أجمل النَّسمات، وتُضيء لنا أرقَّ البسمات، وتملأ حياتنا بألطف اللَّمسات، وتُذهب وحشة حياتنا بأصدق الكلمات، وتنفُذ إلى أعماقنا بأغلى النظرات، وتظلِّلنا من هجير الحياة بأغصان البراءة، وتغذينا بثمار الوفاء، وتسقينا من ينابيع الطهر والنقاء. نجومنا المضيئة.. إنها بكل ما تحمله من المعاني الجميلة، وبكل ما تزفُّه لنا من الأمل والرجاء، وما تسوقه إلينا من السعادة والهناء، لتعلِّمنا ونحن الكبار ما لا يملكه إلاَّ الصغار، صفاء القلب، وسلامة الصدر، وبراءة الكلمة، وصدق البسمة، وإشراق الأمل في حياة لا يغني فيها عن الأمل العمل، ولا يبنيها التهاون والكسل، فما أغلاها من نجوم مضيئة في حياتنا. نجومنا المضيئة.. أنها تنادينا، آباء وأمهات، ومربين ومربيات، ومعلمين ومعلمات، تنادينا كباراً وصغاراً، ولاةَ أمرٍ ورعيِّة، تنادينا جميعاً بلسان براءتها الفصيح: أيُّها الأحبة، احملوني بتوجيهكم وإخلاصكم وتجاربكم إلى عوالم النجاح، ودروب الفلاح، فأنا منكم وإليكم، وأنا لكم وعليكم، لكم إذا أحسنتم رعايتي، ورسمتم دروب هدايتي، وحدَّدتم في متاهاتِ هذا العصر غايتي، وجعلتم البيتَ محضن خيرٍ وصلاح، والمدرسة ميدان تفوُّقٍ ونجاح، وأنا عليكم إذا شغلتكم الحياة عني، وتركتم وسائل الدَّمار الإعلامي تقتل يقيني برصاص ظنِّي، وغفلتم عن رعايتي وقت طلوعي، أرجوكم لا تخذلوني، وأشكركم أعظم الشكر على حبكم الكبير، وعطفكم الوفير. نجومنا المضيئة.. هم أولادنا، أكبادنا تمشي على الأرض.. صانهم الله ورعاهم.