أصدرت محكمة في النرويج حكماً بالسجن 21 عاماً على أندريه بريفيك لإدانته بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 77 شخصاً العام الماضي. وأقر بريفيك بالجريمة التي أصيب فيها أيضاً أكثر من 240 آخرين عندما فجر قنبلة في أوسلو ثم فتح النار على مخيم صيفي للشباب في جزيرة نرويجية. ويصر بريفيك (33 عاماً) على أنه بكامل قواه العقلية، رافضاً الإقرار بالذنب بجرائمه التي اعترف بارتكابها، لكنه قال ببراءته، وبرر ارتكابها بالقول إنها كانت ضرورية لوقف "أسلمة" النرويج. وكان الادعاء العام طالب باعتبار بريفيك مختلاً عقلياً. واختلف الأطباء النفسيون الذين عينتهم المحكمة في شأن سلامة قوى بريفيك العقلية. حيث أسفر الفحص الذي أجراه الفريق الطبي الأول عن تقرير يفيد بإصابة بريفيك بمرض "فصام جنون العظمة"، بينما قال فريق آخر إن القاتل في كامل قواه العقلية. ووصف بريفيك وضعه في مصحة نفسية بأنه سيكون "أسوأ من الموت" بالنسبة له وأن نتائج التقييم النفسي الأول كانت تشكل "ذروة الذل" على حد قوله. وقال لارس بيفانغر، مراسل بي بي سي في العاصمة النرويجية، إن بريفيك لن يستأنف الحكم في شأن قواه العقلية بينما يحق للادعاء أن يستأنف الحكم. وقد شددت الحراسة أمام مبنى المحكمة في أوسلو قبيل جلسة النطق بالحكم الجمعة. وفصل حاجز زجاجي بني خصيصاً لهذه المحاكمة بين بريفيك وأقارب ضحاياه في قاعة المحكمة. وصورت كاميرات مراقبة تدار عن بعد وقائع الجلسة لترسل صورها إلى قاعات المحاكم الأخرى في مختلف أنحاء النرويج ليتسنى لأقارب الضحايا الآخرين متابعتها مباشرة. وشهدت محاكمة بريفيك التي تواصلت عشرة أسابيع شهادات مروعة من شهود نجوا من المجزرة. وقد أطلق القاتل النار على رؤوس بعض الضحايا الذين كانوا في مخيم شبيبة حزب العمال في جزيرة أوتويا من مدى قريب جداً. ونفذ بريفيك هجوماً خطط له بدقة في يوليو/ تموز 2011 مرتدياً بزة شرطة مزيفة، ثم قام بملاحقة ضحاياه وإطلاق النار عليهم في المخيم. ويتهم بريفيك حزب العمال بتشجيع التعددية الثقافية وتعريض الهوية النرويجية للخطر. وخلال مجريات جلسات القضية المتعددة لم يبد بريفيك ما يشير إلى ندمه، بل على العكس من ذلك كان يبدأ بعض جلسات الاستماع بالتلويح بقبضة مضمومة تعبيراً عن تحية الجناح اليميني المعروفة. وطالب محامو الدفاع اعتبار موكلهم مدركاً لأفعاله ومن ثم مسؤولاً جنائياً، بناء على رغبته الشخصية، حيث يخشى أن يؤدي اعتباره مختلاً عقلياً إلى التشكيك في دوافعه وأيديولوجيته التي تقف وراءها. واستقال رئيس شرطة النرويج أويستاين ميلان من منصبه في وقت سابق هذا الشهر، بعد أن توصل تحقيق مستقل إلى أنه كانت ثمة إمكانية لإيقاف بريفيك عن مواصلة ارتكاب جرائمه. وانتقد تقرير التحقيق ما سماه طول الفترة "غير المقبول" الذي استغرقته الشرطة في الاستجابة لقضية إطلاق النار ومعالجتها. وكانت هذه الهجمات أثارت جدلاً واسعاً لدى الرأي العام النرويجي في طبيعة مفاهيم التسامح والديمقراطية في البلاد.