أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي المسلمين بتقوى الله – عز وجل – والعمل على طاعته واجتناب نواهيه. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام إن النبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته من الفتن أشد التحذير، ونصح لها في ذلك أعظم النصح، وبيّن لها العمل تُجاه تلك الشرور والفتن، وسبيلَ الوقاية من خطرها حتى يكون المسلمون في مأمن منها ومعاذ، ويصبحوا في ملجأ منها وملاذ، وقد كانت تلك الأحاديث الواردة في الفتن من دلائل صدقه صلى الله عليه وسلم ونبوته، ومن دلائل حرصه على نجاة أمته، مبيناً أن من تلك الفتن مسائل الإيمان بالغيب العظمى، ومن أشراط الساعة الكبرى، وإنها امتحان وابتلاء من الله لعباده، وهي فتنة عامة تعم سائر الخلق الذين يعيشون وقت وقوعها؛ فتحل بهم وتلقي عليهم جِرانَها، منذرة بما يكون بعدها من أحداث ووقائع. وأوضح أن فتنة المسيح الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة، لشدتها وهولها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ منها وأمر بالاستعاذة منها، قال صلى الله عليه وسلم: ” ما كانت ولا تكون فتنة حتى تقوم الساعة أعظم من فتنة الدجال، وما من نبي إلا وحذر قومه الدجال”، وقال صلى الله عليه وسلم عن خروجه: ” إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ”. وأبان فضيلة الدكتور غزاوي أن المسيح الدجال منبع الكفر والضلال، ويَنبُوع الدجل والأوجال، قد أنذرت به الأنبياء قومَها، وحذرت منه أممَها، ونعتته بالنعوت الظاهرة، ووصفته بالأوصاف الباهرة، مشيراً الى إنه ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال، لا سيما في زماننا الذي اشرأبت فيه الفتن، وكثرت فيه المحن، واندرست فيه معالم السنن، وصارت السنن فيه كالبدع، والبدعة شرع يتبع. وقال حري بكل مؤمن يرجو النجاة ويخشى على نفسه من هذه الفتنة المهلكة والمحنة الفاتكة أن يكون على بينة من حقيقة الدجال وكنهِه، فله صفات دقيقة تميزه عن غيره وعلامات بارزة تدل عليه، فإذا خرج كان الناس على حذر منه فلم يغتروا بباطله ولم يخلص إلى فتنتهم، مؤكداً أن من ابتلاء الله للناس أن يُجري مع الدجال من الخوارق العظيمة، التي تبهر العقول، وتحيِّر الألباب، فهو يدعي النبوة أولا ثم يدعي أنه الإله وقد ورد من أخباره أن معه جنةً ونارًا، وجنتٌه نار، ونارُه جنة، وأن معه أنهارَ الماء، وجبالَ الخبز، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرضَ أن تنبت فتنبت، وتتبعه كنوزُ الأرض، ويقطعُ الأرض بسرعة عظيمة كسرعة الغيث استدبرته الريح. وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن من أوصاف المسيح الدجال أنه من خيار الناس أو خير الناس، يخرج إلى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول للدجال: ” أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ لا. فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ، حيث تبلغ الفتنة بهذا الأعور الكذاب أَنْ يَقُولَ لأَعْرَابِيٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَقُولانِ يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّك”، إلى غير ذلك من الخوارق التي تظهر على يديه، محنة من الله واختبارًا، ليهلك المرتاب، وينجوَ المتيقن، مبيناً أن مدة بقائه في الأرض أربعين يوماً لكن بعض هذه الأيام طويل فيوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامنا، قال الصحابة رضي الله عنهم: يا رسول الله! فذلك اليوم كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره”. وأكد الدكتور غزاوي أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إلى كيفية الوقاية من فتنة المسيح الدجال ومنها “الثبات على الدين، والتمسك بالكتاب والسنة، ومعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى التي لا يشاركه فيها أحد، والتعوذ من فتنة الدجال، وخاصة في الصلاة، معرفة الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي بين فيها صفاتِ الدجال، وزمنَ خروجه، ومكانَه، وطريقَ النجاة منه، وحفظ آيات من سورة الكهف، والزهد في الدنيا وفضول المباحات وتحذير الناس من الاغترار بها، ومخالفة أمر الدجال والفرار منه”. وحذر من إتيان العرافين والكهنة والسحرة وأمثالِهم وسؤالِهم وتصديقِهم، والبعد عن القنوات الفضائية التي تقوم على السحر والشعوذة ويسعى الكهان والدجالون في نشر باطلهم من خلالها، والترويجِ لمبادئهم بأساليبَ مختلفة، فيفتنون الناس في عقائدهم وتوكلهم على الله وأخذهم بالأسباب ليخرجوهم عن دينهم الحنيف الذي رضيه الله لنا، وعدم التساهل في وقاية الناس من الفتن العظيمة فيدخل بعضهم مواقع الشبكة المشبوهة ويتابع القنواتِ الفضائيةَ المسمومة ويظن أنه لن يتأثر؛ فإذا به يستمع لما يلقيه دعاة الباطل وأربابُ الضلال ويقع ضحية أحابيلهم؛ فيتقبل ما يبثون من كفريات وأباطيل وشبهات وأضاليل ويتبلبل فكره وتتلوث عقيدته؛ فيضل وقد يؤدي به الأمر أن يترك دينه.