من أكثر المواقف المزعجة هي مواجهة الأشخاص السلبيين، ومناقشتهم والتحدث معهم، فالساعة التي تقضيها معهم، كافية لشحنك بالطاقة السلبية، وأن تظلم الدنيا في عينك، يغفلون الإيجابيات وينظرون للدنيا نظرة سوداوية، ويلصقون بالظروف الخارجة عن إرادتهم كل تهمة، فسوء الظن مقدم عندهم، وصاحب هذه النظرة مُحْبَط مُحْبِط لمن حوله، وهو في الغالب لا يعلم هذه الحقيقة عن نفسه، يذكرك دائماً بظلام الليل متجاهلاً طلوع الفجر، ويُحب تداول الأخبار المليئة بالسلبية. فما أتعس مَن هذا حاله، حرم نفسه راحة البال، وأغمض عينيه عن الجمال، وتناسى الجوانب المشرقة، وصب تفكيره على نقيضها، فما تطيب الحياة بمثل الأمل والتفاؤل، لأن النظرة السلبية للحياة قاتلة، وهي الموت البطيء، وسبب في الكثير من الأمراض النفسية والعضوية. إن من أقصر الطرق وأيسرها للفرار من حل المشاكل، هو أن يجنح الإنسان إلى هذا الطريق، ويرمي الكرة في ملعب غيره دون أن يحدث تغيير في حياته، ولكي لا يلام في الوضع الذي يعيشه، يبدأ في كيل التهم يمنة ويسرة مشرقاً ومغربا؛ فجاره لا يريد له الخير، ومديره لا يقدر عمله، والسيارة التي اعترضت طريقه قصد قائدها إيذائه، وموظف الاستقبال تعمد تأخيره، والوضع لا يسمح بتقديم مشاريع أو مبادرات، والإدارات تتجاهل شكاوى الناس، ولا تشجع على الإبداع، وأسباب كثيرة تبرر له الجلوس متفرجاً، لأنه يظن أن الحل ليس بيده، والظروف سبب تأخره. وما أن تلوح لك فرصة، حتى يسارع في خلق العقبات في طريقك، وبث الإحباط في نفسك، يظهر لك مخاوف وعواقب ما أنت مقبل عليه، حتى لو كان كثير منها مجرد تصورات لا تحدث، متناسياً ما ستحققه من مكاسب وإنجاز. يتقدم المجتمع وينمو ويزدهر عندما تصبح النظرة الإيجابية المتفائلة سمة بارزة له، يتبادل أفراده العبارات التي تشعل روح المبادرة المتوقدة، فلم يكن الإحباط يوماً حافزا على البذل أكثر من كونه مقعداً عن العطاء، فقدوتنا عليه الصلاة والسلام مثلنا الأول في التفاؤل، حتى في أشد الظروف التي مرت بها الأمة، وحث صحابته الكرام على النظرة الإيجابية المتفائلة في جميع أحوالهم. ومسك الختام … ما أجمل أن نسمو بالهمم، ونبتعد عن المتشائمين إن لم نفلح في التأثير عليهم، ونبث روح المحبة والتفاؤل في من نمر به في طريقنا، ونعزز هذه الخصلة الحميدة في أبنائنا وطلابنا. فلا شيء أدعى لتحفيز النفوس بمثل التفاؤل بقبول العمل ونجاحه، لتتخطى الصعوبات والعوائق التي قد تعترض طريقك.