كُنّا هُناك، ونحنُ الآن هنا؛ نعملُ في صناعةِ الأقمارِ الصناعيةِ، ثم نُطلقُها” فما هي مُشكلتك معنا؟ تقولُ العربُ “مَنْ عرفكَ صغيراً حقرك كبيراً”. لم نكنْ في يومٍ صغاراً، ولكنّ غيرَنا كان يعيشُ أفضلَ مراحلهِ، وسنمضي .. وسيرفعُ الرايةَ مِن بَعدِنا مَن يستَحِقُها. دولابُ الحياةِ لا يتوقفْ، ولو توقفَ لأحرقتكَ الشمسُ، أو لبقيتَ في ظلامٍ محيطٍ ينسجمُ مع ظلامِ عقلِكَ وقلبِكْ. وقتُكُ عتادُكُ، وعادتُكُ مطيتُكُ، فلا يكُنِ الفشلُ طريقَك. حسدُكَ يُعمِيكَ، وحديثُكَ حبالُكْ، ولكَ الخَيار. سأنافِسُكَ على أرضِكَ وفي سمائِكَ أيضاً. تَعلّم أن تكونَ منافِساً شريفاً، فحينها سيكونُ لنصرِكَ طَعم وقيمة، وسأُهنِئُكَ بما كنتَ لهُ أهلاً، لِذا لا تزرعِ الشوكَ في طريقي لتحتفلَ بالنجاحِ المزعوم. تَسابقْ معي ونافِسني منافسةَ رجلٍ لرجل، ولا تحاولْ أن تَفهَمَ أن أحدَنا يَمْلِكُ داحِس والآخر يَمْلِكُ الغَبْرَاء. بدلاً مِن محاولَةِ تعكيرِ المياهِ برميِ الأحجارِ، وقَتْلِ الثمارِ بقطفِ الأزهار، قُمْ معي برعايةِ البذورِ لتكونَ في يومٍ مِثْلَ تِلكَ الأشجار، قد تُنْهَكُ في يومٍ وتَسْنِدُ ظَهْرَكَ على إِحَداهَا، أو تَسْفَعُكَ الشَمْسُ، فتكون لَكَ مَلَاذًا. صَدِقني .. إن انشغالَكَ بما أفعلُهُ يُأَخِّرُ تقدُمَكَ، وانشغالُكَ بما أقولُهُ يُشَتِتُ ذِهْنَكَ، وانشغالُكَ بما أكتُبُهُ يَحْرِف قَلَمَكْ. تَعَلَمْ ما يُسمى بِعقليَةِ الوَفرَةِ، وانبُذْ عقليَةَ النُدْرَةِ، فالقمةُ تتسِعُ للجميع. سابِقني، وحينما تَسقُطْ .. سأُساعِدُكَ على أن تقِفَ بجانبي. لا تَسقُطْ من موازين أهم بكثيرٍ مِنْ الوقوفِ على منصاتِ التتويج؛ فالأخلاقُ وعلى رأسِها حُبُّ الخيرِ، والعدلِ والنزاهةِ أفضلُ مِنَ الحصولِ على ميداليةٍ ذهبيةٍ، تُعلقُ على قلبٍ أسودٍ وصدرٍ حسود. يقالُ: “أزهدُ الناسِ في العَالِمِ أهلُه” فلا تَزْهَدْ في قريبِكَ، أو صديقِكَ، أو أخيكَ في الإنسانيةِ، لمجردِ أنكَ ترى نفسَكَ أحقَ منهُ، بمقاييسكْ. قُمْ بتغييرِ تلكَ المقاييسِ، فَفِيها يَكمُنُ الشيطانُ، ويتراوحُ مطففاً، بين وفاءٍ وإنقاص. أخيراً، تقولُ الحكمةُ ” لا تُجلسْ أطفالَكَ في حلقةِ المأتم”، أي؛ إنْ لَمْ تستطعِ الخروجَ من تلكَ الدوامةِ، فلا تَجُر لها مَنْ تُحِب. فهد بن جابر @FahdBinJaber