نعى عدد من المثقفين والكتاب والصحافيين الزميلة القاصة شمس علي التي رحلت أول من أمس بعد معاناة شديدة مع المرض. وعبر هؤلاء في كتابات ل«الحياة» وفي مواقع التواصل الاجتماعي، عن فقد حقيقي تركته الراحلة في نفوس من عرفها صحافية مثابرة وقاصة مبدعة، عملت الزميلة الراحلة شمس في «الحياة» أعواماً قبل أن تتركها، لتكتب زاوية أسبوعية «الجزيرة»، ثم عملت في صحيفة «العربي الجديد»، كما كتبت ونشرت نصوصها في عدد من المجلات مثل «القافلة» و«المعرفة» و«الجوبة» و«حقول» و«قوافل». و«العربي» الكويتية و«دبي الثقافية» و«نزوى» العمانية و«البيان» و«دارين». شاركت في عدد من الفعاليات والملتقيات الثقافية، لها مجموعتان قصصيتان هما «طقس ونيران» و«المشي فوق رمال ساخنة». نالت المركز الأول في مسابقة نادي تبوكالأدبي عام 2007، إضافة إلى فوز بعض قصصها في مسابقات ثقافية عدة كمسابقة بي بي سي إكسترا بالمشاركة مع مجلة العربي الكويتية عن قصتها «طقس ونيران»، كما فازت مجموعتها الثانية «المشي فوق رمال ساخنة» بجائزة أبها عام 2008، وأدرجت واحدة من قصصها في أنطولوجيا القصة السعودية، ولها نصوص مشاركة في كتاب «نيسابا». كتب الدكتور عبدالله الغذامي في حسابه بتويتر: «تغمدها الله بجنات نعيمه. صحفية ذكية. وشعلة نشاط وحيوية. فقد هاتفي صوتها من مدة واستوحشت لغيبتها. وها هو الخبر جاء لينهي قصة نجاح ومثابرة». أما الكاتبة سالمة الموشى فكتبت: «رحم الله شمس علي. كانت من أنبل الناس. إلى نور وسلام روحها الطاهرة». وقالت الشاعرة شقراء المدخلية: «لا حزن يدوم ولا سرور. بقدر سعادتنا بفوز مبدعينا البارحة. نتوجع اليوم لفقد العزيزة شمس. رحمها الله وجعل ما أصابها كفارة لها». واستدعت الشاعرة هيلدا إسماعيل آخر لقاء بالراحلة، إذ قالت: «يا رب رحمتك وعفوك ورضاك... آخر كلامها لي في مهرجان الشعر: عشت أيام صعبة يا هيلدا. هل ارتحت الآن يا شمس». وقال الكاتب الصحافي فاضل العماني: «استطاعت هذه الأديبة المملوءة إنسانية أن تحفر لها اسماً غائراً في عمق المشهد الثقافي الوطني، على رغم ابتعادها بوعي عن كل مظاهر الصخب والأضواء والصراع التي شكلت وما زالت بنية وتوجه هذا المشهد الثقافي المأزوم. شمس علي، القاصة والكاتبة والباحثة والمشتغلة بالشأن الثقافي، كانت تعي جيداً مكانة وخطورة وتأثير الحرف، ولم تنسق مطلقاً لكل موجات الاستعراض والتملق والنفاق، التي كانت وما زالت سمة هذا العصر، والمشهد الثقافي تحديداً. تدرجت شمس علي في عالم الصحافة الذي اعتبرته عالمها الأثير، على رغم انشغالها بالعديد من الأنشطة والعوالم الأخرى، ولكنها استمرت بوفاء للصحافة، تحريراً وكتابة وتدريباً. كما حرضتها الصحافة على الالتفات لبعض المجالات الأدبية التي وجدت فيها روحها الشفافة، وكانت القصة ركنها الهادئ الذي أبدعت فيه وحققت فيه ذاتها». وأضاف: «رحلت شمس علي بهدوء وصمت وسكينة، تماماً كما كانت تحيا حياتها، تكره الضجيج والصخب والشهرة، ولكنها بما قدمت من عطاء وثقافة وإبداع، ستبقى في عمق الذاكرة الثقافية الحقيقية. كما أتمنى لو يُخلّد ذكرى شمس علي التي أعطت الكثير لوطنها، على رغم حياتها القصيرة، وذلك عبر وضع اسمها على مركز أو ملتقى ثقافي، وهذا أقل تكريم لمبدعة فضلت الرحيل في بداية الألق». هزت وجداننا وقال الكاتب محمد الحمزة: «شمس علي رحلت عن الحياة لتبعث فينا الحياة، صدمت قلوبنا وهزت وجداننا بفراقها، شمس غابت ونجم أفل، لا يزال صوتها الموجوع يرن في أذني في حفلة تكريمها قبل أشهر عدة. شمس علي من الشخصيات الفريدة التي حملت على عاتقها الدفاع عن حقوق الصحافيين والكتاب، فكان لها هذا الاهتمام الملموس والواضح، وعبر نشاطها الكتابي أنتجت لنا طقوساً ونيراناً ومجموعة المشي فوق رمال ساخنة، سطرت فيها درراً وفنوناً قصصية كانت محط اهتمام النقاد والمهتمين.. رحم الله شمس وجبر الله قلوب أهلها ولنا في بقاء أثرها سلوة عن فراقها». أما عضو مجلس الشورى نورة المري فقالت: «لن أنسى أمنيتها النبيلة عندما طلبت مني أن نتكاتف من أجل المطالبة بوضع ضوابط لحماية حقوق الصحافيين وكتاب الرأي المتطوعين». وكتبت رجاء بوعلي قائلة: «هكذا تنطفئ الشموس من صدر السماء، يتلاشى منها الوهج والعطاء، ينهار الإنسان المُتمرد على الأشياء، يتحول فجأة لقطعة لينة من العجين الناعم أو الماء المنساب، فما أقسى من أن تُسابق الزمن فيسبقك وتحلم بالإنجاز فينجز بك الموت حلمه. بعض الأحداث تعبر عبوراً صامتاً وبعضها يعيث فيك بصمته، بهذه الصورة تلقيت نبأ وفاة الأخت الإعلامية والقاصة شمس علي الحمد هذا الصباح. قوي هو الإنسان بصحته، ضعيف بمرضه، فلله القوة وله البقاء والكمال، هكذا عرفت الراحلة شمس علي، في أول حديث لنا حدثتني عن ضمور مجتمعنا تجاه دور المرأة، واحتضان المجتمعات الأخرى لها، وكانت تتحدث بصوتها الرقيق وعنفوانها الأبيّ عن طبيعة المثقف وطقسه، وكنت أختلف معها حول الطقس! نعم اتفقنا في المبدأ واختلفنا في طريقة التعبير عن الطقس الثقافي. تركتها قوية وعدت أودعها ممددة على الفراش في الزيارة الأخيرة، وأعرف أنها زيارة الوداع، الذي لم أفرط في القيام بواجبه لكي لا نلوم الموت بأنه باغتنا، كنت أشكره لأنه أنذرنا لنقوم بواجب الوداع قبل لحظة الفقد. هكذا تجد نفسك ماثلاً أمام جسدٍ ما عاد قادراً على الوقوف، بعد أن كان مُحلقاً بجناحين، نظن أننا أقوياء وماهرين في احتواء المواقف الصعبة فُتفاجئنا ذواتنا بضعفها وعجزها عن مُجاراة الحدث، عندما نظرت إليها مُستلقيةً، كأن كياناً بداخلي تجمد عن الفعل المناسب والتعبير اللائق، لأبتسم ابتسامة صفراء أدعو لها بالشفاء، وأتفاجأ بإيمانها وحلمها في الشفاء والعودة لإكمال ما بدأته من كتابة.. هكذا يموت الكُتاب المُخلصون للقلم وهم يُمنوا أنفسهم بعودة الصحة ليتمكنوا من مزاولة بعث الرسائل عبر أوراقهم! وواصلت تصنعي الأصفر بالحديث والتبسم مع الزائرات كي لا أجرح صبرها بدمعة قد تتسلل خلسة هاربة من معتقلها الباطني، وانتهت الزيارة لأودعها بكلماتٍ طيبة خالية من يقين الرجوع مرة أخرى... خرجتُ من بيتها وقلبي ممتلئ بالرحيل، وحافظت على ابتسامتي فلم يكن مناسباً الانفجار بالتعبير حينها، أما الآن وقد غابت الشمس مرتين هذا اليوم، أتيت لأنفجر على هذه الورقة وأعبر عن ألمي على الراحلين». بقيت صادمة وقال جاسم المشرف: «أشرقت على الكتابة كالصبح واثقة الخطى واضحة الرؤية عارفة بقدراتها معتزة بذاتها، وسرعان ما انكسفت كسوفاً لا صلاة الآيات تعيدها ولا مناجاة الضارعين تستردها. غابت عن عالمنا لتشرق في عالمها الآخر. لم يستفزها شبق الأضواء لأن تتزلف لهذا أو تتقرب لذاك، ففيها من الثقة والشموخ وعزة النفس ما يكفي لتزهد في زيف الشهرة والظهور. فيها من الصدق والوضوح ما يكفي لتحس بنبض رأيها وموقفها، وفيها من الصفاء ما لا يحتمل كدورة التحامل على أحد. بقيت صامدة متحملة عناء همها ومرضها، تبتسم لتخفي وراء ابتسامتها ما لا يحتمل من وجع. لم تشغلها الكتابة الصحافية والقصصية ومتابعة المشهد الأدبي والثقافي عن الثوابت الدينية الواعية التي نشأت ودرجت عليها. شمس علي أنموذج للفتاة التي انفتحت على الحياة بمسؤولية واقتدار بوعي وبصيرة، تعاملت مع موهبتها كهبة إلهية تقتضي الشكر. لم تكن تتحرك وفق متطلبات العمل الصحافي الصرف الذي يلهث وراء السبق من دون أن تستوقفها الأحداث وتتأملها». وأضاف: «حينما كنت مشرفاً على إدارة أحداث العمل الإرهابي بالدالوة والعنود كانت تتواصل معي تواصل الأخت المواسية لا الصحافية الحريصة على تقديم ما يلفت المتلقي، وإن كان ما قدمته ملفتاً وفريداً. ترسل لي بين الفينة والأخرى بعض ما تنشره وما كتب عنها فأبدي ما لدي من رأي وملاحظة فتتقبله برحابة صدر وامتنان من انتشى بالضياء». وذكر المشرف أنها «منذ عامين وهي تساءلني الدعاء بإلحاح من انقطع رجاؤه من كل شيء عدا الله تعالى فيأخذني الفضول عن طلبتها وأملها وألمها الذي أحسه في نبض حرفها، فألمح لها إلماحة البليغ من طرفي خفي فتنعطف بي عن همها نحو همومنا الكبرى فأفهم مرماها، حتى كشر المرض عن أنيابه بشراسة لم تعد قادرة على احتمال مقاومته فأظهر ما أخفت وأبرز ما سترت: القاصة شمس علي مصابة بالمرض الخبيث وفي مرحلة متقدمة. أعدت قرأت رسائلها فانكشف ما لم أستطيع تفسيره، وكبرت في عيني تلك التي استغرقت في التوجع على مجتمعها مؤثرة شكواه على شكواها. أخي وصديقي زكريا أعرف أن ثمة بقعة واسعة غابت عنها شمسك ولن يضيئها شيء ولكن بعين الله ما أنت فيه، واعلم أنها هناك حيث تمهد لك ذلك الطريق الطويل بوضاءة إيمانها وصبرها فصبرٌ جميل». وتقول الصحافية زينة علي: «مثل هذا الغياب المفاجئ للزميلة شمس علي صدمة مؤلمة فعلى رغم قلة التواصل بيننا إلا أنها تحتل مكانة مميزة أظنها تحظى بها لدى كل من عرفها، فمع شيوع خبر رحيلها سمعت من الزملاء عنها وفيها ما يؤكد مكانتها لدى جميع من عرفها. شمس علي التي عرفتها قبل أكثر من عقد أديبة ومثقفة وتبادلت معها الحديث مطولاً منذ أول لقاء حين سألتني عن طريقة التواصل مع الصحف للكتابة معهم فظننت بأنها ستظهر كاتبة لا صحافية تلاحق الخبر، بعد أسابيع قليلة بزغت شمس صحافية لامعة تكتب في الأدب والثقافة، لتتورط في مهنة المتاعب وتصارع وتدافع عن زملائها الصحافيين عبر حملتها متعاونون، التي كانت مبادرة شجاعة منها للمطالبة بحقوق الصحافيين المتعاونين في علاقتهم مع الصحف». طورت إبداعها وتمضي قائلة: «شمس الأديبة لم يؤثر عملها الصحافي الذي امتد من الثقافة والأدب لجميع أقسام العمل الصحافي على إبداعها الأدبي، فحافظت على ملكتها الأدبية وطورتها حتى استحقت الفوز على أكثر من صعيد، وبرزت صحافية مميزة من دون أن يغلب هواها الأدبي على لغة الصحافة المباشرة، ولا أن تقتل تلك المباشرة لغتها الأدبية. رحم الله شمس علي فقد مرت كإشراقة جميلة على جميع من عرفها، ورحلت كما تغيب الشمس لتشرق في جنان الخلد، وتقول الصحافية شادن الحايك: «شمس كان لها من اسمها نصيب، موجع أن اتحدث عنها بصيغة الماضي. لم تكن شمس من الشخصيات التي تمر من دون ترك أثر، لا بد أن تستوقفك، الهدوء أول انطباع عنها، حين تتحدث تشعرك بأن كل الأمور بخير وإلى خير. في اتصالها وسؤالها حماسة كبيرة تشعرني بأن السنوات والمواقف لا تذهب من الذاكرة، جمعنا العمل وكان قبله وبعده العلاقة الإنسانية. رحيلها صادم على رغم معرفتي بوضعها الصحي، الكثير من الدعاء كان لها أخيراً لتنهض لتتعافى، وكان لها الرحيل. نصحتني مراراً: انتبهي الضغط يا شادن مستعجلة على الموت لم تخبرني بأنها أكثر عجلة! لروحها ألف رحمة وربط على قلوب الفاقدين بالصبر». وتقول ألباب الكاظم: «كتبت شمس قصصاً ومقالات عديدة، استبطنت فيها آلام الآخرين، وعبّرت عن معاناتهم، وانتقدت هذا الواقع المعقد والظالم، فمرة عن أحلام ضائعة لفتاة، حُرمت من نيل أبسط حقوقها، وأهم فرصها، في التعليم الجامعي، وأخرى حول الواقع الثقافي في مراراته، وخيباته، ووضعية أنديته البائسة، القضية التي طالما شغلت بها، وسخرت لأجل هذا الإصلاح الفردي والمجتمعي والثقافي، قلمها، وذاتها.. فكانت بحرارتها الجوانية تجدف بواقعها، نحو ضفاف الحنان، ويجّدف هو بها نحو الجفاف والإحباط». وتضيف: «تناقشنا مرّات عن معاناة الكاتب في هذا البلد، وحقوقه الضائعة، وعندما أطلقت حملتها الإعلامية لأجل نيل حقوق الصحافيين المتعاونين، طلبت مني الانضمام إليها، فرفضت في حينها، فاستغربت واستفسرت عن السبب، ولما قلت لها لأني أعرف سلفاً أنها لن تحقق نتائجها، فلماذا أدخل في شيء نتيجته معروفة لديّ، واقترحت عليها، ما سينفع فعلاً لو أنها عملته، فردّت عليّ، بأنها قررت في نفسها، إن لم تنفع هذه الخطوة، فستلجأ إلى هذا الحل البديل في المرحلة الثانية، فقلت لها، عندما تصلين إلى المرحلة الثانية ضعي اسمي ومن دون سؤال، فضحكت كثيراً، ضحكت بدفءٍ شديد، واتسعت حملتها وتجاوزت الحدود وشكّلت شبكة من مختلف البلدان والأجناس، ثم رحلتِ يا شمس بعدما أدركت سرّ الخلود، وعرفت أن صاحب الكتاب لا يموت.. وإن نجحت في ترويض الموت، فقد فشلت يا أختي الغالية، في حبس دموعي على رحيلك». وكتبت إيمان دعبل قصيدة تقول فيها: «أحقاً حان يا (شمس) الغياب!؟/ رحيل ليس يعقبه إياب؟!/ أحقاً تغربين.. بلا شروق؟! أسائلها فلا يأتي الجواب/ وتعجل خلفها نور شفيف/ وفي أحداقنا اندلع الضباب/ أمد لها يدي بأن تعالي/ نعاك الحبر.. ناداك الكتاب/ ولكن كالفراشة قد سباها/ ضياء شع.. للجنات باب/ وندري للكريم مضت بشوق/ ولكن كم يعذبنا المصاب/ حنانيكِ.. انتظر يا موت.. مهلاً../ وهل يجدي لدى الموت العتاب!/ تغادرنا وتستبقي سناها/ فشمسٌ ليس يحجبها السحابُ». وكتبت نورة النمر: «بعطاء أم روحية، وعرابة لمحبات الأدب بشتى ألوانه وبتفاؤل طفلة تُبحث عن الجمال والحياة. وببراعة أديبة مقتدرة. وبمثالية مميزه تبحث عن الرقي والتميّز، كانت خطواتها تترك ورائها حقولاً غنيّة بأنواع الجمال، نصوصها ومقالاتها المحلقة، وأسلوبها الجميل».