لم يطفئ الخطاب الذي ألقاه الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، على شعبه مساء الجمعة الماضي، لهيب الاحتجاجات المتزايدة وغليان الجبهة الاجتماعية في الجزائر، بقدر ما زادها غلياناً وأكثر اشتعالاً، حيث شهد هذا الأسبوع العديد من الاعتصامات والمواجهات بين الشرطة ومتظاهرين من قطاعات مختلفة، حيث صاحب الاحتجاجات تعزيزات أمنية مكثفة انتشرت في شوارع العاصمة. ففي دار الشعب بالعاصمة، تجمع العشرات من متقاعدي قطاع التربية أمام مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين، للاحتجاج على قرارات إخلاء السكن الوظيفي التي يقطنون به دون إيجاد حلول بديلة لهم. وفق ما صرح به غالب غوري، الأمين العام للنقابة الوطنية لمتقاعدي التربية، لموقع CNN بالعربي، فإن "ما يزيد عن 10 آلاف معلم متقاعد سيكون مصيره الشارع، إذا لم تسوى الأمور." وتساءل غوري قائلا: "كيف يعقل أن يجد المعلم نفسه وعائلته في الشارع بعد أكثر من 30 سنة في تربية الأجيال؟" وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم حولت العديد منهم إلى القضاء. هذا، ومن جانب آخر، أنهى في ساعة متأخرة من الليل الثلاثاء طلبة قسم الصيدلة بالجامعة المركزية احتجاجهم، الذي نظموه للمطالبة بقرارات تحل مشاكلهم البيداغوجية، والخاصة بمنحهم درجة الدكتوراه في الصيدلة، مع خلق عدد من المناصب للطلبة المقيمين، وفتح تخصص في مجال الصيدلة الصناعية. إلا أن قوات الأمن منعتهم من الخروج من أسوار الجامعة وتنظيم مسيرة نحو مقر قصر الحكومة قصد إيصال مطالبهم. الطالبة حسينة، من قسم الصيدلة، تحدثت لموقع CNNبالعربية من وراء باب الجامعة، وقالت: "نحن في إضراب منذ 23 فبراير / شباط الماضي، وفي كل مرة يلتقي وفد منا بممثلين عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويتلقون مجرد وعود من دون أن تتحرك السلطات العليا وتتجاوب مع مطالبنا." وشملت الاحتجاجات قطاع الأطباء، حيث اعتصم المئات منهم أمام وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، برفقة الأطباء المختصين المتخرجين حديثا، للاحتجاج من أجل إلغاء الخدمة المدنية، وإلغاء النظام الجديد في التوظيف، والذي يقوم من خلاله الطبيب المتخرج حديثا بملء استمارة على الانترنت، وانتظار الرد من طرف الوزارة المعنية، وهي الطريقة التي اعتبرها المعتصمون غير شفافة مطالبين بالعودة إلى النظام القديم للتوظيف. احتجاجات الأطباء دفعت الأمين العام لوزارة الصحة لاستقبال عدد منهم إلا أنه يبدو أنه لم يتم الاتفاق، إذ رفعوا فور خروجهم شعارات تندد بوزير الصحة الجزائري، جمال ولد عباس، كما علقوا رايات جاء فيها "الأطباء في جحيم والناس في نعيم،" وأيضا "يا ربي أنظر إلينا ولد عباس ماذا فعل بنا." وكان بوتفليقة قد ألقى خطابا الجمعة تضمن الإعلان عن إصلاحات سياسية في بلاده، طالت تعديل الدستور وقوانين الأحزاب والانتخابات، وتعهد بإجراء تعديلات تشريعية وإشراك كافة الأحزاب في صياغة قانون للانتخابات. وقال بوتفليقة أيضاَ إنه سيعمل على إدخال تعديلات تشريعية لتعزيز الديمقراطية في بلاده، مؤكداً أن "المطلوب اليوم هو المضي قدما نحو تعميق المسار الديمقراطي وتعزيز دعائم دولة الحق والقانون وتقليص الفوارق وتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية."