أعلنت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيعلن قرارات مهمة تتعلق بتعميق المسار الديموقراطي وتعزيز دعائم دولة الحق والقانون وتقليص الفوارق وتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك في خطاب للأمة كان مقرراً ليل أمس. ويأتي ذلك فيما أخلت قوات الأمن الجزائرية ليل الخميس- الجمعة ساحة الشهداء وسط العاصمة من العشرات من عناصر «الدفاع الذاتي»، وهم مدنيون سلحتهم السلطات لمساعدتها في مكافحة الإرهاب في التسعينات. عن خطط الإصلاح التي أقرها بوتفليقة، قالت مصادر حكومية إن الرئيس الجزائري سيعلن تفاصيل «إصلاحات سياسية» تبنى على أساس «مراجعة جذرية للدستور» الجزائري، الذي يصفه سياسيون جزائريون ب «دستور مرحلة أمنية». وكشفت المصادر عن أن بوتفليقة أرجأ خطابه مرات عدة حتى يخف صوت أحزاب معارضة رفعت شعارات «إسقاط النظام». وقالت الرئاسة الجزائرية امس إن بوتفليقة سيتوجه الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي بخطاب للأمة عبر التلفزيون الحكومي، موضحة أنه سيعلن قرارات مهمة تتعلق بتعميق الديموقراطية وتعزيز دعائم دولة القانون وتقليص الفوارق الاجتماعية وتسريع التنمية الاقتصادية. ولم يسبق للرئيس الجزائري أن أعلن مسبقاً عن خطاب للجزائريين أو محاوره الكبرى، وتسربت أنباء متقطعة عن توجه بوتفليقة للجزائريين بخطاب إصلاحات سياسية. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن الرئيس فضل انتظار ما ستطرحه الساحة السياسية من تطورات. ويعرف عن بوتفليقة نفوره من الخطابات المحسوبة ضمن خانة «رد الفعل» ويتبع سلوكاً سياسياً يحاول من خلاله الظهور في موقع «صاحب المبادرة». وشهدت الجزائر حراكاً سياسياً واجتماعياً منذ بداية العام الجاري، لكن الأحزاب التي رفعت شعار «إسقاط النظام»، لم تحقق التعبئة الشعبية الكافية، في حين ظهرت مطالب اجتماعية كثيرة تجسدت في اعتصامات ومسيرات شملت جميع القطاعات ولا تزال شوارع العاصمة تشهدها إلى اليوم. ولامت الصحافة الجزائرية بوتفليقة بشدة عن عدم إبدائه رأياً واضحاً في شأن المطالب السياسية المرفوعة. وقرر الرئيس رفع حالة الطوارئ تحت الضغط، لكن المعارضة تطالب بحريات سياسية وإعلامية أوسع. وبعد خطابه يفتتح بوتفليقة مراسيم، تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية في أقصى الغرب الجزائري. وربطت الرئاسة الجزائرية، خطاب بوتفليقة للأمة، بما أكده في السابع من آذار (مارس) الماضي في رسالة وجهها بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، حين ذكر أن القرارات التي تم اتخاذها مؤخراً على المستويين الاقتصادي والسياسي تهدف إلى تعميق المسعى الديموقراطي التعددي وتوسيع مجال الحريات وفتح الآفاق أمام الشباب للتعبير عن آرائه وأفكاره وطموحاته للعيش في كنف السلم والرقي. ولا يتوقع سياسيون أن يجانب خطاب بوتفليقة ملف تعديل دستور البلاد، وروج للفكرة حليفان كبيران له، وهما عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (الغالبية) وأحمد أويحي، الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي. وكان لافتاً أن كلاهما مهد «للإصلاحات» من باب أنها «لا تتم تحت الضغط»، وهي الرسالة التي أرادت الحكومة تمريرها قبل أي خروج محتمل لبوتفليقة لإعلانها. ويرغب الرئيس الجزائري، في مراجعة الدستور بالشكل الذي تخرج صورة النظام القائم في شكل نظام رئاسي. ويوصف النظام الساري المفعول بغير المفهوم والذي تتداخل فيه الصلاحيات، فالوزير الأول، رئيس الوزراء، مسؤول أمام البرلمان وأيضاً أمام الرئيس، ورغم التعديلات الخمسة التي أدرجت في 2008 والتي سمحت لبوتفليقة الترشح لولاية ثالثة، فإن السلطة التنفيذية يبدو أنها لا تزال تحت سلطة رأسين، هما رئيس الجمهورية والوزير الأول، مع أن تصريف شؤون الدولة حولت تماماً لمجلس الوزراء الذي يرأسه بوتفليقة. وداخل أجنحة النظام، استقر الرأي على أن «ناتج الطبقة السياسية الموجودة في الساحة اليوم لا يمكنها تحمل نظام برلماني». وقال مصدر ل «الحياة» أن مسؤولاً كبيراً قال في اجتماع رفيع «لو نذهب إلى نظام برلماني أتوقع أن تسقط الحكومة كل شهر». ومن جهة أخرى، فرقت قوات الأمن، اعتصاماً للعشرات من عناصر «الدفاع الذاتي»، وهي فرق مدنيين سلحتهم السلطات في التسعينات ل «محاربة الإرهاب». وبدأت الشرطة إخلاء ساحة الشهداء بقلب العاصمة الجزائرية ليل الخميس - الجمعة، حيث جلبت حافلات نقلت المعتصمين إلى محطة المسافرين بالخروبة التي تضمن رحلات برية لجميع الولاياتالجزائرية. ووافق المعتصمون على المغادرة على مضض، بعدما استقبلهم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح وتسلم منهم لائحة مطالب ووعدهم بالنظر فيها. ومن مطالب أعوان الدفاع الذاتي، ضرورة سن قانون أساسي خاص بهم، ورفع الراتب الشهري، والتكفل بالمرضى والمجروحين خلال تأدية المهمات، والحصول على منحة الأخطار، والتقاعد المبكر مثل أعوان الجيش، والاعتراف بتضحياتهم عن طريق تصنيفهم كمجاهدين وشهداء.