أبرزت دراسة بحثية حديثة أنّ النجاح الذي تشهده الشركات العائلية في بقاع العالم الأخرى ينعكس بشكل حاد في هذه المنطقة. فالشركات العائلية لا تزال في هذه المنطقة تمثل 70% من شركات القطاع الخاص وتوفّر فرص عمل لعدد كبير من السكان. واضافت الدراسة التي اجرتها شركة الماسة كابيتال، أن الشركات العائلية كانت فاعلة جداً بسبب قيامها على أسس تقليدية ممزوجة بالتكنولوجيا الحديثة ومدعومة بالافتخار باسم العائلة. وأظهرت الدراسة أيضاً أنّ منطقة الشرق الأوسط تضمّ اليوم ما يقارب 5000 شركة عائلية متوسطة وكبيرة الحجم ترتفع قيمة صافي أصولها إلى 600 مليار دولار أميركي، تمثل 75% من شركت القطاع الخاص وتوظف 70% من القوى العاملة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ، والأمثلة التي تثبت ذلك لا تُعد ولا تحصى ومنها مثلاً شركات عائلة الراجحي في السعودية، عائلة الغرير والفطيم في الإمارات العربية المتحدة، عائلة الخرافي في الكويت، عائلة كانو في البحرين وعائلة ساويرس في مصر. وتجدر الإشارة إلى أنّ مؤسسات هذه العائلات جميعها تتمتع بتاريخ مشترك حيث احتلت مرتبة الريادة في الوقت الذي كانت فيه المنطقة غير متطورة بما دفعها إلى بناء أمبراطوريات بشكل تدريجي بالاعتماد على جسم إداري مرتكز على الروابط العائلية. ففي ذلك الحين، كان اسم العائلة جوهرياً وأساسياً وهو الذي كان محفزاً للوفاء والثقة. وبما أنّ أصحاب هذه الشركات كانوا أيضاً مميزين عن غيرهم، استطاعوا أن يكتسبوا عدة امتيازات لإنشاء بيئة تجارية حية وناشطة. وفي هذا الإطار، يشير بحث شركة الماسة إلى أنّ الأصول الخاصة بهذه الشركات تساوي اليوم بالإجمال ما مجموعه 600 مليون دولار أميركي. وفي حين استمتعت هذه الشركات بالتداعيات الإيجابية التي خلّفتها سنوات الازدهار، تبقى اليوم بحاجة إلى إعادة ترتيب أولوياتها ومواجهة التحديات التي تفرضها العولمة والمنافسة من الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات. وبالإضافة إلى ذلك، لم تعد الشركات العائلية اليوم قادرة على السير في الاتجاه الذي اعتمدته في السابق لأنّها باتت تحتاج إلى مهارات جديدة ليست متاحة إلا في السوق المفتوحة التي توجب الاستثمار فيها. ولكنّ أكثر ما يثير القلق في هذا التقرير هو أنّ البحوث التي أجريت في الماضي تشير إلى أنّ شركة عائلية واحدة من أصل عشر شركات تنتقل إلى الجيل الثالث. كما أنّ الشركات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي شركات كبيرة بحسب المعايير العالمية على اعتبار أنّ معدل حجم الشركة العائلية الواحدة يساوي تقريباً ضعف المؤسسات المشابهة لها في كل من الولاياتالمتحدة الأميركية والمملكة المتحدة. نتيجة ذلك، يمكن أن تنشأ اليوم عن الشركات العائلية الكبيرة الحجم نزاعات أو خلافات كثيرة. وفي المقابل، يمكن أن تؤثر هذه الخلافات والنزاعات سلباً على حياة الشركة وأدائها أو حتى إنّه يمكن أن تهددها بالانهيار الذي بدوره يضعف قاعدتها الأساسية. وانطلاقاً من هنا، بدأت تواجه الشركات العائلية مشكلة عدم الحصول على الائتمانات.