بقلم | د. حياة الهندي وتغتالنا الذكريات من أفق رحيب إلى أفق ضيق لتحبسنا داخل أغلالها، وتطوقنا فيها، تسلخنا من عوالمنا إلى منفى نتجذر فيه وتنبت حدائقنا وغاباتنا ، ونحن معه وبينه نسترجع كل الذكريات المحفورة التي ظننا أنّها ستثمر فلًا وريحانًا فلم نجني غيرشوكًا وحنظلًا وعض بنان. هناك تركنا أغلى ما نملك ، وطفقنا في الأجواء نستلهم من أعتى الخيبات سلالم لنرتفع ونتسامق على جراحات تشب في داخلنا تشعلنا فلا يخمد لهيبها، ولانُطفىء نحن! ومابين فقد وغياب وحضور وسكون وضجيج واطمئنان مشاعر تورق وأحاسيس تؤرق وبعثرة في كل مكان، تبقى أساطين الوجع تلتف حول أدمغتنا لتسكب على ردهات الورق لوحةٌ شعرية من أنغامٍ تسللت إلينا لحلم رأيناه ، لإحساس لثمناه، فرحلنا صوبه نحسب أنه يجيد ضبط دوزنتنا فوجدناه مبعثرًا أنى له أن يضبط دوزنته ليضبطنا! هيهات هيهات أن تنتظر من القاطف أن يمنحك محصوله، وقد كد وجدّ ليجمعه، وأي فكر وأي رقي تحمله لتطلب منه حصاده ؟ احصد بنفسك سنابل قمحك، واضبط دوزنتك، وأعد لملمة ما تلاشى منك وتبعثر، واحتفظ بأجمل إحساس عشته داخل تلك القوارير الزجاجية المغلفة بإطار من الورد الجوري الأحمر لتقدمه تلك الطروب لتلك المنتظرة من مئات السنين لذاك الفارس الذي أطال الوقوف أمام الباب ولم يلج حتى اللحظة لضبط الدوزنة لنتعلم من الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن أصلها وفصلها حين قال المحبة أرض .. والفرقا أراضي والزمن كله ترى لا غبت ماضي .. والله إني ما أشوف إلا عيونك إن رحلت اليوم أو طوّل مراضي .. والله إني مابكيت إلا عيونك فوق خدي كحلها والدمع فاضي قالوا العذّال .. والعذّال مرضى !! وش بلا حالك من الأشواق قاضي قلت يهجرني حبيبي لين يرضى علّم الظالم ترى المظلوم راضي وجرّحوني في هواك وقلت أبشكي ماهو من جرحي .. ولكن لاعتراضي وش عليّ لو قطعوا لجلك عروقي من رضى بالحب يرضيه التغاضي