كان المجتمع السعودي يعيش في الأعوام الماضية في رتم معين وروتين جامد ليس فيه جديدا ولا مبتكرا، من البيت للمسجد للعمل للتسوق في حركة هادئة شبه صامتة .. حتى تفجرت الأفكار والرؤى والأزمات الاقتصادية وتحركت البوصلة بسرعة فأحدثت هزة اقتصادية واجتماعية مفاجئة جعلت الكل يفكر ويحلل ويطرح ويناقش في صخب عم العقول والمنازل، لتلد فكرة الرؤية 2030 والتحول الوطني في كل مناحي الحياة ولتحدث حالة تجاوزت المحلي إلى العربي والعالمي إضافة إلى الأحداث المتسارعة السياسية والأمنية والاقتصادية جعلت المجتمع يعيش اللحظة بين متوجس ومتفائل من هذه النوازل المتلاحقة ، كل ذلك حدث على الورق وفي الإعلام وشعارات مزركشة لا أكثر إلى الآن ، ومع ذلك نقول: أمرنا إلى الله نشوف . ومفهوم الرؤية يعتمد على استقطاب الشركات الكبرى العالمية للاستثمار في الوطن وهي تتكي على تعزيز الاقتصاد الوطني في المقام الأول وتنوع مصادر الدخل غير البترول ومشتقاته ، وهذا حسن ، لكن أين البيئة الجاذبة ؟ وماذا عن دخل الفرد ؟ هل يزيد أم ينقص ؟ بالتأكيد الإجابات في علم الغيب . وإذا ما أردنا النجاح للرؤية المنتظرة فعليها أن تعتمد على إدراك المواطن لها لأنه العنصر الأساسي الفاعل في تحقيقها وذلك بالشفافية والمصارحة والمحاسبة وإطلاعه على تفاصيلها بنزاهة صادقة ، وحتى يكون شريكا ومشاركا لا مشاهدا وقارئا لها فقط ، وأن تتحول إلى فعل ووعي وثقافة وممارسة لأنها الآن مجرد أفكار ورؤى تفتقد إلى الوضوح والتفاصيل ودور المواطن فيها شبه مغيب ، وإذا ما بقيت حبرا على ورق فلن يكتب لها التحقق في ظل الضبابية التي تعتريها والأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية وغياب الحكمة الواعية، والأهم أن يكون هناك محاسبة ومتابعة فورية للمسؤول قبل المواطن العادي ، صحيح أن كثير من المتغيرات والتغييرات والإجراءات فاجئة المواطن وأربكت معيشته ، ليس آخرها (الضريبة المضافة أو القيمة المضافة) ومهما كان المسمى فإنها تبقى ثقيلة على كاهل المواطن البسيط ومتوسط الحال وغيرها من الاجراءات التي يعلمها الجميع، فكيف يكون المواطن شريكا في نجاح الرؤية والتحول الوطني وهو منتف ومنتوف ومضطهد ؟! سيما وأن كل الإجراءات الاقتصادية التي اتخذت هي ضد المواطن والموظف من زيادة في الرسوم ونقص في الرواتب ، والتي تسير بسرعة البرق ، عكس بعض حقوق المواطنين التي تسير ببطء كالسلحفاة مثل الإسكان والتأمين الصحي وغيرها من الحقوق المسلوبة ! لكنها تعتبر أي الرؤية حلم لكل مواطن إذا تغلبت على المصاعب التي تقف في وجهها كالجبال ؛ ولكي ترتقي هذه الرؤية بالمواطن وترفع من مستوى معيشته وتفكيره وترفع من شأن الوطن ، إذا تعاون الجميع في تحويلها إلى واقع ملموس يعود نفعها على الوطن والمواطن على حد سواء، وحسبنا أن هناك سنوات قليلة تفصلنا على تطبيق هذه الرؤية وتحقيق أحلام السعوديين وعليهم فهم أبعادها الوطنية والقومية والاقتصادية أولا، التي يعول عليها الكثير كي تحدث النقلة النوعية والكيفية لكي يتحول المواطن إلى منتج كيفي ونوعي ومقتصد، ويعي أن سنوات الطفرة والفائض والبذخ والإسراف قد انتهت وعليه أن يدرك ماله وما عليه ، وتبقى الرؤية 2030 متوقعة لا واقعية إلى الآن والرؤى في مرادها توقعات وتصورات قد لا تطبق أحياناً أو لا تنفذ بالشكل الصحيح ، ولن تحقق أي رؤية في بيئة فساد وإقطاعيين ، حفظ الله الوطن .