بقلم | د. مسعود ال جعثم من تمام النعم علينا في هذا الزمان كثرة المناسبات والأفراح والولائم!!! وهي بفضل الله انعام كثيرة تتخللها انعام وأنعام تستحق الشكر للمنعم عز وجل …. وهنا لنا وقفة مع مجالس هذه المناسبات خصوصاً أن هذه المجالس في أوساطنا يسودها التنظيم الى حدٍ ما ويبرز فيها الاحترام والتقدير … ويظهر فيها آداب المجالس التي حث عليها ديننا الاسلامي … وتحلت تلك المجالس بآداب منها احترام كبير السن، والقيام بواجب الضيف، وإطعام الطعام، وبشاشة اللقاء، وغيرها من الآداب الاسلامية التي يجب ان ندين لله بها في مجالسنا…. وَمِمَّا يميز المجالس في زماننا كثرة الحضور!!! وتعدد أصنافهم من كبار وصغار!! وذكور وأناث!! وعادة في مثل هذه المجالس تُغذى البطون الى حد التخمة ولربما ينقل بعض الضيوف الى المستشفيات لغسيل المعدة والأمعاء لكثرة أصناف المأكولات التي تُقدم أو كثرة مايتم تناوله فيختلط الحابل بالنابل!!! موائد مزخرفة ومأكولات متنوعة وأصناف شتى تحتاج منا مزيداً من الشكر للخالق سبحانه حتى تدوم لأنها لم تُسلب من قوم وعادة اليهم والأمثلة على سلبها كثير وكثير والقران الكريم خير شاهد!! في هذه المناسبات يكثر الحضور ويتسع المكان!! وتتلاقح الأفكار!! وتتنوع الطروحات!! ومجتمعاتنا تعج بالكثير من القضايا والإشكاليات والغفلات والعقبات والتي قد لا يمكن حلها ولا معالجتها الا من خلال هذه المجالس التي يجتمع فيها الناس اكثر من اجتماعهم في مسجد أو مدرسة …. ونظراً لأهمية مجالس المناسبات ودورها التربوي والاجتماعي في تأصيل التربية ومعالجة المشاكل وأصدار التوجيهات للأجيال القادمة، أخذت المجالس الدور الكبير في دعم وتقوية المجتمع لذا ظهرت الحاجة الماسة لإستثمارها وإعادة دورها الذي اعتبره من وجهة نظري مفقود الا فيما ندر!! ياحبذا لو ينظر اليها نظرة تربوية شاملة يعاد بها دورها وتستثمر الاستثمار الأمثل خاصة انها تمتليء بالحضور الذين يحتاجون لتغذية العقول كما لو غُذيت البطون!! تغذى بالمفيد النافع والعلاج الناجع تطرح فيها قضايا وهموم المجتمع من خلال تجارب الحكماء والعقلاء والمصلحين وكبار السن النافعة…. ومن خلال الكلمات الناصحة التي تعالج فكراً منحلاً او متطرفاً وتدعو إلى فضيلة وتبين خطر الرذيلة …. ومن خلال قصائد تتطرق لقضايا مجتمعية من غلاء المهور، وتقاطع الأرحام، والغفلة المطبقة!!! التي تعيشها المجتمعات المسلمة خصوصاً ان غالبية الناس تتذوق الشعر وتهفو الى سماعه …. لكن وللأسف الشعر المتداول حالياً في مناسباتنا الا ماندر منه!! شعر يغذي العصبية والمديح الكاذب والغزل الفاحش، يثير النعرات الجاهلية ويدعو للقبلية الممقوته وينشيء جيلاً جاهلاً متجاهلاً…. وقد تستثمر ايضاً في قراءة كتب السير والتراجم والسير الذاتية الناجحة …. ويقع على عاتق صاحب الوليمة الذي هو ((آمر المجلس)) أمانة كبيرة في مراقبة الله في جمع هؤلاء الناس ثم يترك الحبل على الغارب أو ان يفتح المجال للسفهاء!! أو اصحاب الهوى!! ان يديروا مجلسه!!!! بل واجب عليه إدارة وقيادة مجلسه…. ويحرص ان يقوم بواجب تغذية العقول كما أفاد البطون وليس عيباً ان ينسق لتغذية العقول كما ينسق لتغذية البطون، وان يكن همه ومقصده رضا الله قبل كل شيء ويكون بذلك قد شارك في معالجة قضايا وهموم ومشكلات مجتمعه!!! والمجالس من خلال استثمارها بهذا الشكل يعاد لها دورها وأهميتها …. وبهذا نكون قد قدمنا حلولاً عملية وكثيرة لعلاج الظواهر الاجتماعية التي تفشت في مجتمعاتنا مخالفة لتعاليم الشريعة ويستحق المجتمع غضب الله اذا لم نعالجها ونتواصى فيها، وأخاف ان تكون هي الشرر الذي انتشر في الحطب، او انها القشة التي كسرت ظهر البعير…. لنرتقي بمجالسنا ونستثمرها في طرح قضايانا وعلاجها من خلال تعاون العقلاء والمصلحين والقدوات الحسنة لتقديم الدواء النافع والحل المناسب بعقلانية وروحانية ورحمانية تسعد مجتمعاتنا وتعيد لمجالسنا مكانتها واحترامها. دمتم بسعادة د. مسعود آل جعثم