قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري الذي عاد إلى بلاده في زيارة نادرة لإحياء الذكرى العاشرة لاغتيال والده إن الحوار مع حزب الله ضروري لتخفيف حدة التوتر الطائفي في لبنان. ووجهت محكمة دولية في لاهاي اتهامات لخمسة أعضاء في الحزب الشيعي باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005 والذي أحيا ابنه ذكراه في العاصمة بيروت يوم السبت. وينفي حزب الله أي دور له في عملية الاغتيال التي أعادت البلاد إلى شفا الحرب الأهلية ومازالت تثير الغضب إلى اليوم. وعمق الحادث انقساما طائفيا في السياسة اللبنانية لا يزال يؤثر فيها إلى اليوم. وانتقد سعد الحريري وهو أكثر الساسة السنة نفوذا في لبنان -كما يحظى بدعم السعودية- حزب الله لدوره في الصراع السوري وقال إنه لن يسمح للحزب بجر لبنان أكثر من ذلك إلى الحرب الأهلية الدائرة على أبوابه. لكن الحريري أيد الحوار بين تيار المستقبل الذي يتزعمه وحزب الله الذي تدعمه إيران والذي بدأ في يناير كانون الثاني لاحتواء التوتر في لبنان بعد أن أدت الحرب الأهلية السورية الى تفاقمه. وقال الحريري في خطاب ألقاه في حفل إحياء ذكرى اغتيال والده "الحوار بكل بساطة هو حاجة وضرورة في هذه المرحلة." وأضاف "هو حاجة إسلامية لاستيعاب الاحتقان المذهبي الذي لم يعد من الحكمة التغاضي عنه وهو... ضرورة وطنية لتصحيح مسار العملية السياسية وإنهاء الشغور في الرئاسة (اللبنانية)." والمحادثات وهي الأولى بين السنة والشيعة منذ اندلاع الحرب السورية لم تكن لتجرى دون مباركة القوتين الإقليميتين السعودية وإيران اللتين يبدو أنهما عازمتان على تجنيب لبنان المزيد من القلاقل. ودعا الحريري حزب الله للعمل مع تيار المستقبل لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة التطرف وحث الحزب على إنهاء دوره في سوريا حيث يقاتل أعضاؤه إلى جانب الرئيس بشار الأسد. وأدان الحريري أيضا الأسد الذي يتهمه بقتل والده قائلا إنه دمر سوريا. وقال "نجح في تشريع (فتح) الحدود لانتشار قوى التطرف والضلال وتهجير عشرة ملايين مواطن سوري يهيمون على مأساتهم في مشارق الأرض ومغاربها." وجاء سعد الحريري إلى لبنان في أغسطس آب وكانت تلك زيارته الأولى لبلاده منذ ثلاث سنوات وفي ذلك الوقت عبر سياسيون وشخصيات عامة عن أملهم في أن تجلب عودته الاستقرار إلى لبنان الذي يعاني من العنف والجمود السياسي والفشل منذ مايو أيار في انتخاب رئيس جديد بعد محاولات عديدة. وقال سعد الحريري يوم السبت إنه يثق بأن المحكمة الجنائية الدولية ستصدر حكما عادلا في قضية اغتيال والده. ويتابع اللبنانيون باهتمام كبير نظر القضية الذي بدأ في لاهاي في يناير كانون الثاني 2014. وتنفي سوريا اتهام الحريري لها بقتل والده. واصطف يوم السبت عشرات اللبنانيين لوضع الورود على قبر رفيق الحريري المجاور لأكبر مساجد العاصمة وبكى البعض فيما وقف آخرون لالتقاط صور لهم بجانب ملصقات كبيرة لصور رجل الدولة الراحل. وضعت القنبلة التي قتلت رفيق الحريري في سيارة فان ميتسوبيشي وكانت تحمل ما يعادل 2.5 طن من المواد شديدة الانفجار وفجرها انتحاري لم يعرف بعد. وقتل 21 شخصا آخرين وأصيب 200 شخص في الهجوم. ودفع الاغتيال سعد للعمل بالسياسة ولا يزال شخصية سياسية مؤثرة في لبنان الذي غادره عام 2011 بعد أن أطاح ائتلاف يضم حزب الله بحكومته. وأظهرت لقطات تلفزيونية الحريري وهو يدخل قاعة الحفل على أنغام الموسيقى وقد علت وجهه ابتسامة وراح يحيي الحضور. وأحاط به حراس شخصيون وهو يصافح السياسيين والدبلوماسيين في حين كان مؤيدوه يهللون ويرددون والهتافات.