نقص في الأوراق الثبوتية، صعوبة في إدخال بناتها للمدرسة، إصدار حكم لصالحها، ومن ثم نقض الحكم بحكم ضدّها، طليقها الثالث بعد عناء يوافق على صرف نفقة 350 ريالاً لابنتهما، ويطلب من القاضي منحه مهلة للتفكير في الاعتراف بها وتسجيلها رسمياً لدى الأحوال المدنية، والقاضي يمنحه ثلاثة أشهر.. تلك بعض من معاناة المواطنة أم ليان إحدى حالات العنف الأسري المسجلة رسمياً في لجنة الحماية في الرياض والقصيم. تروي أم ليان قصتها ل(الجزيرة أونلاين) وتقول إنها تزوجت ثلاث مرات، وأنجبت ابنة من كل زوج، وتذكر أن التوفيق لم يحالفها في الاستمرار مع زوجها الأول الذي -كما وصفته- "لم يكن على قدر المسؤولية ليقوم برعاية أسرة"، لتبدأ معاناتها مع طليقيها الثاني والثالث. تزوجت أم ليان طليقها الأول من عائلة معروفة، وأنجبت منه ابنتها البكر آلاء (7 سنوات)، إلا أن الفرحة لم تكتمل حين طلقها، ورحل ليكمل دراسته في الخارج تاركاً خلفه ابنته دون إصدار شهادة ميلادها، ودون أي اكتراث بالصعوبات التي ستواجهها الأم والابنة جراء ذلك، وأولها حين اضطرت لتسجيل ابنتها في مدرسة أهلية، فرفضت الأحوال المدنية إعطاءها صورة من بطاقة العائلة وشهادة ميلاد لابنتها إلا بحضور الأب. جُوبهت أم آلاء بعد طلاقها من زوجها الأول بالتعنيف من إخوانها، لتتزوج مرة ثانية بأبي ليان (6 سنوات) الذي يعمل مديراً لإحدى مدارس المجمعة، ويسعى بدوره هذه الأيام لحضانة ابنته رغم وجود صلح أقره القاضي مسبقاً بين الزوجين. أما الزوج الثالث، وهو إمام أحد مساجد شرق الرياض، فأنجبت منه ابنتها الثالثة شهاليل (3 سنوات)، ولم يفكر إطلاقاً في منح ابنتهما أدنى حقوقها الإنسانية، كمنحها الحق في الحصول على الوثائق الرسمية التي تثبت هويتها، وكذلك صرف أي نفقة عليها بعد طلاقها. ولحاجة الابنة شهاليل إلى الإثباتات والنفقة، رفعت أمها دعوى قضائية ضد زوجها في المحكمة العامة في بريدة. وعن ذلك تقول أم شهاليل: "أمرت اللجنة المعنية بأمور النفقة طليقي الذي يتقاضى 15 ألفاً راتباً شهرياً، بصرف 350 ريالاً فقط نفقةً لشهاليل. وفيما يخص الأوراق قام طليقي بالتشكيك فيّ أمام القاضي، وطلب إجراء تحليل (دي إن إي) لشهاليل للتأكد من أنها ابنته، وحينها طالبت بإقامة حد القذف عليه إذا أثبت التحليل كذبه؛ فتراجع فوراً عن طلبه، طالباً من القاضي مهلة للتفكير في قضية تسجيل ابنته رسمياً ومنحها أوراقها الثبوتية، فتجاوب القاضي معه ومنحه مهلة للتفكير حتى الثاني عشر من شوال المقبل". وناشدت أم آلاء وليان وشهاليل -عبر (الجزيرة أونلاين)- المسؤولين المعنيين، التدخل لحسم قضيتها؛ لإعطاء ابنتيها آلاء وشهاليل شهادات ميلاد لكل منهما واستخراج بطاقة للعائلة، كما طالبت بتعجيل النظر في قضية ابنتها شهاليل والحكم بأحقيتها في حضانتها؛ نظراً إلى صغر عمرها، وكذلك إعادة النظر في النفقة الممنوحة ل(ليان) وحضانتها؛ "إذ يسعى أبوها في هذه الأيام لأخذ حق حضانتها". (الجزيرة أونلاين) اتصلت بالمحامي تركي المحيّا لإبداء رأيه في مثل هذه القضية فقال: "بالنسبة إلى ما يخص أمور الحضانة، فالظروف تختلف من حالة لأخرى، والأولوية دائماً لمصلحة المحضون، أما إذا كان الوالدان مؤهلين لحضانة الطفل وكلاهما طلبها، فإنها تكون (أي الحضانة) في فترة الرضاع (السنتين الأوليين من عمر الطفل) لصالح الأم، وقد يستمر المحضون معها حتى سنّ السابعة ليخيرّ بعدها الولد بين والديه". وفيما يخص أمور النفقة، فيوضح المحيّا: "بكل أسف لا توجد منهجية واضحة في تحديد مبلغ النفقة للطفل، إضافةً إلى بعض الأمور التعقيدية من قبل المحاكم نفسها حيث من المفترض النظر في راتب الأب، وقياس النفقة على حاجة الطفل، بجانب القيام باقتطاع شهري من راتب الأب؛ إذ إن الاقتطاع يوفر الوقت على القاضي، وعلى الأم أن تذهب مرةً أخرى للقاضي في حال لم يدفع الأب النفقة، وذلك مشقة ومهانة للأم "?. وفيما يتعلق بنقص الأوراق الثبوتية أشار المحيّا إلى أن "هذا الأمر فيه خطورة من عدة نواح؛ ففيه إهدار للحق الإنساني للطفل؛ لذلك حين يتم رفع مثل هذه الدعاوى فإن القاضي يستدعي الأب، وفي حال رفض أو كان بعيداً ولا يعلم مكانه، فإن الأحوال المدنية، بأمر من إمارة المنطقة، تستخرج كل الأوراق الثبوتية للطفل دون الحاجة إلى وجود الأب". ويرى المحيّا أن "مثل هذه القضايا قد تصبح شائكة لعدّة أسباب تخص الوالدين، لكن من المؤكد أن المحاكم لها سبب رئيسي في تعقيد بعضها؛ إذ يجب عليها دمج القضايا التي تخص الطلاق أو الخلع من حضانة ونفقة في قضية واحدة تسوى أمورها معاً، دون أن تكون قضايا ودعاوى متفرقة؛ فهذه قضية للخلع وقضية أخرى للحضانة وأخرى للنفقة، إذ يترتب على ذلك إهدار حق الطفل وإضاعة الوقت وإطالة مدة القضية".