الحياة الزوجية رباط مقدس تحكمه المودة والرحمة والطهارة من كل دنس، والثقة بين الزوجين لبناء أسر سعيدة يخيم عليها الود والسعادة، ولهذا فإن الخيانة الزوجية من الزوج أو الزوجة هي معول هدم لهذه العلاقة المقدسة، وجعلها جحيماً لا يطاق ينتهي بانفصال الطرفين أو حدوث ما هو أسوأ من ذلك عندما يصل الأمر إلى درجة انتقام الزوج أو الزوجة لكرامتهم المهدرة وشرفهم المهان، كما قد يتسبب في مقتل أحد الطرفين والسجن والقصاص من الطرف الآخر؛ لأنه لم يحكم عقله ويتبع الحل الشرعي بالطلاق. الخيانة الزوجية هذه الجريمة البشعة التي تهتك الشرف وتريق الكرامة على ساحة النزوات الشيطانية، وتهدر الثقة بين الزوجين كيف تحدث؟، وماهي أسبابها؟، وكيف نحمي مجتمعنا منها ..هذا مانحاول أن نناقشه بكل شفافية وموضوعية من خلال هذا التحقيق الذي نضع فيه هذه القضية على بساط البحث. لا شك أن قضية الخيانة الزوجية وليدة العصر ولكن ربما يكون وجودها في هذا الزمن قد زاد عما كان في الأزمنة الماضية؛ بسبب ضعف الوازع الديني والأخلاقي والانفتاح على ثقافات أخرى أقل تقديساً للشرف والحياة الزوجية. «صديقات السوء» وتزويج الصغيرات من كبار السن وتقصير الأزواج أساس المشكلة سفر الزوج استطعت أن أقف على عدد من صور الخيانات الزوجية، وهي صور تتكرر بين الحين والآخر، ولعل في ذكر بعضها وسيلة للتوعية والحماية للمرأة من الوقوع في حبائلها. تقول إحداهن لقد كان زوجي كثير السفر؛ بسبب تجارته كما يؤكد لي في كل مرة يسافر فيها، ويستغرق غيابه أحيانا أكثر من شهر أعيشها وحدي بين جدران المنزل أعاني الفراغ والوحشة، ومع مرور الأيام تعرفت على إحدى جاراتي وهي مطلقة وتوثقت العلاقة بيننا، وكانت أحيانا تنام عندي في البيت وفي مرة من المرات دعتني لأذهب معها إلى إحدى الاستراحات للفسحة وقضاء وقت خارج البيت؛ لأن زوجي كان مسافراً وقد ترددت في الذهاب معها ولكنها زينت لي بأسلوبها تلك السهرة حتى أقنعتني.. وقد فوجئت عندما وجدت السهرة تجمع رجالاً ونساءً وحاولت أن أنسحب من المكان لكنني وجدتها تلح عليّ بالبقاء؛ لأن الأمر لن يتجاوز فسحة وتسلية تخرجها من الروتين الذي كانت تعيشه ومع تكرار تلك السهرات بسبب الملل وسفر زوجي المتكرر كدت أن أقع في المحظور، ولكنني تداركت نفسي في الوقت المناسب رغم محاولات تلك "الصديقة الشيطانية" أن تعيدني إلى ذلك العالم الموبوء..وحذرت كل امرأة من صديقات السوء اللائي يسعين في خراب البيوت وإفساد الأخلاق. كفيل خائن! قصة أخرى سمعتها من أحد الأصدقاء، وهو يخبرني أن أحد العاملين عند أحد الكفلاء طلب من كفيله أن يساعده في إحضار زوجته من بلده للبقاء عنده فترة من الزمن، أو السماح له بأن يسافر إلى بلده لأنه اشتاق لزوجته، وأمام إلحاح ذلك الموظف وحاجة العمل لوجوده اضطر كفيله بأن يساعده في إحضار زوجته، وذات يوم ذهب الكفيل إلى منزل ذلك الموظف وشاهد زوجته، وزين الشيطان له البحث عن وسيلة للوصول إليها، وكان ينتدب ذلك الموظف للسفر لفروع الشركة في المدن الأخرى ليتمكن من الوصول لتلك المرأة التي أغراها بالمال والهدايا حتى استسلمت له ..ومع تكرار الزيارات من الكفيل لمنزل زوجة الموظف في شركته بدأ الموظف يحس بتغير في طباع زوجته ويساوره الشك فيها، خاصة أنه يجد عندها بعض الهدايا والنقود لا يعرف مصدرها ومع مرور الأيام اكتشف الزوج الحقيقة المرة من بعض الهمسات التي بدأت تتسرب إلى أذنه بشكل غير مباشر من زملائه العاملين معه في الشركة، وتتهمه بأنه على علم بما تفعل زوجته؛ لأنه بدأ يأخذ نصيب الأسد من الانتدابات في الشركة.. وحتى يزيل عاره سارع إلى تطليق زوجته وإعادتها إلى بلدها غير آسف عليها. زواج كبار السن اقتران صغيرات السن بأزواج كبار السن تجاوز بعضهم العقد السادس من عمره وربما أكثر من ذلك هو دعوة سافرة للخيانة الزوجية؛ لأن ذلك الزوج العجوز لن يستطيع أن يشبع رغباتها ولايمكن أن يكون قادراً على فهم حاجاتها وعقليتها، وسيكون الحوار بينهما مفقوداً وربما تعمدت الخيانة الزوجية انتقاماً منه ومن أهلها الذين القوا بها في أحضان ذلك العجوز الذي ربما يكون في عمر جدها بسبب المال.. ذكر لي صديق بأنه ذات مرة كان عائداً من إحدى الدول، وكان بجواره شخص يتجاوز العقد الخامس من عمره وبجواره فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها، وكانت على قدر كبير من الجمال من خلال وجهها المكشوف خلال الرحلة، وكان ذلك الشخص بين حين وآخر يرفع يده إلى السماء وهو يردد الحمد لله ..وعندما كررها أكثر من مرة وكان بجواري سألته عن سبب ذلك فأجابني بأنه يحمد الله أن وفقه في العثور على هذه الفتاة كزوجة ..فباركت له.. ولكنه استدرك هذه ليست زوجة لي ولكنها لوالدي وقد عقدت عليها نيابة عنه بالوكالة.. فقلت له وكم عمر الوالد حفظه الله ..فأجاب ثمانين عاماً ولكنه لا يزال نشيطاً وبكامل صحته..فقلت له: آلا تعتقد أن هذه الفتاة ستكون مظلومة مع أبيك وأنه لولا الفقر لما قبلت الزواج بشخص بعمر جدها..ولم أجد رداً على استفساري من ذلك الابن الذي يعتقد أنه كان باراً بوالده؛ لأنه وفق في العثور له على تلك الزوجة التي أجزم أنها بعمر إحدى حفيداته!. أسباب الخيانة الزوجية يؤكد المختصون أن أهم أسباب خيانة الزوجة لزوجها هي تزويج صغيرات السن بأزواج كبار في السن، فالربيع والخريف لا يمكن أن يلتقيا، وهي جريمة يرتكبها بعض الآباء في حق بناتهم ويتسببون من خلالها في إرغام بناتهم على الخيانة الزوجية والانحراف، خاصة إذا فقد الوازع الديني والأخلاقي ووجدت تلك الفتاة مناخاً يساعدها على الخيانة، وهي في هذا الزمن كثيرة ومتعددة من خلال الغزو الفكري والفضائي الذي يثير الغرائز ويدعو إلى الجنس والإباحية..كما أن صديقات السوء سبب هام من أسباب الانحراف والخيانة الزوجية، فبعض أولئك الصديقات بعد أن خرب بيتها وفقدت الاستقرار الأسري تحاول أن تفسد الأخريات وتجرهن إلى نفس مصيرها الأسود، وعلى كل فتاة سواء كانت محصنة أو لا تزال تنتظر الزوج أن تحذر صديقات السوء لأنهن الخطر الأعظم ..كما أن سفر الأزواج وعدم قيامهم بواجباتهم الزوجية وملء البيت بالخدم والسائقين والعاملين من الرجال الأجانب يؤدي إلى المفاسد بكل أنواعها. ويوضح خطيب أحد الجوامع في جدة أن سفر الأزواج إلى الدول التي ينتشر فيها الزنا وضعف الوازع الديني والأخلاقي وعدم فهم المرأة لكيفية إشباع رغبات زوجها والتعامل معه قد يكون سبباً في خيانة الأزواج لزوجاتهم، والوقوع في المحرم ..خاصة عند الشباب الذين أصبحوا يتسابقون على السفر إلى الكثير من البلدان مع كل إجازة تحت مسمى السياحة والتعرف على معالم العالم تاركين زوجاتهم خلفهم، وربما لم يمض على زواجهم سنتان أو ثلاث..وطالب ذلك الخطيب الأزواج باصطحاب زوجاتهم حتى لا يقعوا في الذنب، مشدداً على أن تزويج الفتيات صغيرات السن بأزواج طاعنين في السن يشيع الفاحشة في المجتمع ويدعو إلى الانحراف والخيانة ويجب أن يتقي أولياء الأمور الله في النساء. حقيقة غير معلنة قال لي أحد المحامين: انه اتصلت به إحدى الزوجات تشتكي من سوء معاملة زوجها لها، وأنه يعتبرها في المنزل كقطعة من قطع الأثاث ولا يقدرها، وكثيراً ما يشتمها أمام أولادهم ويعنفها على أتفه سبب، ولا يوفر لها أبسط حقوقها وإذا مرضت فإنه لا يهتم لمرضها ولا يذهب بها إلى الطبيب وكثيراً ماتضطر للاستعانة بإخوتها للذهاب إلى المستشفى، ولا تحاول أن تذكر لهم شيئا عن معاناتها وهي صابرة من أجل أولادها وبيتها وتطلب منه نصحها بما تفعل.. وأضاف ذلك المحامي: ورغم أنني لست متخصصاً في علاج المشاكل الزوجية إلاّ أنني نصحتها بالدرجة الأولى أن توضح لأهلها معاناتها وتفضح تصرفاته معها وتطلب منهم التدخل، فربما ما شجعه على الاستمرار في تصرفاته معها وإهمالها هو ما وجده من سلبية في مواجهته، مؤكداً عليها أن يكون تدخل أهلها من أجل إصلاح البين وليس "صب الزيت على النار" لأن بينهم أطفالاً.. وإذا لم يفد ذلك معه فليس أمامها إلا المحاكم لإنصافها من تعنت ذلك الزوج وظلمه..خاصة أن تلك الزوجة أخبرته أن معاملته السيئة لها لم تظهر إلا بعد أن أصبح بينهم أطفال، فقد كان في بداية زواجهما مهتماً بها ومحباً لها وهي لا تدري سبب هذا التغير. وربما يكون في هذه الشكوى من تلك الزوجة مؤشر على أن الكثير من الخيانات الزوجية تحدث نتيجة عدم فهم بعض الرجال لكيفية التعامل مع الزوجة..وهذا قد يؤدي إلى الخيانة الزوجية من بعض النساء انتقاماً من الزوج وهي في الواقع تنتقم من نفسها وتريق كرامتها وأخلاقها وعفتها وقدسية الارتباط الأسري على مذبح نزوة طائشة..ومعظم ملفات جرائم قتل الأزواج لزوجاتهم يعود سببها للخيانة الزوجية أو الشك في تصرفات الزوجة. أخطر جريمة الدكتور أحمد المعبي عضو المحكمين في المملكة يصف الخيانة الزوجية بأنها أخطر جريمة في أي مجتمع، وهي بالنسبة للمرأة أكبر؛ لأن المرأة وعاء وقد يؤدي وقوعها في هذه الرذيلة إلى نسبة أبناء إلى غير آبائهم الحقيقيين واختلاط الأنساب، مشيراً إلى أن من أهم أسباب الخيانة الزوجية سوء خلق الرجل مع زوجته وهي تخون لتنتقم، لأنه خانها أو لأنه تطاول عليها أو شك فيها وهي بريئة فتعالج الخطأ بخطأ أكثر منه فداحة، كما أن من أسباب الخيانة مفرزات الحضارة وماتبثه الفضائيات من سموم ومجون لم نحصن مجتمعنا من خطره، كذلك تساهل الأزواج وبخل الزوج وتقتيره على بيته قد يؤدي إلى الخيانة الزوجية، مؤكداً على ضرورة الحرص على زرع الوازع الديني والأخلاق في الناشئة وتنويرهم حتى لا يقعوا فريسة لما تبثه القنوات الفضائية من سموم تحت مسميات مختلفة هدفها نشر الانحلال وإفساد أخلاق المجتمعات وتدمير البناء الأسري القويم. الرياض