في ثنايا الحديث القصير جدا ما بين سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ومواطن من قرية القديح الغالية تبرز ثلاث رسائل تحمل وضوحا وتوضيحا للمنهج السعودي وتاريخه الطويل مع الإدارة الأمنية. الرسالة الأولى: أنه منهج أبوي بالغ العطف وشديد الحرص على قراءة ردة الفعل الإنسانية في ثنايا مشهد الجريمة، يبرهن على هذا تلك الكلمات الثلاث الأولى التي قالها "سمو الوزير" لذلك المواطن: "أقدر مشاعرك وجرحك... ولكن..."، سأبرهن هذا المنهج الحاني الأبوي حتى مع الخطأ الفادح بحادثتين: الأولى أن محمد بن نايف، نفسه هو من استقبل في الفطور الرمضاني الشهير والد وأقارب الإرهابي الذي حاول تفجيره في إفطار المساء السابق ثم قال لهم جملته التاريخية: لا تعتذروا عن ذنب لا علاقة لكم به، في الثانية، سأعيد اليوم كتابة "لقطة" شاردة من المكالمة الوحيدة ما بيني وبين راحلنا الكبير، نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، وهو يتصل "معاتبا" على مقال طالبت فيه بإشهار أسماء مروجي المخدرات وجرائم الشذوذ، أتذكر أنه قال لي: "... يا علي لو أخذنا بهذا الاقتراح لملأنا السجون ولأعدمنا الحياة الاجتماعية لآلاف الأسر، فكل مجرم لديه زوجة صالحة وابنة تريد أن تتزوج دون إشهار لنقطة سوداء في جبين عائلة". الرسالة الثانية، هي رسالة زمن "الحزم"، وبعد تقدير المشاعر والجرح في صدر مواطن سعودي تظهر كلمة... ولكن... للدولة هيبتها وسيادتها ولا مجال فيها أبداً للخلية أو الميليشيا مثلما لا مجال فيها لمواطن "مدني" كي يدعو سمو الوزير أن يأخذ الأمر بيديه تحت ظل دولة راشدة تحشد هذه اللحظة 5000 جندي لحماية سكان قريتين فقط من العبث الحوثي، ناهيك عن بقية عشرات الآلاف من جنودنا الأبطال على الشريط الحدودي الطويل. الرسالة الثالثة، هي الجملة الختامية من سمو الوزير إلى هذا المواطن الغالي العزيز.. "حط يديك في أيدينا.." نعم هنا سأقولها بوضوح وصراحة: أخي مواطن القديح: نحن نتفهم جراحك وعمق مشاعرك... ولكن... "نحن لن نقبل منك هذا الإحساس الزائد بالاستهداف أو التصنيف الطائفي، وخذ هذه الشواهد: هذا الفكر الإرهابي هو نفسه من قتل أضعاف أضعاف ما كان ب"القديح" في المدن والقرى السنية الخالصة. هو نفسه من قتل ابن عمك ومن قتل من قبل زميل طفولتي ودراستي الابتدائية. القنابل الغادرة في مسجد القديح هي ذاتها التي قتلت سبعة ساجدين في مسجد إدارة المرور بحادثة "الوشم" الشهيرة في قلب الرياض. هي قنابل الفكر الإرهابي ذاتها التي قتلت 13 مسلما على طاولة سحور رمضان في حادثة "المحيا" الشهيرة، سأواصل.... أرجو أخي الغالي العزيز أن تقبل مني كلمات الوضوح والصراحة الأخيرة إليك: ضع يديك في كف أخيك.. محمد بن نايف، كي نوقف نزيف الدم الذي قتل في مدينة القطيف وحدها من رجال الأمن خلال عامين ما لم يقتل في كل المنطقة الشرقية من الرجال ذاتهم في 30 سنة. خذ بالبرهان نسبة سجناء إخواننا من الطائفة المقابلة لا تمثل سوى أقل من 2% من بين مجموع سجناء الإرهاب مكتملا وهي نسبة لا تمثل، أخي، حجم نسبة الطائفة، ولو بعشر من المئة، خذ أخيراً.. إن كان بالسجن بضعة رموز من بني طائفتك من هواة العنف والقنابل، فانظر كم في السجون ذاتها من سدنة المنهج ذاته من الطائفة المقابلة ورموزها.. عفواً منك.. انتهت المساحة.