مهما كان لا يمكن أن تجد في عالم (المستديرة) اتفاقاً كاملاً من الجميع، على أحقيَّة أيِّ منجزٍ لأيِّ فريقٍ مهما بلغ حجم المنجز أو صغر كان أو كبيراً؛ لأنَّ التنافس في هذه اللعبة (الشهيرة) لا يترك المجال للمثالية التي قد تكون من المستحيلات؛ لهذا أنا أرى ومن وجهة نظري: أنَّ كلَّ هذا اللغط الذي حصل بسبب نقل مباراة التعاون والنصر في الجولة الأخيرة من القصيم إلى الرياض أمرٌ طبيعيٌّ ومتوقعٌ من أنصار الفريق المنافس للنصر، وهو منافسٌ تاريخيٌّ لن يقبل أن يُقرَّ بأحقيَّة النصر للبطولة، ولو كان متيقناً بنسبة 100% لن يُقرَّ بذلك؛ وذلك بحكم التنافس الشديد بين الجارين. وقد يعتقد البعض أنَّ هذا الأسلوب أو الثقافة دخيلةٌ على رياضتنا، ويصف المشهد بأنَّه كوارثيٌّ ومحتقنٌ، ويُأجّج الشارع الرياضي، وهذا تصورٌ غير صحيحٍ؛ لأنَّ ثقافة المنافسة في كلِّ أرجاء العالم فيها من هذا الشيء، والمتنافسون لن يقبلوا فكرة الاستسلام، فالمنتصر منتشيٌ، والخاسر متذمِّرٌ ويبحث عن متنفَّسٍ يستطيع من خلاله تخفيف وطأة الخسارة. كرة القدم في بلادي جميلةٌ، وفي هذا الموسم كان جمالها مختلفاً، ليس لأنَّ النصر عاد وهو البطل المتوَّج ببطولتين (لا)، بل لأنَّ الحقيقة التي كان يناضل من أجلها كلُّ نصراويٍّ في فترة ما، أصبحت الآن حقيقةً أمام الجميع، ولا يمكن لأيِّ شخصٍ أن ينكرها، وهي أنَّ النصر هو: (تِرمومِتر الكرة السعوديَّة) بعودته يتغيَّر المشهد الرياضيّ برمَّته ويكون أكثر جاذبيةٍ من أيِّ موسمٍ سابقٍ، فالنصر سيُعيد المواهب للملاعب، والرغبة بممارسة الكرة عند النشء، وستكون في أفضل حالاتها، لهذا نحن أمام حقائق كتبها النصر في موسمٍ واحدٍ، غابت منذ عشرين عاماً، وهذا يؤكِّد قيمة فريقٍ كبيرٍ مثل النصر. في يوم التتويج سيكون المشهد مختلفاً عن أيِّ موسمٍ مضى، ولن تكون الصورة مجرَّد حدثٍ رياضيٍّ انتهى بحمل الكأس (لا)، بل ستحمل معها انطباعاتٍ جميلةً ومحفِّزةً للجميع؛ لتقديم موسمٍ جديدٍ أكثر إثارةٍ وجهدٍ وعطاءٍ من قبل الجميع، فما سيحدث من تتويجٍ وتكريمٍ سيكون بمثابة (المحفِّز) للجميع من أجل الظهور بمشهدٍ مشرِّفٍ الموسم القادم. دوري عبد اللطيف جميل هذا الموسم فنيّاً كان هو الأفضل، وهو الأميز خلال السنوات الماضية، تفوَّق فيه أنديةٌ كثيرةٌ من جميع النواحي فنيّاً وإداريّاً، والفريق الأكثر جهازيَّةً استحقَّ البطولة، ومَن يتصوَّر أنَّ الظروف خدمت النصر في الحصول على هذه البطولة، أو أنَّه وجد دعماً خفيّاً…! يجب أن يعلم أنَّ النصر منذ عشرين عاماً لم يحصل على بطولة الدوري، ولا أظنُّ أنَّ الفريق المدعوم يُسمح له بالابتعاد عن بطولة الدوري عشرين عاماً…! هذا ما يؤكد بُطلان هذا السيناريو الذي أعدَّه البعض للتشكيك في منجز النصر وقيمته. نقل مباراة التتويج من القصيم للرياض، وتقديمه كدليلٍ على الدعم الذي يحظى به النصر، فيه استخفافٌ بعقول الناس، فالنصر بطلٌ قبل هذه المباراة، ولو أنَّ مباراة التعاون هي التي ستحدد بطولة الدوري فلن تُنقل المباراة مهما بلغت قوَّة الدعم؛ إذاً هذا الأمر يؤكِّد أنَّ المنافسة القوية بين أيِّ ناديين جارين لهم باعٌ طويلٌ في هذا المجال لن تسمح بقبول النتائج الإيجابيَّة لأيٍّ من الفريقين، فالخاسر سيجد ما يقوله للتقليل من قيمة الإنجاز الذي حققه المنافس، وسيبحث عن كلِّ المسببات التي تؤكِّد تصوره مهما بلغت من الهَزْلُ والضعف، إلا أنَّها ستخدمه في توجهه. إنَّ الحقيقة التي يجب أن نؤمن بها ولا نجعل منها شبحاً مخيفاً، أنَّ للتنافس أحكامٌ، والتسليم بها أمرٌ مفروغٌ منه، لكن أن يكون سبباً في اشتعال نار الفوضى والشغب بالتأكيد سيكون مرفوضاً، ونحن إلى هذه اللحظة مازلنا في إطار المعقول، ولم نخرج عنه، لهذا من المفترض أن نعتبر كلَّ ما يحدث في الساحة الرياضيَّة هذا الموسم بالتحديد أموراً طبيعيّةً، تندرج تحت مسمَّى المنافسة المشروعة، وقد أضْفت على الساحة الرياضيَّة جوّاً مختلفاً، عاش تفاصيله الجميلة والمثيرة الشعب السعوديُّ بكلِّ فئاته، وأيضاً دول الخليج بنوعٍ من المرح والترويح. ودمتم بخير,،، سلطان الزايدي zaidi161@تويتر