الكاتب فتحي بن هادي لن أفرط في التشاؤم كالباقين وأزعم فشل منتخبنا الوطني، فما زلت متمسكاً بنسبة الخمسة في المائة التي ترجح كفة منتخبنا على المنتخب الصيني الجاهز فنياً وبدنياً، فما يميز المنتخب الصيني هو انسجام وتماسك خطوطه التي لم يطرأ عليها سوى تغييرات فنية طفيفة، وعلى النقيض نرى مدى التفكك الذي يعاني منه منتخبنا الوطني، وقلة الانسجام بين لاعبيه من ناحية وبين خطوطه من ناحية أخرى. من عاش العصر الذهبي للكرة السعودية يعلم أن سمو الأمير الراحل فيصل بن فهد رحمة الله عليه من لا شيء أسس منتخباً قوياً أنتزع زعامة الكرة الآسيوية بكل جدارة واستحقاق، فقد كان رحمة الله عليه خبير كروي من الطراز الأول، ورأينا كلنا كيف استطاع بحنكته بناء امنتخباً قوياً، سطر تاريخاً مشرفاً للكرة السعودية وحقق إنجازات لا مثل لها في ذلك الحين، فمن المواقف التي سجلت لسموه على سبيل المثال لا الحصر قلب النتيجة على منتخب الصين عندما تقدموا علينا بفارق هدفين عندما أوعز للمدرب بتغيير لاعباً على حساب آخر فأنقلبت على إثرها وكعادة سموه بعد أنتهاء المبارة جير ذلك التبديل بكل تواضع لشخص آخر، وما كانت هذه إلا فيض من غيث حنكة ودهاء سموه التي تجلت في مواقف عدة، وأبرزها صناعته لفريق لا يقهر لم يلبث إلا أن أبتلع البطولات القارية وتأهل لكأس العالم مرات عدة على التوالي. صحيح أن هنالك بعض الظروف المحيطة ساهمت في إبراز عمل سمو الأمير فيصل إلا أن كل الدلائل والمؤشرات الراهنة توحي بعكس ذلك، فالحنة والقيادة أهم ما يميز صناعة المنتخبات، والجدير بالذكر أن في ذلك الحين لم يقتصر إختيار تشكيلة المنتخب على لاعبي الأندية في الدوري الممتاز فقط بل شملت لاعبين كثر من أندية مغمورة تألقوا في المنتخب الوطني ومن أمثال هؤلاء اللاعب منصور الموسى لاعب نادي النجمة وحمزة إدريس لاعب نادي أحد والدعيع حارس نادي الطائي وغيرهم من الأسماء التي سطرت اسمها في تاريخ الكرة السعودية. لو نظرت إلى تشكيلة المنتخب في تلك الأيام لانتابك شعور بالثقة في تلك الأسماء أما إذا أمعنت النظر في تشكيلة المنتخب الحالية لن ينتابك ذلك الشعور، واجهل ما إن كان هذا الأحساس ناجم عن كون اللاعبين المختارين ليسوا أبرزا ما في أنديتهم منهم من يقبع طيلة الموسم في مقاعد الأحتياط وتراه فجأة في تشكيل المنتخب، لا أعلم لماذا! فهل يعقل أن يقدم اللاعب للمنتخب أفضل مما يقدمه لناديه! صحيح أن بعض العوامل تساعد اللاعبين في الظهور مع المنتخب بشكل أفضل ولكن تبقى مهارة اللاعب وأداءه الجماعي هما الحكم في اختياره، ناهيك أن هؤلاء اللاعبين ليسوا صفوة لاعبي المملكة فبلدنا يعج بالنجوم والمواهب المنسية. عندما أرى المنتخب يلعب لا يعتريني التفاؤل بحسن سيره ويعتريني شعور غريب لا أشعر به إلا إذا قدت سيارتي في طرقات مدينة جدة فبعد كل متر ومتر أتوقع الوقوع في مطب يودي بسيارتي المتهالكة، ولكم فكرت أن أبدلها بجمل أو حصان لأن طرقات مدينة جدة عادت لعصر ما قبل التاريخ. رحل سموه ورحلت ودفنت معه الكرة السعودية، فما لبث المنتخب الذي عمل عليه مطولاً بعد وفاته سوى بضع إنجازات كان آخرها التأهل لنهائيات كأس العالم وأنتهت بعد ذلك الكرة السعودية كلياً قارياً ومحلياً، ويا ليتني اجد عصا سموه السحرية لأعيد بها جيل منتخبنا الذهبي كما سأعيد بها حتماً سفلتة الطرقات المنكوبة في مدينتي الحبيبة جدة. للتواصل مع الكاتب Twitter @Fathi_Hadi بريد إلكتروني [email protected]