وجه سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ كلمة تناول فيها موضوع العنف الأسري وما يتوجب أن تبنى عليه العلاقات الأسرية من مودة ورحمة وذلك استجابة من سماحته لتوصيات لقاء الخبراء الوطني حول العنف الأسري. وفيما يلي نص كلمة سماحته : الحمد لله الذي كتب الإحسان على كل شيء وأمر به، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.. وبعد: فقد امتازت الشريعة الإسلامية المطهرة بأنها تحقق العدل واليسر والسماحة والأمن، وتراعي مصالح الناس، وتدعو إلى الرفق، والرحمة، والإحسان بكل شيء، قال الله تعالى: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون"(النحل: 90)، وعن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله كتب الإحسان على كل شيء...» الحديث أخرجه الإمام مسلم. ولما كانت الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع وترابطه، وبها دوام الحياة البشرية، وعمارة الكون على وفق ما شرعه الله، اهتم الإسلام ببنائها على المودة، والرحمة، والمحبة، وحسن المعاشرة، قال الله تعالى: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"(الروم: 21)، وهذا من تمام رحمة الله بعباده أن جعل بين الزوجين الألفة والمودة ليكون ثمرة ذلك حصول الأولاد الذين جبل الله القلوب الرحيمة على حبهم، وجعلهم زينة في هذه الحياة الدنيا، وعوناً لوالديهم على متاعب الحياة، وامتداداً لأعمالهم الصالحة بعد مماتهم إذا أحسنوا اختيار أمهاتهم باختيار الزوجة الصالحة، وأحسنوا تربيتهم، وتعليمهم، وتنشئتهم تنشئة إسلامية صالحة، فتنعكس تلك الآثار الطيبة على الأسرة كلها وعلى جميع أفراد المجتمع، ويعيش الجميع عيشة مطمئنة آمنة سعيدة مستقرة مترابطة، وحياة صالحة طيبة قائمة على المثل العليا، والعدل، والسلوك السوي المستقيم، وبعيدة عن القسوة، والعنف، والظلم، والإجرام. وإن من الظواهر الخطيرة، والمآسي الإنسانية التي بدأت تنتشر بين المسلمين، وتفرز لنا كثيراً من مشاكلها، ومآسيها المحزنة، وآثارها الضارة التي تهدد حياة البشر، وترابط الأسرة، واستقرار المجتمع ظاهرة العنف الأسري بجميع أشكاله وصوره. // يتبع // 1554 ت م