إعداد: عبد الله السهيل تحتل مدينة الرياض مكانة عالمية بين عواصم دول العالم، فهي عاصمة المملكة العربية السعودية، وأكبر مدنها وثالث أكبر عاصمة عربية من حيث عدد السكان، تقع وسط شبه الجزيرة العربية في هضبة نجد، على ارتفاع 600 متر فوق مستوى سطح البحر، ومقر إمارة منطقة الرياض حسب التقسيم الإداري للمناطق السعودية، ويسكنها نحو 8.6 ملايين نسمة وفق إحصائيات عام 2020م، وإحدى أسرع مدن العالم توسعاً، فخلال نصف قرن من نشأتها اتسعت مساحتها من 1800 كيلو متر مربع، حتى بلغت 3.115 كيلومتراً مربعاً في الوقت الحاضر. واكتسبت الرياض أهمية تاريخية وسياسية وتجارية منذ أن كانت مدينة قديمة، وعاصمة لإقليم اليمامة، ومازالت مسرحاً للعديد من الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية، ونالت لقب عاصمة الثقافة العربية في عام 2000، وعاصمة الإعلام العربي في 2019، واستضافت العديد من المؤتمرات والقمم المحلية والخليجية والعربية والعالمية، منها قمة الرياض 2017، والقمة الخليجية 2018، وفي نوفمبر 2020 استضافت وترأست قمة مجموعة العشرين بكل اقتدار. وتعد الرياض واجهة السعودية السياسية والاقتصادية، حيث تحتوي على مقار المؤسسات السيادية في الدولة، ومجلسي الوزراء والشورى، إضافة للوزارات والهيئات الحكومية والعسكرية، وهي عبارة عن مركز مالي حيوي يضم هيئة السوق المالية والسوق المالية السعودية ومقار المصارف وشركات الاستثمار، وتشكل المدينة ساحة عمل مفتوحة لعدد من المشاريع الكبرى القائمة في السعودية، مثل مركز الملك عبدالله المالي ومشروع مترو الرياض وغيرها من المشاريع الواعدة التي تبنتها رؤية 2030 لمستقبل العاصمة. وتمتلك الرياض مقومات سياحية وثقافية كبرى من مواقع تاريخية في مقدمتها الدرعية، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي، والمتحف الوطني السعودي، ومركز الملك فهد الثقافي، ومكتبة الملك فهد الوطنية، والجامع الكبير، وقصر المصمك، إلى جانب أحد مواقع التراث العالمي المسجلة في اليونسكو (حي طريف) بالدرعية، حيث تقام في الرياض سنوياً عدد من المهرجانات والأحداث الثقافية والترفيهية، مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، ومعرض الرياض الدولي للكتاب وغيرها من الفعاليات على مدار العام. واستبدلت الرياض حلتها بحلة جديدة، منحتها تميزاً يليق باسمها ويضعها في المكان المناسب، وسجلت حضورها عالمياً وإقليمياً في مختلف الشؤون السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والرياضية، وباتت نقطة محورية لأهم الاحداث العالمية ولاعباً أساسياً في ملعب السلام العالمي الذي دأبت ولا تزال تسجل حضورها في هذا الجانب بشكلٍ مشرف منحها الريادة على المستوى الدولي منذ استعادتها على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -، وقاد مسيرة التنمية فيها على مدى أكثر من ستة عقود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، حيث أدار بمهارةٍ واقتدار دفة قيادتها وفق أحدث أسس التطوير الشامل في تطوير المدن الكبرى، وأصبحت المدينة بمجملها إنجازاً متميزاً بجميع المقاييس على المستوى العالمي. وتشهد الرياض حالياً العديد من المشاريع الضخمة لتقدم خيارات متنوعة رياضياً وثقافياً وفنياً وترفيهياً لسكان الرياض وزوارها، والإسهام في تحسين جودة الحياة في المدينة، بما يتوافق مع أحد أهداف رؤية المملكة 2030م برفع تصنيف الرياض بين نظيراتها من مدن العالم بمشيئة الله. وفي مقدمتها مشروع "بوابة الدرعية" أحد أهم مخرجات ومنجزات رؤية المملكة 2030، وواحد من المشروعات الوطنية المنبثقة من الأهداف والتطلعات الطموحة لرؤية 2030، حيث نمت وتطورت في إطار السعي الحثيث لتحقيق برامجها، لتُصبح أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم، دشنه خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - في نوفمبر 2019م، ويتابع مُنجزاته المتنامية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية - حفظه الله -، لتكون الدرعية التاريخية واحدة من أهم الوجهات السياحية والثقافية وأماكن الجذب في المنطقة والعالم . وأولى خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - الدرعية اهتماما بارزاً منقطع النظير، فهو من أسهم في إعادة إحياء الدرعية قبل أكثر من ثلاثة عقود، حيث أسهمت جهودہ في جعل الدرعية إحدى أهم وجهات التعرف على التاريخ السعودي والإرث الحقيقي الذي تتناقله الأجيال، مما نتج عنه تسجيل حي الطريف التاريخي بالدرعية في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو عام 2010م، وترجم هذا النهج والتوجه سمو ولي العهد - حفظه الله - بمسيرة البناء والتطوير بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 من خلال تطوير العديد من المشاريع على مساحة تتجاوز 190 كيلومتراً مربعاً. ويحقق المشروع العديد من تطلعات وأهداف رؤية المملكة 2030 الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، منها تعزيز وحماية التاريخ والتراث السعودي الحضاري، وتطوير المواهب المحلية في مجال البحوث الأكاديمية والتاريخية والتراثية، وتعزيز قيمة الاعتزاز بالتاريخ والتراث الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتطوير المحتوى المحلي، حيث تخطط هيئة تطوير بوابة الدرعية لإنشاء عدد من المتاحف المتميزة، ومراكز الفعاليات والمعارض التراثية والثقافية المتنوعة، وذلك سعياً لإبراز الدور الذي أدته الدرعية في تطور المنطقة بأكملها إستراتيجياً واقتصادياً، إضافةً إلى عدد من الأصول ذات الطابع التراثي التقليدي. ويعد مشروع "حديقة الملك سلمان" الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين في 19 مارس 2019 من أكبر حدائق المدن في العالم بمساحة تزيد عن 13 كيلومتراً مربعاً، ويعد مشروعاً بيئياً وثقافياً ورياضياً وترفيهياً، يسهم في تغيير نمط الحياة في المدينة، وتقديم خيارات متنوعة من الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والبيئية أمام سكانها وزوارها من خلال مجموعة من المرافق والمنشئات التي يأتي في مقدمتها: المجمع الملكي للفنون، والمسرح الوطني، ودارا الأوبرا، وأكاديميات الفنون والمتاحف والمعارض إلى جانب المناطق الخضراء والساحات المفتوحة والمجمعات الرياضية وملعب الرويال جولف كورس والمدن الترفيهية والمرافق السكنية والفندقية والمكتبية والتجارية. ومن المشاريع في العاصمة الحبيبة مشروع "الرياض آرت" الذي أطلق في 19 مارس 2019، ويشتمل على تنفيذ أكثر من 1000 عمل ومعلم فني من إبداع فنانين محليين وعالميين أمام الجمهور في مختلف أرجاء مدينة الرياض، وذلك ضمن 10 برامج تغطي الأحياء السكنية، والحدائق والمتنزهات الطبيعية، والميادين والساحات العامة، ومحطات النقل العام، وجسور الطرق وجسور المشاة، ومداخل المدينة، وجميع الوجهات السياحية في المدينة، الذي سيسهم في تحويل مدينة الرياض إلى معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والعاصرة، وإطلاق آفاق جديدة للحركة الإبداعية المحلية والعالمية في المدينة، وجذب الفنانين والمختصين والمهتمين إليها من جميع أرجاء العالم، فضلاً عن دور المشروع في تعزيز القيم المجتمعية، والتفاعل الحضاري، والتبادل المعرفي، والتعاون الإبداعي، وتحفيز الحركة السياحية والترفيهية. ووضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله- حجر الأساس لمشروع "القدية" في 28 أبريل 2018، الذي سيكون وجهة عالمية مميزة بكونه موطناً لأكثر التجارب ابتكاراً وإثارة وتنوعاً في مجالات الترفيه والرياضة والفنون، وسيتمكن الزوار من الاستمتاع بمجموعة متنوعة من الأنشطة والخدمات المميزة عبر خمس ركائز أساسية: الرياضة والصحة، والطبيعة والبيئة، والمتنزهات والوجهات الترفيهية، والحركة والتشويق، والفنون والثقافة، مما يجعل من القدية عاصمة الترفيه والرياضة والفنون ليس فقط للمملكة العربية السعودية، وإنما للعالم أجمع، لتصبح القدية وجهة تمكّن شباب المملكة من تحقيق طموحاتهم، ومزاراً يمكنهم فيه الاستمتاع بمواهبهم وهواياتهم وإمكانياتهم وتعزيزها ورعايتها، ويتيح الفرص ويوفر مسارات مهنية جديدة للمساعدة في بناء مجتمع أكثر ازدهاراً وتقدماً. وسيسهم مشروع " الرياض الخضراء الذي تم إطلاقه في 19 مارس 2019 لزراعة أكثر من 7.5 ملايين شجرة في جميع أنحاء العاصمة في رفع نصيب الفرد من المساحة الخضراء في المدينة من 1,7 متر مربع حالياً إلى 28 متراً مربعاً للفرد، ورفع نسبة المساحات الخضراء الإجمالية فيها إلى 9% بما يعادل 545 كيلومتراً مربعاً، من خلال إطلاق نشر وتكثيف التشجير في جميع عناصر المدينة ومختلف أرجائها، مع تحقيق الاستغلال الأمثل للمياه المعالجة في أعمال الري، بما يسهم في تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة في المدينة، وتشجيع السكان على ممارسة نمط حياة أكثر نشاطاً وحيوية بما ينسجم مع أهداف توجهات "رؤية المملكة 2030 ". ويشجع مشروع "المسار الرياضي" -الذي أطلق في 19 مارس 2019- سكان العاصمة على اتباع أنماط صحية في التنقل، والتحفيز على ممارسة الرياضات المختلفة وخاصة المشي وركوب الدراجات والخيول، في محيط زاخر بالأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية والترفيهية والبيئية، بما ينسجم مع أهداف وتوجهات "رؤية المملكة 2030، حيث يمتد المشروع بطول 135 كيلومتراً ليربط بين وادي حنيفة في غرب المدينة ووادي السلي في شرقها، ويشتمل على مسارات آمنة ومشجّرة للمشاة على طول امتداد المشروع، ومسارات مخصصة للدراجات الهوائية للمحترفين والهواة، ومسارات للخيول، ومواقع للأنشطة الرياضية تشتمل على مجموعة من المواقع الرياضية (من بينها برج رياضي يضم ملاعب لمختلف الرياضات والألعاب الداخلية، جزء منه مخصص للرجال وآخر للنساء، وإسطبلات ومسارات لركوب الخيل)، كما يضم المشروع 48 موقعاً من المسطحات الخضراء والمناطق المفتوحة بمساحة تزيد عن 3.5 كيلومترات مربع، ومتنزه صحراوي تبلغ مساحته 20 ألف كيلو متر مربع، ومواقع للفعاليات، وساحات للعروض، ومسارح وسينما في الهواء الطلق، ومناطق استثمارية، إلى جانب مجموعة متكاملة من النشاطات الترفيهية والتجارية والمعالم والأعمال الفنية المصممة لإثراء نمط الحياة في المدينة الكبرى.