أكدت قيادات ومؤسسات دينية، أهمية حماية حقوق الطفل وتحديد الخطوات لضمان ذلك. وشدد المتحدثون في المؤتمر الذي عقد في بيروت ونظمه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ومنصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي ومؤسسة أريغاتو الدولية، بعنوان "دور القيادات والمؤسسات الدينية في حماية حقوق الطفل" ، على أهمية تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل كونها أداة رئيسة للتصدي للتهديدات العديدة التي تواجه الأطفال اليوم. وألقى نائب رئيس البعثة البابوية في لبنان المونسنيور إيفان سانتوس كلمة أشار فيها إلى (وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك)، التي تم توقيعها في أبو ظبي في شهر فبراير الماضي خلال زيارة بابا الفاتيكان، شدد فيها على أهمية العمل المشترك تحت مبدأ الأخوة الإنسانية، مؤكدًا عدم توافر بدائل للحوار الذي يؤدي لفهم الآخر ويساعد البشرية على التحرر من الأحكام المسبقة والاحتفال بالحياة وكرامة الإنسان. من جهته أكد نائب سفير النمسا ستيفان فايت, أهمية عقد مثل هذه الاجتماعات في مساعدة الأطفال، مشيرًا إلى جهود مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات كمؤسسة ناشطة في العالم أجمع، لافتاً النظر إلى أن هناك محاولات لدعم أي مبادرة لإعطاء الطفل الطريق في هذا العالم في حال ضل، مشيدًا بأدوار مركز الحوار العالمي ومنظمة أريغاتو المساعدة على تحقيق ذلك. من جانبه ألقى عضو مجلس إدارة مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الدكتور محمد السماك، كلمة قال أكد فيها تركيز مركز الحوار العالمي الذي تم تأسيسه من قبل المملكه العربيه السعوديه بمشاركة النمسا وإسبانيا والفاتيكان على تفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينيه لمساندة صانعي السياسات خاصة المؤسسات الدوليه مثل الأممالمتحدة, مؤكداً نجاح المركز في استثمار هذه الجهود لاسيما وأنها قيم عالمية مشتركة بين الأديان والثقافات ويمكن الاستفاده منها في معالجة المشاكل التي تواجه البشرية أهمها حماية حقوق الأطفال ، متمنياً لهذا اللقاء تحقيق أهدافه الإنسانية النبيلة. وأكد مسؤولية علماء الدين في وجوب العمل على إعادة الإيمان إلى قواعده الأساسية، وهي الرحمة والمحبة والحرية وحفظ كرامة الإنسان، بما في ذلك كرامة الأطفال وحقوقهم. بدوره أوضح كبير مستشاري مركز الحوار العالمي محمد أبو نمر, أن التحدي الرئيس اليوم يتمثل في تحديد الدور الأكثر فعالية الذي يمكن أن تؤديه المؤسسات والقيادات الدينية في الإسهام في تنفيذ القوانين والممارسات لحماية حقوق الأطفال, بوصف المؤسسات الدينية عنصراً رئيسًا في ضمان حماية الأطفال وكرامتهم وصحتهم وحقوقهم الأساسية التي توفرها المؤسسات الدينية الخاصة والهيئات الحكومية. وأشار إلى أهداف هذا الاجتماع التشاوري الرامية لتفعيل دور القيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم، لتأكيد أن الدين ليس هو السبب في اضطهاد حقوق الأطفال ولكن تكمن المشكلة في بعض الممارسات والتلاعب وسوء تفسير النصوص الدينية وبالتالي العادات والممارسات الدينية المترتبة على ذلك. فيما تحدثت مديرة منظمة أريغاتو الدولية الدكتورة ريبيكاريوس كون عن الدراسة التي أطلقتها منظمة أريغاتو حول الدين وحقوق الطفل منذ أقل من سنة مع شركاء متعددين من بينهم مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ومؤسسة الرؤية العالمية والأزهر الشريف، مبينةً أن منظمة أريغاتو الدولية أسست لديها متطوعين في 55 بلدًا من ديانات مختلفة, مؤكداً سعي المنظمة لتشجيع الحكومات على اعتماد اتفاقية حقوق الطفل التي صدقت عليها كل الدول باستثناء دولة واحدة، وأعلنت عن المؤتمر الدولي الذي عقد في بنما بحضور أكثر من 500 مشارك والمنظمات المعنية بالأطفال. وكشفت ريوس كون عن تعاون وتنسيق منظمتها مع مركز الحوار العالمي، في إطار المجلس الاستشاري الخاص في نيويورك، التابع للأمم المتحدة، والذي تم تأسيسه منذ عام وتشارك فيه حوالي خمسين مؤسسه دولية متخصصة في القيم الدينية والإنسانية برئاسة مشتركه لمعالي الاستاذ فيصل بن معمر والسيدة تاركا كانتولا، رئيسة مجلس إدارة المعونات الفنلندية، ويقدم استشاراته لأجهزة الأممالمتحدة المتنوعة؛ لتفعيل دور القيادات والمؤسسات الدينية في مساندة وتقديم المشورة لأجهزة الأممالمتحدة المتنوعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ووزعت منظمة أريغاتو نموذجًا عن دراسة بشأن اتفاقية حقوق الطفل، بعنوان "الدين وحقوق الأطفال .. دراسة متعددة الأديان بشأن اتفاقية حقوق الطفل", وسيشرع في الدراسة بتاريخ 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019م بمناسبة الذكرى الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل, حيث وُضعت هذه الدراسة بعد مشاورة قيادات دينية من أتباع سبع ديانات، والخبراء القانونيين، والقيادات الدينية، وممثلي المنظمات الدينية وخبراء حقوق الأطفال. وعقدت أيضاً مشاورات إقليمية بين أتباع الأديان في أنحاء مختلفة من العالم لضمان إدراج إدخالات وإسهامات متنوعة في الدراسة، ومن المزمع كذلك عقد مزيد من هذه المشاورات. ثم جرى لاحقاً تنظيم مجموعات تركيز مشتركة بين أتباع الأديان في سبعة بلدان ضمت أطفالاً وشباباً للوقوف على آرائهم ورُؤاهم؛ وذلك بالتعاون مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالعنف ضد الأطفال، ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف)، والشبكة العالمية للأديان من أجل الأطفال، وبدعم من الشركاء، والمنظمة الدولية للرؤية العالمية، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد". وكشفت عملية التشاور الحاجة إلى إدراج القيادات الدينية والطوائف الدينية المحلية كشركاء منذ البداية عند وضع البرامج والاستراتيجيات. وتوصي الدراسة المعنية بالدين وحقوق الطفل باتخاذ إجراءات رئيسة تستهدف القيادات الدينية والمجتمعات الدينية المحلية، لتبني مبادرات تُعنى بالأطفال وتساعد على جعل حقوقهم ورفاههم واقعًا ملموسًا. كما ستُدرج في الدراسة توصيات موجهة خصيصًا إلى الحكومات الوطنية والمدافعين عن حقوق الطفل وغيرهم من أصحاب المصلحة الرئيسين. وأعلنت في ختام المؤتمر توصيات المشاركين التي نصت على: تدريب خبراء من المؤسسات الدينية التربوية وتمكين قدراتها في قضايا الدفاع في قضايا الدفاع عن حماية حقوق الأطفال بالتوافق مع وثيقة الأممالمتحدة للطفولة لحماية حقوق الأطفال؛ والعمل مع القيادات أو المؤسسات الدينية في العالم العربي لتوفير فرص تعليم متكافئة لهم؛ ورفع وعي القيادات والمؤسسات الدينية من أجل العمل مع القيادات الدينية وصانعي السياسات على منع عسكرتهم وتجنيدهم في الصراعات؛ وضرورة تبني المؤسسات الدينية لوسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة أضرار ومخاطر التقنية الحديثة على الأطفال، جنبًا إلى جنب مع العمل والتوافق مع مؤسسات التواصل الاجتماعي على إصدار وثيقة أخلاقية مشتركة لحماية حقوقهم على هذه الوسائل؛ التوكيد والتركيز على مسؤولية المؤسسات الدينية في العمل مع الأسرة، بوصفها الحاضن الأول لحماية الطفل ورعاية حقوقه من خلال رفع الوعي لدى الأسرة. ونصت التوصيات على العمل مع القيادات الدينية للتأكيد على أن التربية الدينية الوسطية الصحيحة هي حق من حقوق الطفل بالشكل الذي يتناسب مع عمره ومحيطه ويراعى فيها الجانب السلوكي لدى الطفل في الأسرة والمدرسة والمؤسسة الدينية؛ ومخاطبة وتشجيع المؤسسات الدينية المعنية للعمل على تنقية التراث الديني الموجه للطفل والتخلص مما يساء استعماله أو تفسيره ويضر الطفل وحقوقه؛ بالإضافة إلى العمل مع المؤسسات الدينية وصانعي القرار السياسي لمساندة الجهود والحملات التي تهدف لتطبيق القوانين التي لمنع الزواج المبكر والعمالة والعنف الجسدي والجنسي الموجه ضد الطفل. شارك في المؤتمر 40 مشاركًا ومشاركة يمثلون أكثر من 25 مؤسسة دينية وتربوية في العالم العربي، حيث شارك من المملكة العربية السعودية الدكتورة سارة بنت عمر السبتي العبد الكريم اختصاصية في تربية الاطفال، والدكتور عبد الله العباد استاذ مشارك في السياسات التربوية من جامعة الملك سعود.