أقام ملتقى (رواق فنون ) الذي ينظمه فرع جمعية الثقافة والفنون بالرياض مساء أمس ، محاضرة بعنون " آفاق السياحة الثقافية في المملكة العربية السعودية..النقوش والرسوم الصخرية أنموذجاً ) قدمها أستاذ قسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة الملك سعود الدكتور بدر بن عادل الفقير وذلك في مقر الجمعية بالرياض . وأوضح الدكتور بدر الفقير أن النظرة إلى المملكة ظلت لفترة طويلة على أنها منطقة لم يتم اكتشافها، ولكن عندما بدأت البحوث بالغوص بعيداً، تم توثيق العديد من السجلات الأثرية الأحفورية التي بينت بجلاء أن المملكة تمتعت بتراث ثقافي غاية في الثراء، وقد قاربت المحاضرة ذلك بعرض نماذج من أحد أكبر ثرواتها الآثارية المتكونة من الآف النقوش الرسوم الصخرية التي تزين كافة بيئاتها الطبيعية، باستخدام المنهج التحليلي للرسوم الصخرية كمنتج فني تشكيلي بقي في نفس المكان ونفس السياق وبجميع محتوياته لآلاف السنين، وبالاستعانة بوسائل الإيضاح بلغت نحو200 خريطة ولوحة فوتوغرافية . وتحدثت المحاضرة عن ثلاثة محاور رئيسة، منها رسم ملامح المسرح الجغرافي، بموقعه وتضاريسية ومناخه، وكيف كرست جزيرة العرب كإحدى مناطق نشوء وترعرع الثقافات في العالم القديم منذ عصور ما قبل التاريخ وعبر العصور التاريخية، وقدم المحور الثاني موجز للعناصر الجوهرية للتراث الثقافي للمملكة منذ العصر الحجري القديم الأسفل، ومروراً بعصر الممالك العربية القديمة والوسيطة، ثم العصر الإسلامي والعصر الحديث، بالتركيز على الأدوات الحجرية، العمارة ،واللغات والكتابات، والمعثورات الأثرية من تماثيل ومجوهرات ومجامر ومزاول شمسية ، مشيرا المحاضر إلى أن التراث الشعبي من العمارة التقليدية، والصناعات الحرفية، والأطباق الشعبية، والفولكلور كلها تعد كنوز وموروث ثقافي لهذا الوطن . وألقى المحور الثالث الأضواء بالتفصيل على النقوش والرسوم الصخرية عبر تحديد المواقع الرئيسة للرسوم الصخرية، تاريخ وتطور الرسوم الصخرية وعلاقتها ببزوغ فجر الكتابة، وتحليل توثيق الرسوم الصخرية للملامح الثقافية للمجتمع العربي القديم في نشاطاته اليومية المتعددة مع تفاصيل دقيقة للأزياء ونشاطاته الاقتصادية والنقل وغيرها، مع تحليل لأساليب تنفيذ الرسوم من حفر ونقر وحك وتهشير واستخدام الألوان، هكذا يثبت فك شفرة إبداعات الفنانين العرب القدامى في رحلة الماضي التي استغرقت12ألف سنة خلت،على أن أراضي المملكة كانت مقراً وممراً للعديد من الثقافات المحلية في عصور ماقبل التاريخ والعصور التاريخية، وعلى وجود افتراض أن الرسوم الصخرية كانت الإرهاصات الأولى لاختراع الأبجدية،وعلى نجاحها الجوهري في توثيق أدق تفاصيل حياة المجتمعات العربية القديمة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية،وعلى أن المجتمع العربي القديم في المملكة شارك بثلاثة اختراعات غيرت من وجه الحضارة البشرية وهي الزراعة والأبجدية والعجلة . وقد اختتم المحاضرة بعدد من التوصيات منها الضرورة القصوى لإنقاذ تجمعات النقوش والرسوم الصخرية بحمايتها من التخريب، والعمل على إنجاز موسوعة تفصيلية لها تتضمن تحديد مواقعها، وتصنيف موضوعاتها، وتحليل مدارسها الفنية التشكيلية ، على أن يتولى المهمة فريق علمي من الجغرافيين والآثاريين والفنانين التشكيليين .