أكَّد باحث الآثار في منظمة اليونسكو أن التنقيبات الأثرية والبحوث العلمية التي جرت على أرض المملكة العربية السعودية منذ فترة ليست بالقصيرة، أظهرت ثراء المملكة الثقافي وعمق حضارتها منذ فجر التاريخ، وأنها شهدت تداولاً ثقافياً وتواصلاً إنسانياً ممتداً عبر الحقب المختلفة. وأوضح الدكتور مجيد خان، مستشار هيئة الايكوموس (باليونسكو) لتحليل ودراسة المواقع المرشحة لاختيارها ضمن قائمة التراث العالمي المؤلف والباحث في مجال الآثار أن هناك أكثر من (5500) موقعاً أثرياً وتراثياً ونقوش صخرية في أنحاء المملكة المختلفة، تؤكّد أن ثراء المملكة لا يقتصر على النفط ومشتقاته، بل تتميز بثراء وإرث ثقافي متراكم عبر حقب التاريخ المختلفة. وقال الدكتور مجيد خان في المحاضرة التي نظّمتها مؤخراً الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المتحف الوطني بالرياض، بعنوان (الفنون الصخرية في المملكة عبر العصور) أن هناك آلاف الكتابات العربية القديمة والنقوش الصخرية تؤكّد أن الجزيرة العربية والتي تعد المملكة قلبها النابض، تمثّل أرض حضارات واستيطان بشري وتواصل إنساني عبر العصور، مشيراً إلى الفنون الصخرية من كتابات وزخارف هندسية وتصاوير لعناصر البيئة المختلفة خلفها إنسان هذه البلاد، منذ القدم، تحكي تاريخ وحضارة هذه المجتمعات. واستعرض المحاضر عدداً من نماذج الفنون الصخرية والرسومات والصور التي تجسد الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية والاقتصادية لإنسان الجزيرة العربية، لا سيما التي تم نقشها على الجبال والهضاب، وواجهات الصخور وجنبات الأودية والشعاب وحول موارد المياه، مستعرضاً نماذج للأسلحة في العصر الحجري الحديث قبل 12 ألف سنة، ورسومات للأزياء والرقص وآلات الطرب، والإلهة، والمدافن، وقال إن الفنون الصخرية التي تم اكتشافها، عكست حياة مجتمعات الجزيرة العربية في جميع الأنشطة الثقافية والدينية والاقتصادية والاجتماعية، وقدم لنماذج من التصاوير والأزياء القديمة، وقال إن الملبوسات عند إنسان الجزيرة العربية، وفقاً للنقوش والمكتشفات، تتشابه في أطوالها عند الجنسين (قديماً وحديثاً)، وتختلف في مواد الصناعة، حيث كان الأقدمون يصنعون أزياءهم من جلود الحيوانات وعناصر بيئاتهم المختلفة، بينما المواطنون في وقتنا الحاضر يصنعون أزياءهم من مواد حديثة ومتطورة مثل مشتقات البترول وغيرها، وتطرق إلى أنواع الرقص والحياة الدينية، قبل (10) آلاف سنة، ووسوم القبائل على حيواناتهم مثل الأبقار وإبل، ودلالة ذلك الاجتماعية والثقافية.