قام فريق من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) , بكشف علميّ أثبت أن جزيئات الحمض النووي منقوص الأكسجين لا تتحرك بحركة براونية عشوائية كما كان هو الاعتقاد القديم السائد في الأوساط العلمية, وإنما بحركة غير عشوائية مرتبطة بديناميكية المبلمرات بطريقة تحفظ مجمل الخصائص البراونية . وبين باحث مرحلة ما بعد الدكتوراه في العلوم الحيوية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية, الدكتور ماجد سراج, أن الحركة البراونية التي يعود الفضل في دراستها إلى عالم النبات الاسكتلندي روبرت براون عام 1827، تعد عملية تتحرك فيها الجزيئات بشكلٍ عشوائي في المائع (سائل أو غاز) عن طريق الاصطدام بالجزيئات الأخرى, مشيراً إلى أنه في الخلايا الحية تسمح الحركة البراونية للجزيئات بالتحرك بسرعة وكفاءة بين عُضيّات الخلية وبالتفاعل مع الجزيئات الأخرى . وأوضح الدكتور سراج أن العلماء كانوا قد استخدموا ولعدة عقود اختباراً بسيطاً نسبياً لتحديد ما إذا كان الانتشار الجزيئي براونياً أم لا , وذلك عندما يزداد متوسط مربع الإزاحة لتجمعٍ من الجزيئات بشكلٍ خطي مع مرور الزمن، الأمر الذي يعني أنه في الوسط المنتظم كالمياه النقية، فإن قطرة من المحلول الملحي ستتوسع بمعدل يجعل متوسط مربع الإزاحة يزداد بشكلٍ خطي مع الزمن . ويتوافق الحمض النووي منقوص الأكسجين مع سلوك الانتشار العيني، لذلك افتُرض أن حركته براونيةً مثل الجزيئات الأخرى, لافتاً إلى أنه بناء على ذلك يمكن أن يُنظر للحمض النووي منقوص الأكسجين بأنه سلسلة شبه مرنة، خاصة إذا تتبعنا حركته على مقاييس زمنية قصيرة وفي فضاء قريب من حجمه، فسنرى سلوكاً حركياً يشبه الدودة . وبتطوير إطار عملٍ نظري جديد تتم فيه نمذجة الحركة بطريقة تدريجية تحسب التواء الجزيء، اكتشف الباحثين سراج وزميله الأستاذ المشارك الدكتور ساتوشي هابوتشي أن جزيئات الحمض النووي منقوص الأكسجين تتحرك بشكلٍ غير عشوائيٍ مع سرعة ومسارٍ جزيئي متنوعين بطريقة حفظت بمتوسط مربع الإزاحة الخطية البراونية تماماً . وقال هابوتشي : إن النتيجة الأكثر أهمية في هذه الدراسة هي في إثبات أن متوسط مربع الإزاحة الخطية لا تشير دوماً إلى حركة براونية أساسية، فمع إطار العمل النظري الجديد هذا، يمكن الكشف عن الحركة غير العشوائية للجزيئات الأحادية والتي لايمكن التقاطها بالتحليل التقليدي لمتوسط مربع الإزاحة . الجدير بالذكر أنه منذ أن تمكن عالم الأحياء الجزيئية والوراثة الأمريكي جيمس واطسون، مع زميله الفيزيائي وعالم الكيمياء الحيوية البريطاني فرنسيس كريك, من اكتشاف الشكل الحلزوني للحمض النووي ( DNA ) في منتصف القرن العشرين، لم تتوقف جهود العلماء وأبحاثهم من أجل التعرف على كيفية تخزين المعلومات الوراثية، وحفظها، وكيفية نقلها من جيل لآخر, فالحمض النووي منقوص الأكسجين هو الذي يحتوي على التعليمات الجينية التي تصف التطور البيولوجي للكائنات الحية ومعظم الفيروسات, كما أنه يحتوي على التعليمات الوراثية اللازمة لأداء الوظائف الحيوية لكل الكائنات الحية .