منذ أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، أنشأ العلماء العلم الجزيئي الذي يهتم بكيفية تمييز وعزل ومعالجة المكونات الجزيئية للخلايا والكائنات الحية. وتتضمن هذه المكونات مستودع المعلومات الوراثية (DNA)و (RNA) والذي تتراوح وظائفه من العمل كالنسخة العاملة المؤقتة ل (DNA) إلى الهيكلية الفعلية، ودراسة الأسس الجزيئية لعمليات النسخ والاستنساخ والترجمة الجينية والمهام الإنزيمية والبروتينية للجزيئات في الخلية التي تمثل النواة المركزية للعلْم الجزيئي، حيث إن المادة الوراثية تنسخ من الحمض النووي DNA إلى مادة RNA، حيث تترجم ويتم تصنيع البروتين الذي يحمل نفس الترجمة الجينية. ويعتبر هذا العلم هو محاولة الانطلاق لفهم الصورة التي كرم الله عز وجل بها بني آدم، حيث قال تعالى (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) كثير منا لا يعرف أن جسم الإنسان وكذلك جميع الكائنات الحية قد بناها الله سبحانه على أساس محكم وتنظيم دقيق لم يتوصل إلى فهمه الإنسان إلا بعد دراسات شاقة وبحوث مضنية قام بها لفيف كبير من العلماء في مختلف بلاد العالم. الأمر الذي أصبحنا من خلاله نعرف اليوم أن جسم الإنسان يتركب من وحدات أساسية دقيقة للغاية تعرف بالخلايا داخلها النواة والمستودع الجيني للكائنات الحية. ويحتوى جسم كل واحد منا على ما يقرب من 350 مليار خلية (350 ألف مليون خلية) ويدل وجود هذا العدد الضخم من الخلايا التي تدخل في بناء الجسم على أن الخلية في حد ذاتها ضئيلة للغاية وعلى جانب كبير من الدقة. إن الفهم الدقيق للبيولوجيا البشرية والأسباب المرضية، هو الهدف الرئيسي للبحوث الطبية والأحيائية، وذلك للبحث عن أفضل وأدق التفاصيل، وبالتالي فإن السعي للمعرفة الكاملة للحياة يترتب عليه الفهم التام للبيولوجية الجزيئية، الأمر الذي يساعد في الكشف والعلاج المبكر عن الأمراض البشرية. ويتداخل هذا العلم مع كل من علم الأحياء والطب والكيمياء في عدة فروع ويتقاطع مع الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة في عدة مناطق وتخصصات. ويهتم العلم الجزيئي بدراسة مختلف العلاقات المتبادلة بين كافة الأنظمة الخلوية، وبخاصة العلاقات بين الأحماض النووية وعملية الاصطناع البروتيني، إضافة إلى آليات تنظيم هذه العملية وكافة العمليات الحيوية. لقد أحرزت الأبحاث في الآونة الأخيرة تقدما ملحوظا في فهم المسائل الجزيئية والبروتيوميات مما كان له الأثر البالغ لفهم الأمراض ومسبباتها الأمر الذي جعل من الممكن ابتكار استراتيجيات علاجية على أساس هذه المعرفة من خلال هذا النهج إلى أن دخلنا إلى عصر «المعلومات والتقنية الجزيئية» الأمر الذي به تم استحداث برامج محددة بدرجة رئيسية في علم التقنية الجزيئية، غير عرضية بل أساسية وعلى قدر عال من الأهمية. *عضو هيئة التدريس في جامعة طيبة