استطاعت مجموعة شبابية مكونة من طلاب الطب المنضمين للجمعية الوطنية لطلاب الطب (أغلبهم من الطالبات)، تنظيم النسخة الثانية لمهرجان حماية الطفل (خطوات 2) الذي يستهدف أكثر من 30 ألف طفل مع أسرهم بالمنطقة الشرقية، حيث انطلقت فعالياتها أمس الأول وتستمر أربعة أيام. وعلى الرغم من العراقيل والصعوبات التي واجهت المجموعة، ومنها قلة الدعم، إلا أن السواعد الشبابية أبت إلا أن تظهر قدرتها على تخطي جميع العقبات لتتحول الصالة الخضراء في المدينة الرياضية بالراكة إلى قرية ترفيهية وتعليمية تضم ستة أركان تعمل على إكساب الأطفال مهارات حياتية بطرح معرفي متخصص، وتسعى معه إلى إخراج قدراتهم الكامنة لحيز الوجود وتدريبهم على أساليب الحماية من الأضرار التي تحيط بهم، سواء كانت عنفا أو إهمالا أو تحرشا، بأدوات تتلاءم مع طبيعة الأطفال، علاوة على رفع مستوى الوعي لدى العامة تجاه رعاية الأطفال، حيث لوحظ انتشار بعض السلوكيات الخاطئة على أيدي الآباء والأمهات وبقية أفراد الأسرة والبيئة المدرسية في طرق التعامل مع الأطفال في الآونة الأخيرة. بلغة الواثق، أكدت عائشة الجناحي (طالبة طب ومنسقة المهرجان) ل “شمس” أن المهرجان إثبات وتأكيد للجميع أن شباب الوطن قادرون على الإنجاز والعطاء على الرغم من الظروف العصيبة، وقالت: “لا أظن أن هناك مجموعة تطوعية من طلاب الطب قامت بمثل ما قمنا به، لاسيما أن هذا المهرجان يعنى بحماية الطفل ويسعى إلى إحداث تغيير إيجابي لشرائح المجتمع كافة، ذات الارتباط الكبير بالطفل”. وتابعت: “النسخة الثانية للمهرجان واكبت الأولى التي استقطبت أكثر من ثلاثة آلاف زائر، وذلك بزيادة جرعات المادة الترفيهية أسوة بالمادة التعليمية كي يكون أكثر إمتاعا للطفل بحيث يسعى كل ركن إلى تأصيل مهارة معينة وتوسيع مدارك الطفل إلى جانب الاستغناء عن المكوث لساعات طويلة أمام التلفاز والألعاب الإلكترونية، علاوة على تأكيد أهمية الإسعافات الأولية والعمل التطوعي التي طالما أُغفلت في المدارس”. وتشير الجناحي إلى أن هذا المهرجان الذي خرج إلى النور بمشاركة أكثر من 150 طالبا وطالبة في الشرقية، جاء ليكون مساندا لعمل مؤسسات المجتمع المدني التي تسعى في استراتيجياتها إلى حماية الطفل من أشكال العنف والإهمال كافة، والأضرار والمؤثرات السلبية الأخرى داخل البيئة الأسرية أو البيئة المجتمعية المحيطة بالأطفال، وتحتاج إلى وقفة صادقة من المؤسسات الحكومية والخاصة كافة لمعالجة هذه الإشكاليات التي بدأت تتفاقم في السنوات الأخيرة، لافتة إلى أن المهرجان يكرّس ما دعت إليه جمعية حقوق الإنسان من الإسراع في تشريع نظام للحد من الإيذاء الذي لا يزال على طاولة مجلس الشورى، ويأتي تعزيزا لهذه المطالبات من قبل هذه المجموعة الشبابية. مؤكدة أنه من خلال الفعاليات التي ستدار على مدى أربعة أيام، ومن خلال فتح قنوات للحوار التفاعلي مع الأطفال، سيتم مخاطبة الجهات الرسمية حال اكتشاف تعرض طفل للعنف، سواء كان في البيت أو المدرسة، لاتخاذ اللازم، وهو جزء من المسؤولية المجتمعية التي يحققها المهرجان. بدورها، أبانت شهد العجمي (طالبة طب) أن المهرجان يركز على أن للطفل حقوقا ويجب أن يحصل عليها، مشيرة إلى أن المجتمع السعودي أعطى للطفل حقوقه إلا أنها ناقصة نوعا ما، وتحتاج إلى أن تشتمل على مساحة حرة للتفكير والإبداع، لافتة إلى أن المجتمع السعودي يعاني فهما خاطئا في العنف، ويرى أن الضرب والإساءة، وهي من أساليب التربية الوالدية، مهمة في عملية التربية كي يصقل الطفل ويصنع منه رجلا، كما هو متداول محليا، نافية أن يكون تشريع النظام للحماية من العنف هو الأساس، مشددة على أن تكون الحماية من العنف نابعة من اقتناع من العائلة نفسها وليس على شاكلة تشريع. من جهتها، أبانت جمانة المشيخص (طالبة طب) أن أبرز ما يعانيه الطفل السعودي هو عدم تفهم الأهل له واحتوائه، ما أحدث فجوة بين الأهل والطفل نتيجة تسارع وتيرة الحياة وانغماس الأهل في متغيراتها المتلاحقة، مشيرة إلى أن عدم تفهم الطفل يعد من صور الإهمال المفضية إلى العنف الذي يخرج بصورة مشاجرة بين الأطفال في المدرسة وحب التخريب واختلاق المشاكل مع الآخرين كي يسترعي انتباههم في الغالب، إلى جانب العنف الجسدي الذي يتعرض له الطفل من قبل الأهل ووصل إلى أعلى نسبة في المنطقة الشرقية، وفق ما إشار إليه البرنامج الوطني للأمان الأسري. مشيرة إلى أن أبرز حالات العنف التي يتعرض لها الطفل في العالم هي تجاهله لاشعوريا، وبنسبه تصل إلى 70 في المئة، لافتة إلى أن الطفل السعودي يحتاج إلى تفهم واحتواء، وعدم وجود هذا الأمر يقتل مواهبه وإبداعاته التي تحتاج إلى تنمية ومعرفة من قبل الأهل.