لا يكاد منزل في الشمال يخلو من بيت الشعر الذي يعده أهلها دليل الكرم والشهامة، فبيت الشعر هو الموقع المفضل لتجمع الشباب واستقبال الضيوف وسمرات الأهل والأحبة، ويعد فصل الشتاء هو المفضل بالنسبة إلى أهالي الشمال، حيث يقضون جل وقتهم في بيوت الشعر، إلى جانب النيران ودلال القهوة وأباريق الشاي، حتى إن الغالبية منهم يغلقون مجالس منازلهم ويفتحون بيوت الشعر ليستقبلوا من خلالها الأحبة. ويعد الشماليون بيت الشعر إضافة إلى ما يمثله من أهمية لهم في الوقت الحاضر، رمزا للماضي الجميل، وإرثا بدويا أصيلا يذكرهم بما سبق من بطولات وأمجاد وشهامة وكرم. المواطن منصور الربع يشير إلى أنه يبني بيت الشعر في فصل الشتاء والربيع فقط، وعند بداية الصيف يطويه لشدة الحر، ويضيف بالقول: “حرارة الشمال لا تطاق، أما في الشتاء والربيع فإني أشد البيت وأبنيه وأستقبل فيه ضيوفي، وبيت الشعر له طابع خاص عندنا كأبناء بادية، ونفضله على المجالس التقليدية التي لا نجد فيها الراحة والمتنفس”. أما المواطن كامل الشمري فقال: إنه يفضل بناء بيت الشعر داخل أسوار منزله، وهو (على حد قوله) يملك بيت شعر صغير الحجم خارج نظاق منزله، قوائمه من الحديد، ويجد فيه لذة السمر ومجالسة ضيوفه واستقبالهم، ويوضح: “بيت الشعر يجمع أصالة الماضي وتراث الحاضر، وكل الضيوف الذين يزوروني يفرحون بشبة النار داخله، وهذا يكفيني”. ويزيد المواطن سلطان المبارك: “لا يخفى على الجميع أن أكبر مقاس لبيت الشعر هو المعوشر، وهو الذي يُبنى على عشرة أعمدة، ثم يأتي بعده المتوسع وهو الذي يبنى على تسعة أعمدة، وهكذا، حتى يأتي المثولث ثم المقورن، وهو الذي يبنى على عمودين، والقطبة هي الأصغر، وتبنى على عمود واحد، وبالعادة الفرق بين كل عمود والآخر داخل بيت الشعر ما يقارب أربعة إلى خمسة أمتار ليبقى قويا ضد العواصف الجوية أو ما شابهها، ويُصنع بيت الشعر من شعر الماعز أو الإبل أو صوف الأغنام، أما العمر المتوسط له فهو سبع سنوات”. بقي أن نذكر أن الزائر للبراري الشمالية هذه الأيام، يرى كثرة المخيمات، وتحديدا في إجازة الأسبوع، حيث تخرج الأسر للتنزه بجمال الجو الشمالي، وتنتشر بيوت الشعر في كل مكان، والملاحظ أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير، خصوصا مع إقبال الكثير من المواطنين على شرائها.