.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم المفكر المسيحي والدبلوماسي نصري سلهب في كتابه (في خطى محمد). المفكر المسيحي والدبلوماسي (نصري سلهب) وهب حياته لتحقيق التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين. وقبيل وفاته ألّف سلهب كتابه (الإسلام كما عرفته دين الرحمة والسلام)؛ ولنصري سلهب” كتاب آخر، صدر عام 1970 هو (لقاء المسيحية والإسلام) قال فيه: “الإسلام ليس بحاجة إلى قلمنا، مهما بلغنا من البلاغة. ولكن قلمنا بحاجة إلى الإسلام، إلى ما ينطوي عليه من ثروة روحية وأخلاقية، إلى قرآنه الرائع الذي بوسعنا أن نتعلم منه الكثير”. في خُطَى مُحمّد أمّا كتابه (في خُطَى مُحمّد) فيقول في تقديمه: “إنه كتاب شهادة “مسيحي” على دين مُحمّد، وإسهام في تعريف المسيحيين بحقيقة هذا الدين إنما أردته شهادة مسيحي في دين مُحمّد من لدن الله، من السماء، فأسهم من خلاله في إطلاع إخوة لي مسيحيين على حقيقة هذا الدين، وما يحتوي من ثروات روحية وخُلقية، وعلى ما أدّى للإنسانية عبر العصور من جليل الخدمات”. ويقول الكاتب: “غدا اسم مُحمّد أشهر الأسماء طُرًّا، وأكثرها تردادا على الشفاه وفي أعماق القلوب. وحسبه شهرة وتردادا أن ملايين المؤمنين في العالم يؤدون كل يوم أكثر من مرة، شهادة مقرونة باسم الله وباسمه”. ويرى الكاتب أن “من يُمعِن التفكير في سيرة هذا الرجل يرَ نفسه منساقا إلى الإقرار بأنّ ما حققه وقام به يكاد يكون من دنيا غير التي يعرفها البشر”. ويشير إلى أنه “ليس بين الرسل واحد كمُحمّد عاش رسالته عمقا وصعدا، بُعْد مدى، ذوب كيان، عصف بيان، عنف إيمان”. وعن أُميّة الرسول، يقول: “إنّ مُحمّدا كان أُمّيا لا يقرأ ولا يكتب، فإذا بهذا الأُميّ يهدي الإنسانية أبلغ أثر مكتوب حلمت به الإنسانية، ذاك الكتاب الذي أنزله الله على رسوله”. وتبلغ الدهشة والإعجاب بالكاتب مبلغها، حينما يتأمل في قدرة الرسول على الجمع بين المهام العظمى سواء كانت عامة أو خاصة والتي لا يقدر عليها فرد مهما كانت عزيمته، فيقول: “هذا الرجل الذي ما عرف الهدوء ولا الراحة ولا الاستقرار، استطاع وسط ذلك الخِضم الهائج، أن يرسي قواعد دولة، وأن يشرّع قوانين، ويسنّ أنظمة، ويجود بالتفاسير والاجتهادات، ولم ينسّ أنه أبٌ وجدٌّ لأولاد وأحفاد فلم يحرمهم عطفه وحنانه. فكان بشخصيّته الفذّة، الغنيّة بالقيم والمعطيات والمؤهّلات، المتعددة الأبعاد والجوانب، الفريدة بما أسبغ الله عليها من نعم وصفات، وبما حباها من إمكانات، كان بذلك كله عالما قائما بنفسه”.