“ما حسيت بشي.. كنت كأني أطير”، هكذا وصفت الطفلة إيلاف شعورها في اللحظات القليلة التي فصلت بين سقوطها من الدور ال14 وارتطامها بسقف سيارة على الأرض. لكن أهلها وشهود العيان الذين كانوا في الموقع يصفون الحادثة ب المعجزة”. لقد شاهدوا بأعينهم الطفلة وهي تهوي من الارتفاع الشاهق لتتلقفها سيارة صغيرة كانت متوقفة أمام العمارة، وبعد ثوانٍ من الارتطام، كانت إيلاف تنفض بقايا الزجاج عن ثوبها وشعر رأسها وتنزل من فوق السيارة راكضة نحو باب العمارة. كان قلبها يخفق بشدة، فهي لم تدرك بعد ما الذي حصل، وكل ما كانت تفكر به في تلك اللحظات، كما قالت ل شمس”، هو سبب تجمّع الناس حولها، وقولهم: “سبحان الله سبحان الله”. كانت إيلاف تبدو بصحة جيدة عندما زرناها أمس في مستشفى بخش الذي ترقد فيه، كانت الجروح السطحية تغطي كفيها الصغيرتين وجزءا من وجهها بسبب زجاج السيارة الذي أنقذها من موت محقق. وروت ل شمس” تفاصيل ما حدث ذلك الصباح، وقالت: “صحوت من النوم صباحا ووجدت أبي يريد الخروج، وأمي كانت في المستشفى، وطلبت من أبي أن يأخذني معه وقال إنه لا يستطيع، فتوجهت إلى بلكونة الشقة (الشرفة) بعد خروجه؛ لأنظر إليه من الأعلى، وصعدت على طاولة كانت هناك، وعندما صعدت عليها وبدأت أطل من الأعلى اختل توازني وسقطت”. وبسؤالها عما كانت تحسّ به أثناء سقوطها، قالت: “لم أشعر بشيء أبدا.. كنت كأني أحلم، وأحسست بأني أطير، لكنني لا أدري إلى أين كنت أتوجه.. وكان الوقت الذي استغرقه سقوطي قصيرا جدا جدا، وأحسست بانتهاء الطيران عندما سمعت صوت زجاج السيارة التي وقعت عليها يتكسر، ولم أكن أشعر بأي ألم، لكن الزجاج المتكسر والجروح والدماء التي ظهرت على يديّ أخافتني جدا، لكنني قمت من السيارة ونزلت منها واتجهت إلى باب العمارة وجلست هناك، وأنا لم أدرك بعد ما الذي حصل”. وقالت: “إن أهم فكرة شوّشت ذهنها بعد السقوط، هو كيفية انتقالها بهذه السرعة الفائقة من الدور ال14 إلى الأرض، كانت تتوقع، مثل غيرها، أن سقوطا بهذا الحجم سيجعلها تشعر بالألم على الأقل، لكن هذا لم يحدث. وأضافت إيلاف: “عندما اتجهت إلى باب العمارة أخذني حارس العمارة، وهو يتأكد من أني غير مصابة بكسر، ثم جاءني رجل وأخذ يتحسس يديّ ويسألني إن كان أي جزء منها يؤلمني، وفي وقت قصير جدا تجمّع ناس كثيرون وكانوا كلهم يقولون: “سبحان الله سبحان الله”. ثم كانت أكثر اللحظات درامية في الموقع، عندما وصل الأب إلى الدور الأرضي، وشاهد تجمع الناس أمام العمارة، وحال خروجه وجد ابنته التي كان قد ودعها في الشقة قبل ثوانٍ محاطة بالناس أمام المدخل.. تقول إيلاف: “حالما رآني والدي احتضنني وهو يبكي، والحارس يروي له ما حدث.. وعندما شاهدت أبي يبكي، شعرت بالخوف، أما قبل ذلك فلم أكن خائفة”. وقالت: “إن هتافات الناس بعدما ضمها والدها جعلتها تشعر بالرعب والهلع؛ لأنها لا تدري لماذا كان يصرخ الناس الذين كانوا يذكرون الله ويهللون ويسبحون، وكانت تعتقد أنهم يصرخون بسبب تخريبها للسيارة التي سقطت عليها.