عندما يتحول الحوار إلى تصفية حسابات، وهتك للخصوصية، يصبح خوارا مع مرتبة الجهل، فبعد أن تطور الحراك الثقافي في الشبكة، وبات الأغلبية يكتب باسمه الصريح، حيث التحرر من عقدة الأقنعة، ماذا حدث؟ رجعوا أكثر من مئة عام للخلف بذات السيناريو والحوار مع فرق الأدوات ونوع الساحة، حروب كلامية «شتائمية»، وانتهاك للأعراض، في مسابقة الصراخ المحمومة بين شوارع «تويتر»! في معمعة الضجيج تذوب القضايا المصيرية ويصمت الكبار، ليعبث الصغار، لأنه فخ قديم يستخدمه «الحرامي» ليشغل الحراس وتتم السرقة دون أن ينتبه له أحد، فالكل يتحدث ويناقش ويجادل حول من «فسق ونهب»، وبالطبع لا أحد يسمع، لأن الثوار يملكون حماسا دون قضية محددة، وفي حال أسوأ تكون القضية تافهة، وتضيع فيها أوقات، وتتوه فيها أقلام، وتتورط بها شخصيات لها ثقلها ومنوط بها مهمة أكبر من مجالس «الحش». عندما نتقاتل بالتقنية فإننا نأخذ سياطا بأيدينا نجلد بها وحدتنا وقلوبنا، وعندما نستخدم التقنية للسخرية بعضنا من بعض، فإننا نختار أن نكون «نكتة» للعالم، وعندما نستغل ضعف أحدنا لرفع سيف التهديد بالفضيحة بعد أن ستره الله، فإننا باختصار نمزق ثيابا تستر العورات، نبديها لمن ولأجل من؟ أين القضايا المعلقة أين نشر الدين أين الاستجابة لأنين الفقراء أين المساهمة في التطوير أين نبذ العنف ضد الضعفاء أين أزمة تملك السكن أين تبادل الخبرات.... إلخ كل ذاك الثمين وغيره سيلفه الصمت إن كانت المهمة تتمحور حول النيل من فلان وعلان، القضية أكبر من رموز معينة، القضية وطن، وشباب ينتظر فرصة العمل، وعنوسة تزيد، وطلاق يستشري، وفقر يسحق، وغلاء ينذر بالطبقية! الرأي حق مشاع، إنما إشعال فتيل الفوضى والفرقعات الكلامية، إفساد لا بد أن يوضع له حد، فالسلاح في يد طفل ينتهي بمجزرة وإن كانت بيد بريئة.