أصبحت بيانات الجماعات المتطرفة ركنا أساسيا في بعض نشرات الأخبار في القنوات الإخبارية العربية، وبين حين وآخر تعرض بعض هذه القنوات عددا من البيانات وأشرطة الفيديو لبعض هذه الجماعات الضالة، التي تبطن هذه المواد الإعلامية برسائل موجهة لمجموعات وخلايا إرهابية تتبع لها، ورغم جهود الحكومات في تضييق الخناق على مثل هذه التنظيمات في الشبكة العنكبوتية، إلا أن الفضاء ونشرات الأخبار مفتوحة لتصدير الخطب وأشرطة الفيديو للعمليات الجهادية، بل إن بعض القنوات تعتبر الحصول على مثل هذه المواد سبقا إعلاميا بالنسبة إليها، وتستمر عرضه في اليوم أكثر من مرة بطريقة احتفائية لا تخضع لأي ضوابط، بل تفتح الباب على مصراعيه لمثل هذه الخلايا لطرق أبواب القنوات الإخبارية، وأخذ مساحة من الوقت الرئيسي للنشرات اليومية، وفي كثير من الأحيان تسحب أخبار هذه الجماعات والمواد الإعلامية التابعة لها البساط من القضايا السياسية المعاصرة، وتأخذ المكان الرئيسي في النشرة. عن بث مثل هذه البيانات والتقارير التي تحصل عليها الفضائيات من بعض التنظيمات ونشرها طمعا في السبق الصحافي والضوابط المهنية والأخلاقية، توجهنا بالسؤال إلى الدكتور فهد الخريجي رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك سعود الذي تحدث قائلا: «كثير من الفضائيات تركز على الإثارة، وتبحث عنها من خلال الصوت والصورة، ولكن جميع هذه المحطات الفضائية التي تبث البيانات تقع في فخ الإرهاب؛ لأن الدور الذي تمارسه له ضرر أخلاقي واقتصادي وسياسي»، وتابع: «من المفترض ألا تفسح المجال لأمثال هؤلاء، وللأسف أن هذه الفضائيات العربية وقعت في فخ التقليد للإعلام الغربي، وبحثت عن السبق وغضت النظر عن الجوانب الأخرى في المسألة». واستشهد الخريجي بحادثة تعامل وسائل الإعلام البريطانية مع خطابات وبيانات أحد الأجنحة السياسية المعارضة هناك، من خلال بث صورة المتحدث، واستبدال الصوت بصوت آخر، يتخذ لغة هادئة وعقلانية بدلا من لغة التحريض والكراهية. مطالبا في الوقت نفسه الفضائيات باتخاذ الموقف نفسه، وعدم بث خطابات العنصرية ومقت الآخر، والقضاء على الإثارة، وإقفال الباب أمام أي جهة تريد تمرير أجندة غير أخلاقية. من جهته، أكد الدكتور إبراهيم بن عبدالله المطلق أستاذ الدعوة والإعلام في جامعة الإمام وعضو لجنة المناصحة في وزارة الداخلية أن القنوات الفضائية التي تعطي مساحة لنشر وبث أفكار مثل هذه الجماعات المتطرفة هي في الغالب قنوات باحثة عن الإثارة؛ ولذلك تنشر أخبارهم وتعطيهم مساحات ضمن محتواها الإعلامي، وشدد على ألا تكون هذه القنوات قريبة من هذه الأفكار، وأضاف: «هذه المحطات تسبب ضررا، وتصرفها منبوذ في جميع أنحاء العالم؛ ولذلك يجب التصدي لها عالميا»، وأوضح المطلق في حديثه ل«شمس» أن إعطاء مساحات للاهتمام بهذه الجماعات المتطرفة وأفكارها يتعارض مع أخلاقيات المهنة الإنسانية والإعلامية. الدكتور عمار بكار المدير العام للإعلام الجديد في مجموعة mbc تحدث عن الموضوع بجانبيه المهني والأخلاقي وقال: «هناك تناقض بين الإطار الأخلاقي والمهني في الإعلام، فنشرات الأخبار من حقها أن تبحث عن السبق، وتنشر أي معلومة صحيحة تقع تحت يدها، وهذا التصرف مستمد من النظرية الديموقراطية للإعلام». وتابع: «الإشكالية تكمن في أن هذه الفضائيات العربية لا تلتزم بهذا الضابط بل تحدث تمييزا فتأخذ ما تريد، وتترك ما لا تريد وفق أجندتها السياسية». وذكر بكار أن مشكلة هذه الرسائل التي تعرضها بعض القنوات تؤثر في الجمهور بصورة كبيرة، وخصوصا ذوي المستويات الدراسية المتدنية، مستشهدا في ذلك بدراسة أمريكية أوضحت أن المتورطين في الإرهاب هم من الجهلة وأصحاب الخلفية الشرعية الضعيفة. وأوضح بكار أن الإطار الأخلاقي في الإعلام يمنع بث مثل هذه المواد؛ لأنه يخضع لنظرية المسؤولية الاجتماعية التي أتت لتصحح النظرية الديموقراطية. وبين في مجمل حديثه أن تجاهل هذه الرسائل ليس حلا ويعد مشكلة أخرى، وقال: «من المفترض أن هذه القنوات تعرض المواد ولكن بطريقتها، وليس بطريقة من صنعها من التنظيمات، وإشعار الناس بتفاهة مثل هذه المواد، ومن شروط العرض امتصاص الجرعات العاطفية والحماسية حتى تفقد مفعولها الذي عملت من أجله». واختتم بكار حديثه بأن الناس لديها فضول، وعندما يتجاهل طرف هذه الأشرطة، فإنه يخسر من جماهيريته لصالح أطراف أخرى. الميثاق يرفض مواد الإرهاب تنص المادة العاشرة من بنود ميثاق الإعلام العربي الصادر عن مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته ال35، التي عقدت بمقر الأمانة العامة بالقاهرة في 29 يونيو 2002، على تعميق روح التسامح والتآخي، ونبذ كل دعاوى التمييز والتعصب، أيا كانت أشكالهما، قطريا أو عرقيا أو دينيا، والامتناع عن عرض أو إذاعة أو بث أو نشر أي مواد يمكن أن تشكل تحريضا على العنف والإرهاب أو التطرف .