كثر في الآونة الأخيرة تطرق بعض القنوات الفضائية العربية في مضامينها الإعلامية لقضايا الشذوذ الجنسي والمسائل الجنسية العامة والعلاقات الجنسية وحقوق المرأة الجنسية، والتثقيف الجنسي للأطفال والمراهقين والعلاقات الجنسية الآمنة للمراهقين والشواذ، إضافة إلى التلاعب بالمصطلحات، والسعي لتلطيف بعض المصطلحات القبيحة، وإضفاء صفة الإيجابية عليها بدل السلبية، مثل: مصطلح الشذوذ الجنسي الذي استبدلته بعض القنوات ب»المثلية الجنسية»، كيف ينظر الخبراء والمفكرون الإعلاميون إلى مثل هذه الظاهرة، وما هو سر اهتمام بعض الفضائيات العربية وإصرارها على عرض مثل هذه الظواهر؟ وهل يعود السبب في تطرق تلك القنوات الفضائية لتلك المسائل إلى التقارير الصادرة من هيئات حقوق الإنسان وحريات الأديان في أمريكا وأوروبا والتي تطالب بحماية الشواذ في الدول العربية، وعدم تعرض أجهزة الأمن لهم؟ وأين هي مواثيق الشرف الإعلامية العربية التي تؤكد على ضرورة عدم التحريض على كل ما يخالف القيم والعادات والمعايير التي يقوم عليها المجتمع من إثارة الفاحشة، أو التحريض على السلوكيات الشاذة، وإثارة الشهوات من خلال عرض وتصوير الممارسات الجنسية أو كتابات تحتوي على ألفاظ نابية تثير الشهوة، حيث تشهد الساحة الإعلامية غياب التطبيق العملي لتلك المواثيق على أرض الواقع، وما هي السبل الحقيقة لتفعيلها، تساؤلات عديدة تمت إثارتها في التحقيق التالي: بداية يؤكد الأكاديمي والخبير الإعلامي الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد، بأنّ هذه الظاهرة ناتجة عن الضغوط الخارجية لتلميع الشذوذ، فهناك توجه لدى بعض القنوات لاستخدام بعض المصطلحات الأكثر إيجابية لتلطيف الظاهرة وإضفاء الناحية الإيجابية عليها بدل السلبية، حيث يتم تحويل القضية السيئة إلى قضية مقبولة من الناحية اللغوية، فعلى سبيل المثال يستبدل مصطلح «الشذوذ الجنسي» ب»المثلية»، موضحًا بأنّ هناك دوافع ذاتية لدى بعض القائمين على الوسائل الإعلامية تتمثل في أهمية منح الشاذين جنسيًا حرية الاختيار وحرية الرأي والتعبير. مواثيق شرف وحول دور مواثيق الشرف الإعلامية العربية التي تؤكد على ضرورة عدم التحريض على كل ما يخالف القيم والعادات أو التحريض على السلوكيات الشاذة، وإثارة الشهوات وكيف يمكن تفعيل المواثيق عمليًا على القنوات الفضائية المخالفة لها يعتقد سعيد بأنّ هناك الكثير من الأشياء الجميلة التي كتبت كمعايير ومواثيق غير إلزامية وليس بالضرورة أن تطبق على أرض الواقع فهذه المواثيق تدعو إلى احترام القيم والعادات وغالبًا عند وقت التنفيذ تجد بأنّها لا تأخذ بعين الاعتبار ولا يتم العمل بها لعدم وجود قوة تنفيذية تلزم مثل هذه القنوات بهذه المعايير، فهي معايير أخلاقية أكثر من كونها قانونية. السلاح الحقيقي ويرى بن سعيد أنّ السلاح الحقيقي لمثل هذه الظاهرة يكمن في طبيعة الإنسان المتلقي للرسائل الدعائية والذي بدوره يستطيع أن يميز ما بين الإيجابي منها والسلبي عن طريق القراءة النقدية أو الاستماع الذكي وتطوير المهارات لديه، فإذا ما شاهد أو قرأ شيئًا ما يستطيع أن يميز وينقد ما بين السطور، ويكون قادرًا على التحليل والنقد، وعلى إثر ذلك تكون عملية وضع معايير معينة، وإلزام الناس بنمط وسلوك محدد أمرًا صعبًا، لكن لا بدّ أن تكون لديهم الملكة والقدرة على التمييز بين الرسائل والمصطلحات الإعلامية الموافقة لقيمنا ومبادئنا وبين المخالفة لها. دور خطير من جانبه يرى الأكاديمي والإعلامي الدكتور فريد أبو ضهير، أنّ هناك عددًا من الفضائيات العربية تسعى لنشر الثقافة الاستهلاكية عرضها على الجميع، وإزالة الحواجز بين التراث الغربي والإسلامي، فهذه الفضائيات تلعب دورًا خطيرًا على المستوى الثقافي، حيث يأتي دور الأفلام والمسلسلات الأجنبية التي يتم عرضها على المتفرج العربي، وبدورها قامت بنشر مصطلح «مثيلي الجنس»، مؤكدًا بأنّ انتشار مثل هذه الظاهرة بدأت منذ أكثر من 20 عامًا وتحديدًا منذ مؤتمر بكين في الصين والذي تطرق إلى قضايا مختلفة منها: قضايا المرأة والشذوذ والمساواة، وغيرها، حيث بدأت هذه المفاهيم بالانتشار في دول مختلفة. وعن دور المواثيق الإعلامية في التقليل من هذه الظاهرة يعتبر أبو ضهير أنّ مثل هذه النصوص الأخلاقية تعدّ ترجمة لمفاهيم المجتمعات العربية والإسلامية، فهي انعكاس طبيعي للثقافة التي تحملها هذه المجتمعات وبالتالي يجب أن تشكل هذه النصوص أنموذجًا حقيقيًا لهذه المجتمعات والتي تراعى فيها رأي الأغلبية، من خلال العمل في نفس الوقت على تحقيقها ونشرها وتجذيرها. توصيات خارجية من جهته يعتقد مدير قناة الهدى «الإنجليزية» الدكتور نبيل حمّاد أنّ انتشار مثل هذه الظاهرة يعود إلى وجود توصيات خارجية خصوصًا بعد الحملة الصليبية التي قادها ملك فرنسا نابليون على مصر حيث كتب توصياته بعد فشل الحملات الصليبية العسكرية على العالم الإسلامي وتمحورت في نقطتين مهمتين الأولى في أنّ المسلمين لن يؤثر عليهم الغزو العسكري إذ لا بدّ من غزوهم بالفكر، والثانية: ابدأ في مصر أولًا لأنّها قلب العالم الإسلامي، مضيفًا بأنّ مصر شهدت في عهد محمد علي باشا إنشاء المطبعة العربية لتنفيذ مخططات الغزو، فبدأ المسرح المصري الذي هو نسخة طبق الأصل عن المسرح الفرنسي، كما أنّه من المعروف بأنّ أول المؤسسين للسينما المصرية كانوا من الديانة اليهودية والمسيحية، مشيرًا إلى أنّ دعوات قاسم أمين وعبدالرحمن الكواكبي ورفاعة الطهطاوي ما يعرف بأصحاب المدرسة العقلية أدت إلى تأثيرات اجتماعية وفكرية على مصر خصوصًا والعالم العربي والإسلامي حتى وصلت إلى الجزيرة العربية. نجاح اليهود ويؤكدّ حماد بأنّ اليهود في أوروبا نجحوا وعبر العديد من المفكرين في التأثير على العالم مثل: دوركايم في علم الاجتماع وفرويد الذي ركز على القضايا الجنسية وكارل ماركس وغيرهم من المفكرين اليهود، عدا عن ذلك فإنّ روبرت ماردوخ والذي يعدّ من أكبر أباطرة الإعلام في العالم هو يهودي أيضًا، ويمتلك أكبر الشركات والفضائيات الإعلامية المؤثرة في العالم، كما أنّ أكبر 7 شركات متخصصة في الإنتاج التلفزيوني بالولاياتالمتحدة تعود ملكيتها إلى شخصيات يهودية مثل: شبكة «NGM» وشبكة «يونيفيرسال» و»ولت ديزني» وغيرها، والتي تعمل بدورها على تأسيس مفاهيم وقيم جديدة تتناسب مع أطروحاتها وأهدافها التي أنشئت لأجلها، منوهًا على أنّ مثل هذه الشركات والشبكات الإعلامية العالمية تسعى إلى تدمير القيم والمفاهيم الدينية حتى اليهودية والمسيحية منها فهي لا تكتفي بتدمير قيم الدين الإسلامي وإنّما تتعدى أهدافها إلى تدمير كل ما هو أصيل ويمت للديانة والتراث بصلة. القوانين الأوروبية ويبدي استغرابه من القوانين الصادرة في أوروبا وأمريكا والتي تؤكدّ على حرمة التعرض لأمرين وهما: معاداة السامية، والثاني: عدم التعرض للشاذين جنسيًا، مشيرًا إلى وجود منظمات وهيئات حقوقية تقوم بمساندتهم ودعمهم في تلك الدول، كما أنّ منظمات حقوق الأديان لها دور في هذا المجال والتي تسعى للمطالبة بحرية الدين وحرية الردة، إضافة إلى وجود الدعم المادي لدى وسائل الإعلام التي تنشر الثقافة الاستهلاكية، والضغوطات الثقافية تسهم هي الأخرى في تفكيك العديد من المفاهيم والقيم المتعارف عليها في المجتمعات، وهذا ينعكس سلبًا على المصطلحات التي يتمّ تداولها في وسائل الإعلام. انتشار عالمي ويمضي حماد قائلًا: «ظاهرة الشذوذ الجنسي باتت منتشرة بشكل كبير في العالم، وفي بريطانيا وبعض الولاياتالأمريكية أصبح زواج «مثيلي الجنس» مسموحًا به، كما أنّ للشواذ الحق في الانخراط بالجيش الأمريكي بعد أن كان ممنوعًا، ولهم الحق في التعبير عن آرائهم عبر المظاهرات والمسيرات السليمة التي ينظمونها بشكل مستمر، وهناك في الجامعات الأمريكية تجمعات عديدة للشاذين جنسيًا، وهذا كله يؤدي إلى تحويل ظاهرة الشذوذ الجنسي إلى ظاهرة طبيعية لا إشكال فيها عبر وسائل الإعلام ويكمن ذلك في استخدام مصطلحات إعلامية أكثر إيجابية لتحسين صورة مثل هذه الظاهرة»، منوهًا على ضرورة قيام القائمين على الإعلام الإسلامي وملاك القنوات الدينية والمنظمات الإسلامية العالمية تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات التي تسعى لمناقشة مواثيق الشرف الإعلامية ومدى القدرة على تطبيقها وأهميتها في ضبط العديد من المصطلحات الإعلامية المستخدمة من قبل وسائل الإعلام سواء كانت الدينية منها أو غيرها. حملة إعلامية وعلى الصعيد نفسه يعتقد الإعلامي والأكاديمي الدكتور مالك الأحمد، بأنّ هناك حملة إعلامية ذات بعد أخلاقي يقودها بعض الإعلاميين لاعتبارات خاصة أو شخصية، فبعض القنوات الفضائية لديها مقدمي برامج يهدفون من وراء هذه الخطوة إلى نشر تلك الثقافة بين الناس لتكون أمرًا اعتياديًا وطبيعيًا، ويلجأ البعض منهم خاصة في البرامج الحوارية إلى استضافة عدد من الشخصيات المنحرفة أخلاقيًا وهي مرحلة بحسب الأحمد يراد لها أن تبرر أفعال وتصرفات وسلوكيات هذه الشخصيات بحيث يتم وصف ما يقومون به من شذوذ أو انحراف بأنّه عبارة عن مرض نفسي وبالتالي لابدّ أن لا يعاقبوا عليها، منوهًا في نفس الوقت إلى أنّ العالم الغربي قد أطلق على الشواذ جنسيًا مصطلح «مثيلي الجنس» وذلك لاستبعاد النظرة السلبية تجاههم ومحاولة تخفيفها لتكون هذه الظاهرة أكثر ملائمة في المجتمع بل واعتبارها ثقافة عادية منتشرة بين أوساطه. حقوق وواجبات وحول دور التقارير الصادرة من هيئات حقوق الإنسان ومنظمات حريات الأديان الغربية في انتشار مثل هذه الظاهرة يؤكدّ الأحمد أنّ هذه المنظمات تسعى للتأكيد على أنّ للناس حقوقًا وواجبات وحرية يجب أن يتم مراعاتها، ففي الغرب ما دام أنّ هؤلاء الشاذين أخلاقيًا لا يضرون الآخرين، فلهم الحق في التعبير عن آرائهم والحرية في ممارستها كما هو سائد في القوانين المدنية لديهم، لكن مثل هذه المفاهيم التي تروّج لها تلك المنظمات لا تنطبق على قيمنا وثقافتنا، فظاهرة الشذوذ الجنسي على سبيل المثال تعدّ ظاهرة ذميمة وجريمة كبيرة في الدين الإسلامي، بل وحتى ترفضها المسيحية واليهودية، مرجعًا إصرار بعض الإعلاميين لتقديم برامج ومضامين إعلامية تبرز ظاهرة الشذوذ على أنّها أمر طبيعي، عائد إلى أنّهم يعانون من مشكلة وخلل أخلاقي. وحول إسهام مواثيق الشرف الإعلامية العربية في التقليل من آثار هذه الظاهرة يرى الأحمد بأنّها لا تتعدى أن تكون حبرًا على ورق ولا يوجد لها أساس في الواقع، فهناك العديد من القنوات التي تبثّ عبر الأثير الفضائي تروّج لمضامين كفرية وفيها سحر وشعوذة ودجل وكهانة ولا يتم الالتفات إليها من قبل الجهات المعنية والمسؤولة مثل: وزارات الإعلام والثقافة، فهم غير معنيون لمثل هذه الأمور، وحصروا رقابتهم الإعلامية على القضايا السياسية، أما الرقابة في الجوانب الأخلاقية فقد تمّ إهمالها، وتبقى المواثيق الإعلامية مجرد حبر على ورق لا أثر لها على أرض الواقع. غياب القوانين وفي ذات السياق أكد الأكاديمي والخبير الإعلامي الدكتور عبدالصبور فاضل، أنّ هذه الظاهرة مرتبطة بعدة أسباب منها: غياب القوانين الرادعة لمثل هذا الجرم في حق الشعوب الإسلامية والعربية لأنّ معظم القوانين المنظمة للعمل الإعلامي يغلب عليها الطابع السياسي لحماية الأنظمة السياسية، كما أنّ مثل هذه القنوات تنعدم فيها المهنية والاحتراف، وهي قنوات تسعى للكسب المادي عن طريق جذب الإعلانات من منطلق جمهور مشاهديها من مختلف المراحل العمرية لذلك فهي تلجأ إلى الانحطاط والعشوائية بحكم أنّها لا تستطيع تقديم إعلام هادف، مضيفًا بأنّ من هذه الأسباب أيضًا: بأنّ هذه القنوات زاد نشاطها في الفترة الأخيرة التي أعقبت اندلاع الثورات الشعبية في المنطقة العربية حتى تشغل قطاع كبير من الشعوب وهم الشباب الذين يفجرون الثورات، وتلك سياسة مبرمجة لخلق روح الميوعة والانحلال لدى هذه الفئة الشابة لحماية أنظمة معينة. وحذر من أخطر الأسباب التي أدت لمثل هذه الظاهرة التي تأتي من خارج المنطقة العربية والإسلامية لتدمير المجتمع وارتبط ذلك بحركات المد الإسلامي والمد الثوري الذي يزعج كثيرًا عددًا من الدول الأجنبية التي تعمل جاهدة على تغييب الدين والهوية لدى شعوبنا، ملمحًا إلى أنّ مواثيق الشرف الإعلامية غير مفعلة ولا تطبق تطبيقًا عمليًا ما دامت هذه القنوات بعيدة عن نقد النظم السياسية وسياسات تلك الدول التي تؤيدها، معتبرًا بأنّ الثورات الشعبية التي تفجرت أخيرًا قد تكون سببًا مهمًا في تفعيل هذه المواثيق، بل وتغييرها بما يحفظ للأمة كيانها وقيمتها وكرامتها وأخلاقها. حرب إعلامية أما عضو مجلس إدارة رابطة الأدباء والشعراء الثقافية الأستاذ أحمد مليجي فيعتقد أنّه ليس هناك أفضل ولا أعف ولا أكرم من وصف القرآن الكريم والسنة النبوية للحالة الجنسية بين الرجل والمرأة مصداقًا لقوله تعالى: «أحِل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ»، وقال تعالى في الحالة الجنسية الحميمة بهذا الأسلوب الراقي الجميل: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ)، فهذا الأسلوب بعيد عن الابتذال والسخرية لأنّه كلام رب العالمين الذي أعطى كل شيئًا خلقه ثم هدى، أما الشذوذ فإنّه بحسب مليجي ما علمناه إلا من اللا دينيين ولا تعرف أمة هذا الشذوذ إلا أمة لا تحكمها أخلاق ولا دين، فالحياة الجنسية نابعة من الفطرة التي فطر الله الناس عليها ولا حاجة لتعلمها، ولا يروج مثل هذا الترويج إلا من أراد أن يشيع الفاحشة في مجتمعاتنا، مشددً على وجود حرب إعلامية مركزة على المجتمعات التي يحكمها الأخلاق والفضيلة والقيم والمبادئ الإنسانية، ومن انساق وراء هذه الدعوات من بني قومنا تربوا على الديانة وهؤلاء وإن كانوا قلة فهم منبوذون على حد قول مليجي، مضيفًا بأنّ الفطرة السليمة ترفض هذا الشذوذ الذي لا ينادي به إلا كل من يعيش في انتكاسة أخلاقية كبيرة، وقد سبقهم من قبلهم قوم لوط الذين انتكست عقولهم وفسدت أخلاقهم، فنكسهم الله وقلب بيوتهم رأسًا على عقب. مثير وملفت ويتابع قائلًا: ظلَّت البشرية قرونًا لم يحدث فيها هذا الأمر، وأصبحت بعض الفضائيات العربية تبثها عبر برامجها الجنسية بكافة أنواعها، وبشكل مثير وملفت، فهي ظاهرة دخيلة على مجتمعاتنا العربية ومنافية تمامًا للخلق الأسري ولطبيعة الإنسان العربي، معتبرًا بأنّ هذه البرامج تدعو إلى عدم الالتزام بالأخلاق للفرد والمجتمع، وبالتالي فهي تؤثر سلبيًا على حياة الفرد الفاعل، خاصة عندما ينغمس في سكتها وهو يشاهد هذه البرامج وهو مندمج إليها بشهواته، على إثر ذلك ينال المجتمع الجزء الأكبر من هذا التلوث الأخلاقي حينما يمرر ما اكتسبه هؤلاء رواد ومشاهدي هذه البرامج إلى آخرين، بعد أن تتحول أفكارهم وأفعالهم وميولهم الايجابية إلى تصرفات وقرارات منافية للخلق السليم، وبالطبع يكون لأسرهم وأصدقائهم نصيبًا كبيرًا أيضًا من التلوث الفكري والأخلاقي خاصة ضعفاء النفوس والإرادة. ويستنكر الانفتاح اللأخلاقي وانعدام الضمير الإنساني من بعض المحطات الفضائية التي تفتقر وتعاني من الأخلاق والقيم، حيث إنّ اهتمام بعض القنوات الفضائيات العربية بنشر هذه المواد السيئة والبعيدة تمامًا عن عاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية يرجع إلى تطلعاتها للشهرة والكسب المادي، والسيطرة على السوق الفضائي واحتكاره بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب دمار شباب الأمة ومجتمعها الأسري. ولا يستبعد أن يكون وراء هذا الاهتمام والانجراف من قبل بعض القنوات إلى مثل هذا الأمر أيادٍ وتوجيهات من جهات وسلطات عليا لا تريد لشباب الأمة العمار والخير ولا لمجتمعاتنا التقدم والازدهار، فقد يكون هناك من يحرك هذه الفضائيات ديناميكيا وفكريًا ويمدها بالأموال على مستوى استراتيجي واسع ولهم أهدافهم لنشر الرذيلة بكافة أفرعها من فساد وأفكار قد تقضي على طموح الشباب، فمثل هذه البرامج موجهة بصورة مباشرة إلى الشباب العربي لإفساده والقضاء عليه وعلى طاقته. المنع والتصدي ويضيف قائلًا: بصفة عامة تقر الديانات السماوية بأنّ الأفعال المثلية والمثليين شواذ وغير طبيعيين، ويجب منعهم والتصدي لهم قبل إفسادهم للمجتمعات، ولا يتسامح معهم ومع أفعالهم غير الأديان الوضعية، مثل: البوذية، والشريعة الإسلامية تعتبر الشذوذ الجنسي ممارسة غير طبيعية، وأسلوبًا منحرفًا عن الفطرة الإنسانية الصحيحة، حيث إن الشاذ جنسيًّا يعتبر عاصيًّا لله عز وجل، وبذلك فهو يستحق عقاب الدنيا والآخرة؛ لأنّه يعدّ تجاوزًا لحدود الله، وعلى أثر ذلك يرى مليجي عدم وجود أي فائدة من عرض واهتمام هذه القنوات لمناقشة العلاقات الجنسية العامة، ولا يوجد سبب مقنع من تكثيف برامجها حول الترويج للشذوذ الجنسي وحقوق المرأة الجنسية بالإضافة إلى لغة التثقيف الجنسي للأطفال والعلاقات الجنسية الآمنة للمراهقين، مؤكدًا بأنّ الشواذ الذين ينادون بها عبر شاشاتهم لا تكون سوى تنفيذًا لمقررات وتوصيات مؤتمر «بكين10» الدولي والذي جرى إقامته في مؤتمر نيويورك عام 2005، حيث قدّم ما يسمى ب «خدمات الصحة الإنجابية للأطفال والمراهقين» وقد فرض هذا المؤتمر على دول العالم تدريس الجنس لأبنائها في المدارس، واعتبر بأنّ الشذوذ والحمل خارج الزواج والانحلال الأخلاقي أمورًا غير مجرمة، وهذا جعل بعض الفضائيات العربية تفكر في البدء بتنفيذ مخططات هذا المؤتمر وقراراته حيث تناولت بالفعل قضايا الشواذ العرب عبر بعض برامجها، ثم كان لمنظمات حقوق الإنسان الغربية دور في الدفاع والتدخل لحماية الشواذ وطالبت بعدم توقيع أية عقوبة عليهم، وجاء ضمن تقاريرها عن «الحريات وحقوق الإنسان» في العالم العربي، كما تمّ بدأ حملة إعلامية ثالثة على الفضائيات العربية للترويج لمشروع «ميثاق عربي للإعلام وحقوق الطفل» يعتمد على مقررات «بكين» وغيرها. حلول جذرية ويؤكدّ على أهمية إيجاد حلول جذرية للتصدي لظاهرة هذه القنوات ولبرامجها تتمثل في الأسرة التي يجب أن تهتم أكثر بأبنائها وتسعى لفرض القيم والأخلاق الحميدة داخل جدرانها من خلال تعاليم الدين الصحيح والمبادئ الإسلامية بمحيطها الراسخ، والعمل على محاربة هذه القنوات من خلال وضع رقابة أسرية عليها حتى لا تؤذي أبنائها، واستبدالها بقنوات دينية وثقافية وتعليمية، كما أنّ هناك دورًا يلقى على عاتق وزارات الثقافة والتربية والتعليم في كافة الدول العربية يتمثل في الاهتمام بالتنشئة بشكل أكبر بداية من فصول الحضانة حتى المراحل التعليمية النهائية، من خلال الكتب والمواد التعليمية والثقافية المختلفة التي تحث على تعاليم الأخلاق الحميدة والترابط الأسري والتمسك بعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا ومبادئنا الاجتماعية والإسلامية. وطالب مليجي بضرورة القضاء على الجمعيات التي تأوي الشواذ ومن على شاكلتهم وتدافع عنهم وتحميهم والتي انتشرت مؤخرًا في بعض الدول العربية، وذلك بتشديد الخناق والقيود حولهم وعدم منحهم تصاريح لمزاولة نشاطهم، كما أهاب بكافة المعنيين والمهتمين بحقوق الطفل والشباب والمرأة والأسرة بصفة عامة أفرادًا وجماعات أن يكون لهم دور قوي للتصدي لهذه الظاهرة ومحاربة هذه القنوات والجمعيات والمنظمات التي تقف مع الشواذ وتدافع عنهم. الدعوة للمقاطعة من جانبه يؤكد الخبير في الشؤون الإعلامية الدكتور أشرف سالم على ضرورة مراعاة القنوات الفضائية على أنّها تخاطب أمة ذات عقيدة تنطلق منها وترسم منهجها وتحدد سلوكها في إطار أحكامٍ شرعية، وآدابٍ مرعية، والمصدر الأول لثقافتنا عقيدة وشريعة وسلوكًا هو القرآن الكريم، الذي يقول الله عز وجل فيه: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، موضحا بأنّ هذا النص القرآني يستوقفنا فيه عدة وقفات من ضمنها توجيه النبي صلى الله عليه وسلم على تعليمها لنسائنا وأبنائنا لما تحتوي عليه من قيم تربوية راقية وسلوكيات أخلاقية سامية، وبأنّ هذه الآيات وردت في سياق الحديث عن مكر وأذى المنافقين الذين أثاروا أخبث فتنة في تاريخ صدر الإسلام وهي حادثة الإفك التي كادت تعصف بمجتمع المدينة النبوية وأنّ الله توعد في هذه الآيات بالعذاب الأليم العظيم ليس فقط من مارس الفاحشة بل تعداه إلى من أشاعها، ثم تعداهما إلى من رضي قلبه بهذا الخبث وهم الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فكل هؤلاء في الوعيد سواء بالفعل والقول والقلب. محض أكاذيب أضاف أنّ من يزعمون أن هذه الإشاعة للفاحشة هو تثقيف وتنوير وغير ذلك فهذا يعدّ محض أكاذيب وأباطيل وشنشنة نعرفها من أخزم، وحتى لو حشدوا لأقوالهم بعض الخبراء المسكونين بفكر الغرب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن وصف له الطبيب التداوي بالخمر: «ما جعل الله دواء أمتي فيما حرم عليهم؛ إنّها داء وليست بدواء؛ ثم أراق الإناء»، مشددًا في نفس الوقت على عدم إنكاره بطبيعة الحال لأهمية العلوم المدنية من طبيعية واجتماعية، وأهمية التربية النفسية للناشئة وتهيئتهم لما ينتظرهم في قابل حياتهم من تغيرات ومسؤوليات بل على العكس ندعو لتثقيفهم بذلك، ولكن القيام بهذا بحسب رؤية سالم لا بد أن يعد له جيدًا من خلال ورش عمل وحلقات نقاشية يشارك فيها عالم النفس وعالم الشرع وعالم التربية وعالم الاجتماع والطبيب، من المسلمين المشهود لهم بالإخلاص وليس من أتباع داروين وسيجموند فرويد وروبرت ميردوخ. ويرى سالم بأنّ التعلل بالحرية الجنسية على أنّه توجه عالمي وأنّ الالتزام به أمر تفرضه علينا التزاماتنا كأعضاء في المجتمع الدولي ومنظماته، وكدول نامية تسعى للارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة، فهذه فرية أدحض من سابقتها، متسائلًا: «لماذا يتذكرون المنظمات الدولية ومواثيقها في هذه المواطن ويتجاهلون ما أقرته في مجالات أخرى كحقوق الإنسان واحترام حريته وكرامته وضمان العدالة للأفراد والشفافية للمجتمعات؟، وما الذي يجعلنا نحرص على الالتزام الصارم بتلك التوجهات المدمرة لأخلاقنا المتعدية على خصوصيتنا بحجة صدورها عن منظمات دولية، ونحن الذين لم نر من هذه المنظمات أي دفاع حقيقي عن قضايانا أو وقوف بصف ضحايانا؟، وأين الذين يدافعون عن حقوق اللوطيين وحريات السحاقيات، من حقوق وحريات محاصري غزة وقتلى قانا وجوعى الصومال وأسرى جوانتنامو؟». ويعتبر أنّ المشكلة تكمن في وجود أشخاص في مجتمعاتنا من يسمع لأعدائه كما قال القرآن الكريم، الذي استخدم في موطن آخر عبارة بليغة معجزة حين قال (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ)، فالقرآن لم يصف المهرولين خلف اليهود والنصارى بأنّهم يسارعون إليهم أو يسارعون معهم بل «يسارعون فيهم»؛ وهذا هو حال أكثر وسائل الإعلام الماجنة ومنظمات المجتمع المدني المأجورة، التي تؤذي أسماعنا ليل نهار بدعوى الحرية الجنسية. أين المواثيق وتساءل أين مواثيق الشرف الإعلامي من ذلك؟ فهي كثيرة في موادها وجميلة فيما تحتويه من قيم راقية لو التزامنا بها لصار إعلامنا ملائكيًا، مشيرًا إلى أنّ كل هذه المواثيق غير ملزمة، وإنما هي بمثابة توجيهات مثالية يُنصح بالالتزام بها بدون إي قوة إلزام، وحتى الجهات التي تستخدمها قانونيًا وعلى رأسها الحكومات، لا تستخدمها غيرةً لقيم المجتمع وأخلاقياته وإنما تستخدمها كسلاح للتستر على القمع أو الفساد أو كليهما، واصفًا تلك المواثيق بالمهلهلة، التي لا يمكن لها أن تصمد أمام إغراءات إعلام البيزنيس الذي يتخذ الإثارة منهجًا لأنّه يزيد الدخل من الإعلانات والرعاة ومداخلات المتصلين. واختتم سالم حديثه قائلًا: إنّ واجبنا مقاومة هذه الوسائل الإعلامية الرخيصة، بنقدها وتفنيد سوءاتها بالحجة والبيان وفضح عوراتها بالدليل والبرهان، ثمّ بالدعوة لمقاطعتها من قبل كل مسلم غيور وعربي شريف، وإلا فلو تركناها تبث سمومها في مجتمعاتنا فقل على أخلاقنا وبالتالي على مجتمعاتنا السلام، «وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتمًا وعويلًا». ظاهرة قديمة وفي السياق ذاته اعتبر رئيس مركز معان العالمي للدراسات وحقوق الإنسان بالأردن، الدكتور أكرم كريشان قيام بعض القنوات الفضائية العربية بالتطرق للمسائل الجنسية والشذوذ الجنسي والتلاعب بالألفاظ والعبارات ليس بجديد علينا وإنّما هي ظاهرة قديمة جديدة وأصبحت في تزايد مستمر ومن هنا لا بد من النظر للأمور عبر أكثر من زاوية وذلك باعتبار أنّ الثقافة الجنسية في أحد جوانبها جزءًا من الثقافة العامة والمهمة في ذات الوقت بالنسبة للشباب من الجنسين، فهي ترتبط بالثقافة الاجتماعية السائدة والقيم الفكرية والتربوية والدينية في المجتمع، ومن ثم تختلف طريقة التثقيف الجنسي وكذا طريقة تناولها من مجتمع لآخر حسب هذه المؤثرات، مضيفًا بأنّ الثقافة الجنسية في حد ذاتها أمر لابد منه، لأنّه يتعلق بأمر فطري وبحاجة عضوية ونفسية ملحة، فإذا ما وصل الإنسان إلى مرحلة معينة سيبدأ يبحث فيه سواء علم من معه أو لم يعلموا، منوهًا على مسؤولية المجتمع بداية تتمثل في الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع ككل هي في وصول إلى تلك الثقافة الهامة والخطيرة في نفس الوقت بطريقة مدروسة ومخططة يراعى فيها حال الشباب بحيث يتدرج فيها تدرجًا يسمح له بالمعرفة والإدراك مع الحفاظ عليه من التشتت والانحراف. مقصد غير أخلاقي وحذر من وجود مقصد غير أخلاقي من وراء الترويج للثقافة الجنسية في بعض الفضائيات العربية كأن يكون لغاية نشر الانحلال الخلقي وجني الأرباح المالية أو بدوافع بعض الدول التي تحاول النيل من القيم والأخلاق وجعل الشباب ينحرفون نحو مسارات معينة، أو لغايات انحلالية أو موجهة أو لأي سبب من الأسباب الخارجة عن نهج وأدب وسياسة الدولة وعاداتها وتقاليدها وقيمها ودينها، فهذا الأمر بلا شك يعدّ مخلًا بأخلاقيات المهنة الإعلامية وأهدافها، ويستدعي مواجهة تلك الفضائيات من خلال سياسات مضادة ومخطط لها من قبل الدول والإعلام الحر المستقل والصحافيين والمفكرين وأساتذة الجامعات ورجال الدين المعتدلين من أجل نشر الفكر النير والثقافة والحرية المصونة والالتزام الذي يحفظ تركيبة المجتمع ويحافظ على الأسرة ويجعل الشباب في منأى عن الخطر. وأضاف أنه كما توجد تعمل على نشر الإباحية الجنسية توجد أيضًا قنوات فضائية عربية تنشر أفكارًا اجتماعية وثقافية ودينية وسياسية متطرفة وتبث سمومها للشباب العربي وتهدف من ورائها إلى تدمير عقول الشباب وتوجهاتهم وتطلعاتهم نحو أوطانهم ومستقبلهم وحرياتهم المصونة بموجب الدساتير والقوانين المرعية. الدور المطلوب وحول دور هيئات حقوق الإنسان الدولية في أمريكا وأوروبا في نشر هذه الظاهرة من خلال مطالباتها بحماية الشواذ في الدول العربية وعدم تعرض الأجهزة الأمنية لهم أجاب أن المبادئ اِلأساسية لحقوق الإنسان، التي وردت لأول مرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من قبيل العالمية والترابط وعدم التجزئة والمساواة والبعد عن التمييز، إلى جانب شمول حقوق الإنسان في وقت واحد لكل من الحقوق والالتزامات المتصلة بأصحاب الحقوق والمسؤولين، قد تكررت في العديد من اتفاقيات وإعلانات وقرارات حقوق الإنسان الدولية. ومن الملاحظ اليوم أنّ كافة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة قد وقعت، على أقل تقدير، معاهدة واحدة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية الأساسية، وأنّ 80% من هذه الدول قد صدقت على 4 معاهدات أو أكثر، مما يوفر تعبيرًا ملموسًا عن عالمية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعن حقوق الإنسان الدولية»، موضحًا بأنّ هناك الكثير من المواثيق الدولية والمعاهدات والصكوك المتعلقة بحقوق الإنسان منها ما هو مقر ومطبق ومنها ما هو مقر وغير مطبق ومنها ما هو غير مقر وغير مطبق وقد وقعت وصادقت على تلك المواثيق العديد من الدول العربية مع تحفظ بعضها على نصوص وبنود معينة لا تتوافق وطبيعة العادات والتقاليد والقيم السائدة في تلك الدولة، من أهم هذه الاتفاقيات والمعاهدات والإعلانات الدولية التي وقعتها كافة الدول العربية وغيرها من الدول الأخرى، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة وغيرها من الاتفاقيات الأخرى. ويعتقد كريشان أنّ من الأمور المسلم بها لدى غالبية الدول بأنّ حرية الفرد مصونة بموجب الدستور والقانون ولا يجوز الاعتداء عليها أو النيل منها، ومن هذا المنطلق لا يوجد ضغط من هيئة دولية تجاه الدول العربية بحماية الشذوذ بمعناه الحقيقي وإنّما هو حماية الفرد وحقوق الإنسان من الاعتداء عليها أو مس كرامة المواطن أو النيل من حقه الشخصي ولا أعتقد بأن الفوضى في أي أمر من أمور الحياة مقبولة ومشرعة دستوريًا، وإنّما حسب ما أقرته وصادقت عليه الدول وعليها أن تلتزم به وأن تتعامل معه وفق منظورها وقيمها وعاداتها بما لا يؤذي الآخرين ويضر بمصالحهم وبالمجتمع. دعاوى قضائية وحول إمكانية رفع دعاوى قضائية ضد بعض الفضائيات العربية التي لا تلتزم بميثاق شرف الإعلام العربي والتي تخالف القيم والعادات والتقاليد وتعمل على التحريض أو تشويه الصورة الحقيقية للعادات والتقاليد أو تحث على الانحلال والابتذال أكد على أنّ العالم العربي لم يعد عالمًا محكومًا بنصوص دستورية متوافقة نوعا ما، ولا يمكن أن نستطيع مراقبة أداء الفضائيات العربية ومسلكها وتصرفاتها سواء بقصد أو بغير قصد لأنّ حرية الإعلام مصونة أيضًا بالقانون، ويعتبر الكثير من الفقهاء أنّ حرية الرأي مصونة ولا يجوز تقييدها إلا في الحالات التي ينص عليها القانون، ويمكن رفع دعاوى قضائية لبعض القضايا التي تمس هيبة الدولة والإساءة إلى الأديان رغم كل الظروف المحيطة بنا وتعقيدات الفقهاء والمحاكم ودعاة حقوق الإنسان، منوهًا على أنّ الموضوع يحتاج إلى عقد ندوات عربية ودولية من أجل وضع ميثاق شرف ملزم لكافة الفضائيات العربية وعلى كل مخل بالميثاق أن يحاسب أمام محاكم مختصة لينال جزاءه حتى يكون رادعًا لغيره من الآخرين، واستدرك كريشان قائلًا: قرارات جامعة الدول العربية وتوصياتها لم تلزم العرب ولم تقيدهم بالامتناع عن فعل أمر مخل فما بالك ببعض الفضائيات العربية الحرة والممولة والمخترقة والمسيرة والموجهة»، متسائلًا في الوقت نفسه من يملك حق مقاضاتها ومن يملك حق الفصل بين ما تدعيه بأن ذلك ضمن حرية التعبير والرأي وبين الإساءة والتشهير والتضليل والفتنة، الأمر الذي يعدّ في غاية الصعوبة وأعان الله الأجيال القادمة من الشباب على أوضاعهم وظروفهم الحياتية من كافة الجوانب. الثقافة والإباحية من جانبه يعتقد مدير مؤسسة النور للثقافة والإعلام في السويد الأستاذ أحمد الصائغ بأنّ هناك فرقًا كبيرًا وشاسعًا بين الثقافة الجنسية والإباحية، فالأولى تعتمد على أسس علمية والثانية تتخذ من الرذيلة حاضنة لها تتمثل في استغلال بعض الفضائيات للترويج لبرامجها من خلال استقطاب المراهقين حول مائدة الإباحية وما هو إلا ابتعاد عن المهنية والمصداقية لمهنة الإعلام التي تعتمد على المبادئ السامية لنشر رسالتها، موضحًا بأنّ لمنظمات حقوق الإنسان تقارير واضحة وتوصيات محددة تطالب بان لا تهضم حقوق تلك الفئة من خلال إبعادهم عن المجتمع ونبذ تصرفهم ولكنّها لا تدعو بالتأكيد إلى الترويج للإباحية والرذيلة. وحول دور مواثيق الشرف الإعلامية العربية في التخفيف من حدة الظاهرة قال الصائغ: نعم هناك مواثيق شرف واتفاقيات وبرتوكولات ولكن نجدها فقط حبرًا على الورق ولا تدخل حيز التنفيذ لأنّها لم تقترن بشرط جزائي لمن يخالف تلك المواثيق. شبكشي: هذه الظاهرة الخطيرة تمهد للقبول بالشذوذ وتهدف إلى اعتباره أمرًا عاديًا وأما الإعلامي والكاتب الصحافي الأستاذ حسين شبكشي فيصف مثل هذه الظاهرة ب»الخطيرة جدًا» تمهيدًا للقبول بها واعتبار مسألة الشذوذ أمرًا عاديًا فهي تستهدف الدخول في الشأن الثقافي والاجتماعي للمجتمعات العربية، معتبرًا بأنّ تطرق بعض القنوات الفضائية لقضايا الشذوذ والمسائل الجنسية وإضفاء صفة الإيجابية عليها عائد بعض الشيء إلى التقارير الصادرة عن هيئات حقوق الإنسان وحريات الأديان في أمريكا وأوروبا والتي تطالب بحماية الشواذ في الدول العربية، لكنّه عاد ليستدرك قائلًا: «قد يكون هذا جزء من انتشار الظاهرة، لكنّ كثيرًا من الدول الغربية تصارع من أجل الحفاظ على قيمها العامة ولم تحسم بعد مسألة زواج الذكور بالذكور أو الإناث بالإناث»، مشددًا على أهمية تفعيل مواثيق الشرف الإعلامية التي تؤكدّ على ضرورة عدم التطرق للسلوكيات الشاذة والمنحرفة أو المصطلحات التي تضفي صفة الإيجابية عليها في وسائل الإعلام. الهضبان: أطالب بتأديب القائمين على هذه القنوات ومنعهم من ترويج تلك المضامين وفي سياق متصل يصف مقدم برنامج البينة بقناة اقرأ الدكتور عبدالله الهضبان مثل هذا الأمر بأنه منتهى قلة الحياء، مطالبًا القنوات التي تقوم بالترويج للشذوذ والمسائل الجنسية باحترام الرأي العام والجمهور، ومراعاة القيم والمبادئ، ولابدّ من تأديب كل من يحاول نشر مثل هذا الأمر من قبل الجهات الرسمية والعلمية والاجتماعية والفكرية، لأنه نوع من الانحلال والترويج للأفكار الشاذة من قبل بعض الجهات الإعلامية التي تريد إيصالها ونشرها داخل حظيرة المجتمعات الإسلامية، مشيرًا إلى وجود العديد من الأفلام والمسلسلات التي تخرج لنا وتعرض عبر القنوات التلفزيونية وتحتوي على مضامين مخالفة للقيم والمبادئ والأعراف. وحول دور المواثيق الإعلامية في التقليل من هذه الظاهرة قال الهضبان: «مواثيق المسلمين بين أيديهم، ومواثيقهم تتمثل في الكتاب والسنة، ولن يمس المجتمعات العربية والإسلامية الضرر الكبير من وراء مثل هذا الأمر مصداقًا لقولته تعالى:(لن يضروكم إلا أذى)، لكنني في المقابل أطالب بتأديب وتعزيز هؤلاء القائمين على مثل هذه القنوات، وإيقافهم عند حدهم ومنعهم من الترويج لمثل هذه المضامين، لأنّ أعراض الناس أمانة في أعناقنا وأعناقهم». حميد: استبدال المصطلحات السلبية بالايجابية لقبول ظاهرة يعد إباحة للشذوذ من جهته يتحفظ الكاتب والناقد المسرحي وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، الدكتور محمد أبو بكر حميد على وجود مثل هذه الظاهرة قائلًا: «لا أستطيع الحكم على مثل هذا الموضوع دون معرفة طريقة العرض فان كان العرض أخلاقيًا تربويًا توعويًا فهو مقبول وإن كان هدفه الترويج للرذيلة فهو مرفوض»، منوهًا على أنّه إذا ما ثبت أنّ بعض القنوات تقوم باستبدال المصطلحات السلبية بمصطلحات إيجابية لتضفي على ظاهرة معينة كالشذوذ الجنسي ب»مثيلي الجنس» على سبيل المثال، فإنّ ذلك يعد إباحة للشذوذ؛ لأنّه أضفي عليه طابع إيجابي بدل الصفة السلبية، مشيرًا إلى أنّ أمتنا تعاني من كافة أنواع الشذوذ السياسي والاجتماعي والجنسي ولترحم السماء من لم ترحمهم الأرض!!.وحول دور المواثيق الإعلامية في محاسبة ومعاقبة من يروجون لهذه الظاهرة أكد على أنّ حقيقة التطبيق تأتي من خلال دوافع فرديه مثل الوازع الديني والوعي الصحي والأخلاقي والاجتماعي، منوهًا إلى أنّ دور القوانين في هذا ثانوي وضعيف، إذ لا يمكن إلزام القنوات الفضائية في ظل الآلاف الرسائل التي تبثها باحترام الأعراف والتقاليد وقيم المجتمع ومحاولة إصدار قوانين رادعة بحق من يتجاوز مثل هذه القيم، إلاّ إذا كانت هناك عقوبات عملية تطبق فعلًا على أرض الواقع فهنا يعتبر أمرًا آخر.