عندما يقترن التجمع ما بين واقع ملموس ورؤية واضحة.. وبينما تتحد الأفئدة وخلجات النفس مع خالقها.. وحالما وضع الحدث تفاصيله في أرجاء المكان.. وكان الزمان شاهدا على الوحدة الخالصة قولا وفعلا وإدراكا وشعورا.. نرى المشهد.. اليوم في عرفات.. حشود بشرية مؤمنة ملهمة مفعمة بالتوجه إلى الله.. في ذلك الجبل الذي اقترن اسمه بالرحمة.. تكون للكفوف قصة انفرادية لا يسجلها سوى موسم الحج.. عبق الأرض ونسمات الروحانية هي التي تجمع أكبر تجمع إيماني على وجه المعمورة.. ملايين يرتدون البياض ليس في لبس الإحرام فحسب ولكنه بياض القلوب التي يصفيها المكان ويجمعها الزمان.. بوحدة ضيوف الرحمن. الحدث الكوني المهيب المسكون بشعور الشعيرة المبرورة التي يكون جزاؤها «الجنة» تجمع البشر من الأمريكتين ومن أوروبا وأستراليا وآسيا وإفريقيا، وهم من فرقتهم الجنسيات وتضاريس القارات وبعد المسافات.. نداؤهم اليوم «لبيك اللهم لبيك» وشعارهم اليوم «حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور» وسكناتهم اليوم «لا تعرفها سوى قلوب ترتجي رحمة الرحيم».. لغتهم «القرآن» وصفتهم «ضيوف الرحمن» ونيتهم «الغفران». المشاعر المقدسة.. ضيوف من شتى أصقاع الأرض.. جنود مجندة من وطن خص بنعمة خدمة من وفد ضيفا على الله.. عمل دؤوب يبدأ فور نهاية الموسم السابق ولا ينتهي أبدا.. تقنيات وترتيبات في كل شيء، المعدات والبشر والتعامل وتقديم نموذج انفرادي لإدارة الحشود وتنظيم العمل بأدق ومنتهى الإشراف والإدارة والعمل الجماعي... اليوم.. دعاء إلى العليم ونداء إلى العظيم واستجداء إلى الرحيم.. بقبول الطاعات.. اليوم تسكب العبرات وتتحد الكلمات.. في جبل عرفات.