انتشت عرفات فخراً بعد شوق نتج من عشق لازم ضيوف الرحمن حتى الثمالة.. عشق المكان وتبجيل الزمان يتركز بالملايين الغفيرة فوق ترابها، لقاء المحبوب بعشيقته بعد طول الغياب. وفي اليوم العظيم، اكتسى جبل الرحمة فيها برداء وإزار الحجيج الذين غطوا أراضي عرفات «مدركين أن الحج عرفات»، وتشابكت الأيادي بعد أن توحدت الأعراق وانصهرت الأجناس تحت تلبية منادي الحج الذي أذن بالحج للناس فأتوه من كل فج عميق، وأفئدتهم تهوي، وأبصارهم إلى السماء شاخصة ترجو السداد بعدما تم البلوغ، متأملة بصفح رباني ينعكس على بياض صفائحهم. لبى الحجيج من كل فوج مرددين في تناسق صوتي ولحني بديع «لبيك اللهمّ لبيك»، وتعينهم الجبال على تكرار صداه في أرجاء مقدسة. وماتت الشمس بعد دأب ليعيد الدجى فيها ظلاله ليتوجه الشوق إلى مزدلفة بعد عرفات.