أصبح استغلال الموارد الطبيعية التي تعذر الوصول إليها حتى الآن في المحيط المتجمد الشمالي، ممكنا أكثر من أي وقت مضى من جراء ذوبان الجليد في القطب، وهو الأمر الذي يثير مخاوف العلماء والخبراء، حسب وكالة إنتربريس سيرفس. وأكدت القياسات الحديثة التي أجراها معهد الفريد فاجنر للأبحاث القطبية والبحرية، أن ذوبان الجليد خلال فصل الصيف حدث بشكل ملحوظ هذا العام، في ظاهرة توالت خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. ووصلت درجات الحرارة المرتفعة في أقصى الشمال إلى حد أصبح فيه كل من الممر الشمالي الغربي على طول الساحل الشمالي لأمريكا الشمالية وطريق بحر الشمال على طول ساحل سيبيريا، أصبحا خاليين من الجليد. كما أصبحت قناة باري في إقليم نونافوت الكندي مفتوحة وشبه خالية من الجليد. وأدت هذه الظروف لتوفير فرص جديدة للاستفادة من منطقة القطب الشمالي في مجالات عديدة مثل صيد الأسماك، والشحن البحري، واستغلال الموارد الطبيعية خاصة النفط والغاز. وبالفعل بدأ استغلال هذه الفرص حيث أبحرت ثلاث ناقلات ضخمة عبر الطريق المختصر الذي فتح حديثا عبر القطب الشمالي في الفترة بين شهري يوليو وسبتمبر الماضيين. وكانت ناقلة «سانكو أوديسي» اليابانية، هي أكبر السفن التي أبحرت عبر هذا الطريق، تحمل 68 ألف طن من خام الحديد، في حين أبحرت ناقلة النفط «فلاديمير تيخونوف» من جزيرة نوفايا زيمليا في مضيق بيرينج في سبعة أيام ونصف فقط، وحطمت الرقم القياسي الذي حققته ناقلة أخرى، هي«آيس تي أي هيراتيج»، في الأسابيع الأخيرة عندما قطعت نفس الطريق في ثمانية أيام. ووفقا للأرقام الصادرة عن سلطات الشحن البحري الروسية، استخدمت 20 سفينة هذا الطريق خلال هذا العام. وينتظر أن يكون لتغير المناخ في القطب الشمالي تأثيرات قوية على كل من النظم الإيكولوجية البحرية والأنشطة البشرية. وهناك تركيز على الاستدامة البيئية لهذه الأنشطة، بالتعاون الوثيق مع الشعوب الأصلية المحلية. لكن شركات بناء السفن وغيرها من المعنيين في قطاع الشحن البحري يؤكدون أن الاستخدام الفاعل للممر الشمالي الغربي وطريق بحر الشمال سيتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، مثل الموانئ ومحطات الوقود والتموين على طول الطريق التي تمتد لنحو ستة آلاف كيلومتر تقريباً. علاوة على ذلك، ورغم استمرار ذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي، إلا أنه يصعب التكهن بالظروف الحالية. وعلى سبيل المثال، رافقت ناقلة «سانكو أوديسي» خلال مرورها في منطقة القطب الشمالي أخيرا كاسحة جليد روسية تعمل بالطاقة الذرية. والمشكلة الرئيسية التي تواجه الشحن البحري في هذه المنطقة الشمالية هي قطع الجليد العائم الطافية، التي يمكن أن تؤدي أحيانا إلى تركيز كميات هائلة من الجليد يمكنها أن تعيق حركة سفينة كبيرة مثل «سانكو أوديسي». إلا أن اتجاه ذوبان الجليد على نحو متزايد أصبح واقعا واضحا. ويقدر العلماء أنه بحلول عام 2029، سيكون المحيط المتجمد الشمالي خاليا من الجليد تماما في فصل الصيف .