أزد - محمد أحمد - علي خلفية ظاهرة التغيرات المناخية، بما صاحبها من ارتفاع درجة الحرارة، وذوبان أجزاء من ثلوج منطقة القطب الشمالي خلال الأعوام القليلة المنصرمة، وانكشاف ثروات تلك المنطقة، مع نشوء ممرات ملاحية جديدة، بزغ صراع جديد- يبدو أنه سيستمر عقودا مديدة- بين الدول الثماني المشاطئة للمنطقة سالفة الذكر، والتي تقدر مساحتها بنحو 26 مليون متر مربع، بل إن دولا أخري خارج المنطقة أبدت رغبتها في الاستفادة من ثروات المنطقة، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية. ومن ثم، فقد جاء اجتماع وزراء الخارجية لدول مجلس القطب الشمالي في 12 مايو 2011 ليؤكد ضرورة توحيد الرؤي بين دول المنطقة. وإذ أضحي القطب الشمالي ذا أهمية خاصة من الناحية الجيوسياسية والجيواقتصادية لجميع الدول القطبية الثماني (الولاياتالمتحدة، روسيا، كندا، النرويج، الدنمارك، أيسلندا، السويد، وفنلندا)، فإن هناك تخوفا من إمكانية حدوث مواجهات عسكرية- ولو بصورة محدودة في تلك المنطقة- في ظل رغبة عدد من الدول المشاطئة للقطب الشمالي في بسط سيطرتها وهيمنتها علي هذه المنطقة ذات الثروات الهائلة والمتنوعة. من هنا، من المهم إلقاء الضوء علي أسباب الصراع الدائر في تلك المنطقة، والأطراف المتنازعة عليها، ودوافعها للسيطرة علي المنطقة، مع بيان موقف القانون الدولي العام من هذا الصراع، وسيناريوهات المستقبل المحتملة. دوافع الصراع علي القطب الشمالي: ترتبط دوافع الصراع علي القطب الشمالي بما أشارت إليه بعض الدراسات من كون القطب الشمالي يضم ما يقرب من 25% من المخزون العالمي من النفط الخام والغاز الطبيعي، فضلا عن مليارات الأطنان من الرواسب والتكوينات الجيولوجية النفطية. وفي السياق نفسه، فمن المؤكد أن ظاهرة الاحتباس الحراري ستؤدي إلي تحويل أجزاء كبيرة من منطقة القطب الشمالي من منطقة جليدية إلي مسطحات مائية، كما ستؤدي إلي كشف مساحات شاسعة من الأراضي العامرة بالموارد الطبيعية المتنوعة. بمعني أن ظاهرة الاحتباس الحراري من المتوقع أن تقود إلي أمرين من شأنهما تفجير النزاعات بين دول المنطقة: الأمر الأول: ظهور طرق ملاحية جديدة في المنطقة، وأهمها الممر الملاحي بين الشمال والغرب، والذي يمثل أهمية استراتيجية كبيرة، إذ يتيح الربط بين آسيا وأوروبا كأقصر الطرق، حيث بدأت مساحات كبيرة من الجليد في التلاشي منذ صيف عام 2007، الأمر الذي فتح الباب أمام فكرة الإبحار خلاله في المستقبل المنظور. الأمر الثاني: السماح باكتشاف مساحات متزايدة من قيعان المحيط المتجمد، مما يسهل كثيرا من إمكانية استكشاف واستخراج الثروات البترولية والمعدنية التي يزخر بها، وهو أمر لم يكن ممكنا في ظل وجود ذلك الغطاء الجليدي الكثيف، وفي ظل وجود مصاعب تقنية تعيق عمليات التنقيب والاستكشاف المطلوبة. البعد القانوني للصراع: الاتفاقية الدولية الوحيدة التي تنطبق علي القطب الشمالي هي اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار لعام 1982. ووفق هذه الاتفاقية، فإن أي دولة تستطيع إثبات أن رصيفها القاري يتجاوز الحدود الحالية المحددة في 200 ميل من خطها الساحلي، يمكن أن تمنح ما قد يصل إلي 150 ميلا إضافية من قاع البحر، ولذا فإن الدول القطبية تستعد للمطالبة بأجزاء أكبر من المنطقة في إطار اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار. وكما سبق الذكر، فإن روسيا تقدمت عام 2001 بطلب إلي "لجنة الجرف القاري" الأممية من أجل توسيع رقعة نطاقها الاقتصادي الحصري (المنطقة الاقتصادية الخالصة) لكن الطلب قوبل بالرفض، لذا عمدت روسيا إلي محاولة جمع أدلة إضافية عن طريق إرسال عدد من الرحلات العلمية والبعثات الاستكشافية إلي قاع المحيط المتجمد، علي أمل إثبات أن الجرف القاري الخاص بها يتصل بالسلاسل الجبلية تحت الماء، بما يعني أحقيتها في السيادة علي ما يقرب من نصف مساحة المحيط. حسابات أطراف الصراع: غني عن البيان أن أطراف صراع كهذا لن تخرج عن الدول الثماني المشاطئة للقطب الشمالي وهي: الولاياتالمتحدة، وروسيا، وكندا، والنرويج، والدنمارك، وأيسلندا، والسويد، وفنلندا، وإن كانت روسياوالولاياتالمتحدة تعدان الدولتين الأكثر حرصا علي الاستفادة من المنطقة. فعلي سبيل المثال، نجد أن روسيا تعد من أولي الدول التي ارتادت المنطقة في وقت مبكر، وذلك في نهاية القرن الثامن عشر، بل إنها في عام 2001 سلمت إلي الأممالمتحدة وثائق تزعم فيها أن حافة لومونوسوف، التي توجد تحت مياه القطب الشمالي المتجمد، هي في الحقيقية جزء من الرصيف القاري لسيبيريا التابعة لها، مما يتعين معه ضمها إلي الأراضي الروسية. والواضح أن القيادة الروسية لديها إدراك كبير بأهمية القطب الشمالي لما يشتمل عليه من موارد مهمة، خاصة من النفط والغاز، حيث اتفقت الحكومة الروسية مع شركة النفط الفرنسية العملاقة "توتال" علي استثمار 38 مليار دولار في مشروع لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في منطقة القطب الشمالي. ويتضمن المشروع المشترك إقامة محطة في البحر القطبي بشبه جزيرة "يامال" الروسية بحلول عام 2018 بما يتيح لفرنسا الحصول علي 15.5 مليون طن من الغاز المسال عبر ناقلات الغاز من روسيا، مستفيدة من كونها تمتلك أكبر سواحل علي القطب الشمالي، كما أن لديها أسطولا من كاسحات الجليد العسكرية والمدنية هي الأقرب لمنطقة القطب الشمالي. وفي الوقت الذي نجد فيه دول القطب الشمالي الأخري، بخلاف روسيا، لا تمتلك سوي قري صغيرة أو محطات بحثية في امتداداتها في أقصي الشمال، فإن روسيا لديها مدن كبيرة مثل مدينة "مومانسك" داخل دائرة القطب الشمالي. أما الولاياتالمتحدةالأمريكية، القوة العظمي في العالم حاليا، فقد بدأت الدعوات تتصاعد فيها من خلال الإدارة والكونجرس الأمريكي للبدء في استغلال القطب الشمالي وموارده وإمكاناته. ووفقا لمدير الشئون العملية الأمريكية للقطب الشمالي، إيفان بلووم، فإن الولاياتالمتحدة بدأت تستثمر جديا في برامج ووكالات متعددة منذ عام 2001، حيث طالب الرئيس السابق جورج دبليو بوش الكونجرس بتخصيص مبالغ تقدر بما يزيد علي 35 مليار دولار لدراسة التأثيرات المناخية، وتطوير البحوث العلمية والتكنولوجية، من أجل دراسة كيفية استغلال موارد القطب الشمالي. وعلي غرار إدارة بوش، تعد إدارة أوباما القطب الشمالي منطقة ذات أهمية استراتيجية أساسية، ولاسيما أن الجيش الأمريكي يتوقع أن يصبح القطب الشمالي "خاليا من الجليد" لبضعة أسابيع خلال صيف عام 2030. ويذكر أن اللجنة الخاصة المكلفة بتغير المناخ التابعة للبحرية الأمريكية أصدرت في أواخر 2009 وثيقة هي عبارة عن مخطط يمتد لخمس سنوات بعنوان "خريطة طريق القطب الشمالي"، وتحدد 35 خطوة بشأن متطلبات العمل في المنطقة الصعبة. ومثلها مثل دول الصراع الأخري، تدرك النرويج أهمية منطقة القطب الشمالي، وما قد يتمخض عنها من ثروات طائلة، ولذا فليس من المستغرب أن تقوم النرويج برصد اعتمادات طائلة بشكل غير مسبوق، سواء من أجل تنفيذ عمليات تكنولوجية متقدمة لاستكشاف ومسح جبال المنطقة، أو لبناء 5 فرقاطات بحرية هي الأحدث من نوعها بهدف نشرها في أنحاء المنطقة. وبالإضافة إلي الدول السابقة، هناك دول أخري تستعد لدخول حلبة المصارعة، منها فنلندا وأيسلندا. ولم تكن الصين بعيدة عما يجري، حتي ولو كانت بعيدة جغرافيا عن المنطقة، وذلك في ضوء حاجتها الملحة للطاقة، حيث وضعت بكين منطقة القطب الشمالي ضمن دائرة اهتماماتها الملحة، ونقلت هذه الاهتمامات من القطب الجنوبي إلي القطب الشمالي منذ نهاية العقد الماضي، وقامت بأول رحلة استكشافية إليه عام 1999، أعقب ذلك ثلاث رحلات كان آخرها في عام 2010، عندما توجهت كاسحة جليد صينية بمرافقة سفينة تحمل نحو مائة عالم صيني وعددا من العلماء الأجانب، كما أقامت محطة أبحاث علمية ثابتة مختصة بشئون المنطقة. ولم تكتف الصين بالاهتمام البحثي العلمي، بل عززت وجودها الدبلوماسي مع دول المنطقة، فأقامت سفارة تعد من أكبر السفارات الأجنبية في "ريكيافيك" عاصمة جمهورية أيسلندا ذات الموقع الاستراتيجي المهم علي مدخل القطب الشمالي، والتي تتمتع بوجود ثلاثة مرافئ عميقة لاستقبال السفن العملاقة الحاملة للحاويات الضخمة التي تبحر بين هذه المرافئ، وأي مرفأ آخر في بحر "بيرنج". وعندما قام رئيس جمهورية هذا البلد الصغير بزيارة إلي بكين في عام 2007، استقبلته القيادة الصينية بمظاهر احتفالية كرئيس دولة كبري. ومما تجدر الإشارة إليه أن الصين تري أن منطقة القطب الشمالي ملك وترات مشترك للإنسانية جميعا، ولا يمكن لأية دولة الادعاء بالسيادة علي أجزاء خارج حدودها الإقليمية، قاصدة بذلك الدول الثماني المشاطئة للقطب الشمالي. وبما أن عدد سكان الصين يمثل خمس سكان العالم فهي من حقها- حسب وجهة نظرها- خمس الثروات الطبيعية الموجودة في القطب الشمالي. قمة مجلس القطب الشمالي: تم تأسيس مجلس القطب الشمالي عام 1996 - الذي يضم ثمانية بلدان هي: الولاياتالمتحدة، وكندا، وروسيا، واليابان، وفنلندا، والسويد، وأيسلندا، والنرويج - في مدينة أوتاوا الكندية، حيث يعد مجلس القطب الشمالي المنتدي الأهم للتعاون الإقليمي بين الدول الثماني سالفة الذكر حتي الآن. ويتمتع المجلس بدور استشاري، ويضم المجلس سبعة برامج للعمل هي: (برنامج الرقابة والتقويم الجغرافي، حفظ الحياة الحيوانية والنباتية، مواجهة الكوارث وحالات الطوارئ والاستجابة الفورية، حماية البيئة البحرية والملاحية، مجموعة عمل التنمية المستدامة، برنامج تقدير الأثر المناخي علي القطب الشمالي، وبرنامج البحث العلمي). وفي 12 و13 مايو 2011، بحث وزراء الخارجية لدول المنطقة القضايا الملحة التي تهم المنطقة، وذلك في الاجتماع السابع لمجلس القطب الشمالي، في القمة التي ترأسها وزير الخارجية الدنماركي، ليني إيسبرسين، والرئيس السابق لمجلس منطقة القطب الشمالي، وكوبيك كليست، رئيس وزراء جرينلاند. وكان أهم ما تمخض عنه الاجتماع ما يلي: - تأكيد أهمية تعزيز الشراكة في إطار المجلس من أجل استجابة أسرع وأشمل للظروف المتغيرة، بما في ذلك التغيرات المناخية. - إصدار وثيقة تم فيها تحديد الاتجاهات الرئيسية للتعاون فيما يخص الظروف المعيشية، والتغيرات المناخية، وحماية البيئة، والبحوث العلمية، ومتابعة الوضع في الإقليم. - قرر الأعضاء إنشاء أمانة دائمة للمجلس، مقرها في مدينة ترومسية النرويجية. - أعلن المجلس نتائج دراستين علميتين مهمتين هما: تقدير أحجام وكميات الثلوج والمياه والجليد وطبقة الجليد المتجمد في القطب الشمالي، وتقرير حول آثار الاحتباس الحراري علي مناخ القطب الشمالي. - استحداث فريق عمل يكلف بالتفاوض بشأن تدابير خاصة بمدي الاستعداد لمواجهة حالات التسربات النفطية المحتملة. - توقيع اتفاقية التعاون في مجال البحث الجوي والبحري في منطقة القطب الشمالي، والتي تعد أول وثيقة قانونية ملزمة تم تبنيها في إطار مجلس القطب الشمالي. إذن، اتفقت دول القطب الشمالي علي خطوات لجعل المنطقة أكثر أمانا، ووعدت بدراسة وسائل لمنع التسربات النفطية، بعدما وقع المجلس اتفاقا لتقسيم مسئوليات ومهام البحث والإنقاذ، في حالة وقوع حوادث السفن أو الطائرات. ويعد ذلك أول اتفاق للمجلس الذي يمكن أن يكون نموذجا لاتفاقات مستقبلية بشأن موضوعات أكثر أهمية، تتضمن أعمال التنقيب وتنمية مصادر الطاقة في تلك المنطقة. ويذكر أن ألمانيا، بصفتها عضوا مراقبا في مجلس القطب الشمالي، سعت إلي تطوير مؤسسات المجلس وإلي كسب دور أكبر للدول غير القطبية، وذلك لتأثر المصالح الحيوية لألمانيا بما يحدث في القطب الشمالي، باعتبارها سوقا كبيرة مهمة للمواد الأولية المستخرجة من القطب الشمالي. كما أن الأسطول التجاري الألماني سوف يستفيد من نشوء ممرات ملاحية جديدة في المنطقة -بسبب استمرار ذوبان الجلود تأثرا بظاهرة التغيرات المناخية- من الطرق البحرية المختصرة. ويذكر أن وزارة الخارجية الألمانية استضافت في 17 و18 مارس 2011 نخبة من الخبراء والمختصين من رجال السياسة والقانون والعلوم في برلين في المؤتمر العالمي، الذي جاء بعنوان "تغيرات المناخ والقانون الدولي والأبحاث القطبية. الجوانب القانونية للأبحاث البحرية في المحيط المتجمد الشمالي"، للتشاور حول مستقبل منطقة القطب الشمالي. سيناريوهات المستقبل: هناك سيناريوهان للأزمة، الأول يتمثل في التعاون بين الدول المشاطئة للقطب الشمالي - وهو السيناريو المأمول - أما السيناريو الثاني، وهو الأسوأ، فهو لجوء أطراف النزاع إلي الخيار العسكري، لأن هذا السيناريو قد يجر العالم إلي حرب جديدة. وفيما يتعلق بالسيناريو الأول، وهو الأقرب، فالتجارب التاريخية في حالة مشابهة تتعلق بالتنافس في القطب الجنوبي في منتصف القرن المنصرم بعدما زعمت بعض الدول- وبالأخص بريطانيا، والأرجنتين، وتشيلي، وفرنسا، والولاياتالمتحدة، واستراليا، ونيوزيلندا- سيادتها علي أراضيه. لكن وفي تطور غير مألوف خلال فترة الحرب الباردة، انتهي ذلك السباق إلي تطوير نوع من التعاون عام 1958، قامت خلاله 12 دولة بتوقيع معاهدة وضعت الإطار القانوني لإدارة القارة المتجمدة في القطب الجنوبي، وحرمت المعاهدة علي الدول القيام بتفجيرات نووية، والتخلص من النفايات النووية في القارة المتجمدة، أو نشر قوات عسكرية فوق أراضيها. وإن كانت المشكلة تكمن في رفض الدول المشاطئة للقطب الشمالي عقد معاهدة دولية لحماية المناطق القطبية الشمالية، علي غرار تلك الموقعة حول القطب الجنوبي، حيث تري دول المنطقة أنه من حيث المبدأ لا يوجد أي مبرر لإدارة المحيط المتجمد الشمالي بطريقة مختلفة عن إدارة أي بحر آخر، كالبحر المتوسط، علي سبيل المثال، حسب وزير خارجية النرويج، يوناس جار ستورة. وفيما يتعلق بالسيناريو الثاني، والخاص باحتمالية اندلاع مواجهة عسكرية - غير نووية - في منطقة القطب الشمالي، فرغم أنه لايزال مستبعدا، فإن احتماليته مطروحة وبقوة، خصوصا في ظل محاولات عسكرة المنطقة. ولعل تصريحات المسئولين الروس تشير إلي احتمالية حدوث مواجهات بين الأطراف، خاصة تلك التي تشير إلي أن المصالح الروسية في منطقة القطب الشمالي أخذت تتعرض في الآونة الأخيرة لتهديدات واضحة من جانب دول حلف الناتو وعدد من بلدان شرق آسيا، فضلا عن وصول معلومات تقول إن حلف شمال الأطلنطي يتعامل مع منطقة القطب الشمالي كجزء من نطاق مصالحه الاستراتيجية المهمة، وإن تحركات قوات الحلف في القطب أخذت طابعا منتظما وواضحا طيلة الفترة الماضية. وبناء علي ما تستشعره من تهديدات تتعرض لها مصالحها في القطب الشمالي، قامت روسيا بتحديث أساطيلها البحرية العاملة في الشمال بهدف زيادة إمكانياتها القتالية، كما بدأت سفن البحرية الروسية في إجراء مناورات وتدريبات عسكرية في عدة موانئ في المنطقة الشمالية. وفي الحقيقة، فإن هذا الطموح الروسي لم يلق قبولا لدي الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أعلنت مرارا وتكرارا أن صدور أي قانون من الجانب الروسي، بشأن تحديد ملكية روسيا في القطب الشمالي، لن يلقي قبولا لدي المجتمع الدولي. وقد اتضحت طموحات روسيا في القطب الشمالي للعالم أجمع، عندما قامت بعثة روسية بغرس علم روسي في قاع البحر بالقطب الشمالي عام 2007، وهذا وفقا لإحدي برقيات ويكيليكس. فقد سببت هذه البعثة - إضافة إلي تصريحات روسيا العدائية بشكل متزايد بخصوص القطب الشمالي - قلقا ليس فقط في واشنطن، ولكن أيضا للدول الأخري المشاطئة للقطب الشمالي. ويبدو أن روسيا تعمل علي إحكام سيطرتها علي نفط القطب الشمالي، متبعة استراتيجية متكاملة من شقين متعارضين، فهي تقول إن سياستها تعتمد علي حل النزاعات في المنطقة مع الدول القطبية، وفق القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، ممثلة في اتفاقية 1958 بخصوص الجرف القاري في القطب الشمالي، والتي وقعتها كل من روسيا، وكندا، والنرويج، والولاياتالمتحدة، والدنمارك، واتفاقية قانون البحار لعام 1982، هذا بالنسبة للشق الأول. أما الشق الثاني، فيأتي من خلال تعزيز الوجود العسكري في مناطق تري أنها ملك لها في القطب الشمالي. وإجمالا، فقد أصبحت المصالح المتعارضة والمتنافسة في منطقة القطب الشمالي تتسم بمزيد من التشابك والتعقيد، نظرا لغياب اتفاق شامل بين الأطراف، ومن خلال قيام بعض تلك الدول بتقديم مطالبات بأراض من هذه المنطقة القطبية إلي الأممالمتحدة، بدعوي أن هذه المطالبات تمثل - في التحليل الأخير - جزءا لا يتجزأ من أرضها، أو حقا مشروعا لا يمكن التنازل عنه، وهو الأمر الذي تجيزه اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار لعام 1982، في رأي تلك الدول. ومع تطور المعدات الأساسية للتنقيب في المياه المتجمدة، وظهور تكنولوجيا جديدة تسهل عمليات الحفر واستخراج النفط، حتي في أكثر الظروف الطبيعية قسوة، فإنه ليس أمامنا سوي توقع تواصل النزاع بين تلك القوي، إذا لم تتوصل إلي حل ينهي الخلاف، ويقسم مناطق التنقيب بينها. والأمر المتفق عليه أنه ليس من صالح استقرار العالم أبدا أن يتحول هذا النزاع إلي صراع عسكري، أو أن تصعد إحدي الدول القطبية حدة التوتر في المنطقة بإعلان سيادتها مثلا علي إحدي المناطق أو الجزر الجليدية المتنازع عليها، لأن الأمر سيتحول إلي سابقة خطيرة للغاية بشأن احترام القانون الدولي للبحار، هذا من جانب. ومن جانب آخر، فإن ذوبان معظم جليد القطب الشمالي من شأنه تحول تلك المنطقة إلي مسرح ضخم لعمليات التنقيب وأنشطة الاستكشاف، مما سيعني زيادة حدة المشاكل والهموم البيئية المتزايدة في الوقت الراهن. يضاف إلي ذلك أن هذا سيسهم في ارتفاع المياه في البحار والمحيطات، مما يهدد بغرق العديد من سواحل دول العالم، ومنها مصر، بل قد يؤدي الأمر إلي اختفاء مجموعة من الدول والجزر الصغيرة. خلاصة القول: إنه يجب علي الدول المشاطئة للقطب الشمالي أن تغلب مبدأ المصلحة المشتركة، الأمر الذي يفرض عليها أن تجلس إلي موائد المفاوضات، والاتفاق علي استغلال هذه المنطقة، وفق قواعد القانون الدولي للبحار، وبما يحقق الحد الأدني من طموحات كل طرف علي حدة في ثروات المنطقة، وبما يحول دون تفجير الصراع في أي وقت في المستقبل. القطب الشمالي هو أعلى نقطة بالكرة الأرضية على محور دورانها ويقع في المحيط المتجمد الشمالي. تستقبل منطقة القطب الشمالي أقل ما يمكن من أشعة الشمس فهي ثاني أبرد منطقة في الكرة الأرضية تغطيها طبقة سميكة من الثلج على مدار السنة. قرب هذه المنطقة يقع القطب المغناطيسي الشمالي للكرة الأرضية حيث تتجه إبرة البوصلة إلى هذه المنطقة والاتجاه فالقطب الشمالي المغناطيسي يقع عند خط عرض 73 درجة شمالا وخط طول 100 درجة غربا والقطب الجنوبي يقع عند حوالي خط عرض 70 درجة جنوبا وخط طول 148 درجة شرقا. هناك نجم يدل على الشمال يعرف بالنجم القطبي يسترشد به البحارة والمسافرون على اتجاه الشمال كما استخدم البحارة جهاز للقياس والحسابات الفلكية يعرف بالإسطرلاب وأصل هذه الآلة غير معروف، وإن كان بعضهم ينسبها للمسلمين. وقد كتب "Theon of Alexandria" عن الأسطرلاب في القرن الرابع قبل الميلاد. الوقت غواصة أمريكية في رحلة استكشاف القطب الشمالي، عام 1959معظم الأماكن على الأرض، يتم تحديد الوقت المحلي عن طريق خطوط الطول، حيث أن وقت اليوم يزيد أو ينقص بالنسبة لموقعه من الشمس في السماء (على سبيل المثال، في منتصف النهار تكون الشمس تقريباً عند أعلى مستوى له). هذه الطريقة من التفكير فشلت في القطب الشمالي، حيث أن الشمس تشرق وتغرب مرة واحدة فقط في السنة، وبالتالي جميع خطوط الطول والمناطق الزمنية تتجه إلى نقطة واحدة. لذا لا وجود دائم للإنسان في القطب الشمالي، ولم يتم تحديد أي منطقة زمنية معينة للقطب الشمالي. يمكن للبعثات الاستكشافية القطبية استخدام أي منطقة زمنية تكون مناسبة لهم، مثل توقيت جرينتش (GMT)، أو المنطقة الزمنية للبلاد التي غادروا منها. [عدل] المناخ منظر أرضي في القطب الشماليالقطب الشمالي أكثر دفئا بكثير من القطب الجنوبي لانه يقع في نفس مستوى سطح البحر في منتصف المحيط (الذي يمثل مستودعاً للحرارة)، على خلاف الكتل اليابسة في القارات المرتفعة عن سطح البحر. تتراوح درجات الحرارة في القطب الشمالي أثناء فصل الشتاء (يناير) ما بين -43 درجة مئوية (-45 درجة فهرنهايت) إلى -26 درجة مئوية (-15 درجة فهرنهايت) تقريبا، وأحياناً المتوسط حوالي -34 درجة مئوية (-29 درجة فهرنهايت). أما في فصل الصيف (يونيو ويوليو وأغسطس) فيتراوح متوسط درجات الحرارة حول نقطة التجمد 0 درجة مئوية (32 درجة فهرنهايت). أعلى درجة حرارة سجلت حتى الآن هي 5 درجات مئوية (41 درجة فهرنهايت)، وهي أكثر دفئا بكثير مما سجل في القطب الجنوبي وهي -13.5 درجة مئوية (7.7 درجة فهرنهايت). الجليد البحري في القطب الشمالي هو عادة ما يتراوح سُمْكه ما بين 2 إلى 3 أمتار (6 أقدام و 7 إلى 9 أقدام 10 بوصة)، وإن كان هناك تفاوت كبير أحياناً نتيجة حركة الثلج الطافي ليكشف عن مياه نقية. والدراسات أظهرت أن متوسط سمك الجليد قد انخفض في السنوات الأخيرة. أغلبها نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، على الرغم من هذه النتيجة المتنازع عليها من قبل البعض إلا أن التقارير تتوقع أنه في غضون بضعة عقود فإن المحيط المتجمد الشمالي سيكون خاليا تماما من الجليد في أشهر الصيف. وهذا قد يكون له آثارا تجارية كبيرة. [U]ليلاً ونهاراًفي القطب الشمالي[/u]، تكون الشمس باستمرار فوق الأفق خلال أشهر الصيف، وتحت الأفق خلال أشهر الشتاء. تبدأ الشمس بالشروق قبل الاعتدال الربيعي (نحو 19 مارس) ؛ وبعد ذلك تأخذ الشمس ثلاثة أشهر لتصل إلى أعلى درجة حرارة لها قرب 23 ونصف ° قبل الانقلاب الصيفي (حوالي 21 يونيو)، وبعد ذلك الوقت تبدأ في الاختفاء، ويبدأ غروب الشمس فقط بعد الاعتدال الخريفي (حوالي 24 سبتمبر). عندما تكون الشمس مرئية في السماء القطبية، تبدو وكأنها تتحرك في دائرة أفقية فوق الأفق. هذه الدائرة ترتفع تدريجياً من الأفق بعد الاعتدال الربيعي إلى أقصى ارتفاع لها (بالدرجات المئوية) فوق الأفق في الانقلاب الصيفي، ثم الرجوع إلى الوراء في اتجاه الأفق قبل الاختفاء تحته في الاعتدال الخريفي. الشفق القطبي فوق بحيرةتستمر فترة الشفق المدني نحو أسبوعين قبل أن تشرق الشمس وبعد أن تغرب الشمس، وتستمر حوالي خمسة أسابيع قبل شروق الشمس وغروبها، وبعد فترة الشفق الفلكي حوالي سبعة اسابيع قبل شروق الشمس وبعد غروبها. « الشفق هو شفق الضوء الذي يظهر في جهة الغرب بعد غروب الشمس ثم يغيب بعد فترة، ويأتي بعده الغسق ويوجد منه نوعين شفق أحمر وشفق أبيض وهو الذي يظهر بعد أختفاء الشفق الأحمر » وتتسبب هذه الآثار في دوران الأرض وثوراتها حول الشمس، وقد تُسببَت هذه الآثار عن طريق مزيج من ميل الأرض ودورانها حول الشمس وفي منتصف الصيف شمال القطب الشمالي يواجه نحو الشمس إلى مداه الأقصى كما تتقدم السنة، يتحرك الأرض حول الشمس. وهذا وقد يحدث تسلسل متشابه لوحظ في القطب الجنوبي، مع فارق التوقيت لمدة ستة أشهر.