مثلما أن القلق انتظار دون موعد، لمعجزة قد تهبط وتخلق من الأحلام نتائج تأتي بها من العدم، فالإنسان عندما يأنس لقصة أو رواية أو فيلم أو مسلسل من إبداع البشر، رغم علمه أنها وهمية أو حقيقية لعب معها الخيال لعبته الكبيرة لتتحرك المشاعر وقد تمطر معها العيون، لا يدري حينها عن سر انجذابه للأحداث، هل لأنها تحاكي شيئا من أحلامه، أو تفتح أبوابا لم يجرؤ على طرقها، أم هي مجرد تسلية وتمضية وقت، أم أن الأمر أكبر من ذلك، كهروب خفي من قصته الأصلية والتي لم تكتمل ولم يسدل ستارها بعد، وقد يموت فيها البطل قبل أن يعيش حياته التي أرادها لاعتبارات كثيرة حين يعدها، رغم أنها لم تهتم لشأنه يوما. ما هي قصتك أنت؟ وكم غيرت في أحداثها، وكم سيناريو خرج عن نطاق إرادتك، وأضعت الوقت في الندم! كم حوارا أفلت من لسانك وخسرت فصلا كاملا من علاقة كانت تضج بالحياة؟ والأهم من تعداد الخسائر، كم من الفصول التي ارتعشت لها سعادتك، وظننتها نبضة غير متوقعة دخلت مسار حياتك، وبرغم أنها قصتك ولا أحد يمكنه أن يكملها عنك، ربما يستطيع أن يوقفها بموافقتك، لكن أنت وحدك من يقرر أحداثها وأبطالها المشاركين، قد يتدخل القدر في بعض تفاصيلها، ويبقى رد فعلك واختيار ما يناسبك فيصلا بين سعادتك وتعاستك. كنت أناقش إحداهن حول الاختيار والقدر، وقدمت الكثير مما ظنته برهانا على أن الحزن والألم قدر الإنسان الطبيعي، وهنا تكمن مصيدة العجز والبؤس، فالمصائب والمنغصات تبقى قدرا، إلا أن تفاعلنا معها يبقى اختيارا حرا، وتبعات الاختيار ثمن تجنيه وقد تدفعه، كظنك بربك، قد يرفعك للسماء أو يخسف بك أرض الهوان. لا شك أن استعراض بعض أحداث الماضي يدغدغ مشاعرنا بلذة كانت ملكنا يوما ما، فلماذا نظن أنها لا تتكرر؟ ربما نحن السبب عندما حددنا أنها فريدة من نوعها لدرجة أن تكون ذكرى فقط، وعندما تأسرنا الذاكرة فهي تحكم على حاضرنا بالجمود كأن الدنيا خلت من الخير والبشر.