في فترة منسية من التاريخ كان الطب يتم تعليمه باللغة العربية، وفي نفس تلك المرحلة أسس العلماء العرب والمسلمون علم الجبر وربطوه بالهندسة وأضافوا إليه الكثير، كما أنهم نقلوا الكيمياء من كونه مجرد سحر وشعوذة لعلم له مبادئه وقوانينه ومنطقه وحتى هذه اللحظة تستخدم المصطلحات العربية في هذا العلم.. أما الفيزياء فقد أسسوا فيه علم البصريات الذي يدرس الضوء وخصائصه. لقد امتد تأثير حضارتنا في الدول الأوروبية وفي الهند والصين، لذلك، على سبيل المثال، يلاحظ أن كثيرا من العادات الإيطالية تشبه العادات العربية، كما أن مجدنا وتاريخنا في إسبانيا. دون شك أن الحضارة العربية أثرت بشكل كبير في كثير من الشعوب الغربية والآسيوية والإفريقية وغيرها خصوصا الأوروبية التي كانت تمر في تلك الفترة بما يسمونه «العصور المظلمة» أي عصر الجهل والفساد والجوع والموت والحرب! المؤسف في الموضوع أن بعضا من الشباب والفتيات لا يشعرون بالانتماء لهذا التاريخ، ولا يكنون له أي فخر واعتزاز، إن مشاهدات الشباب وهم يتقمصون أدوار مغنيي «الروك» في حركاتهم ومشيتهم وأسلوب كلامهم وحواراتهم التي تدخل فيها بعض المصطلحات الإنجليزية وكأن هذه الكلمات ليس لها معنى باللغة العربية، تثبت أنهم في جهل تام عن حضارتهم، ونفس الحال عند الفتيات اللاتي انبهرن بموجة الدراما الآسيوية –خاصة الكورية واليابانية، فترى مناظر وقصات وتصرفات جعلتهن آلة نسخ لعادات أبعد ما تكون عن طبيعتنا وطريقة حياتنا، وأخشى أن تتطور الحال لديهن فيحيون بعضهن بالركوع! دون شك أن هذه المناظر حدثت بسبب مؤثرات عدة، ربما التعليم الذي لم ينجح بغرس الحب والفخر لماضينا عند الطلاب والطالبات، أو هو خلل في منظومة تربوية تجاهلت الاهتمام بالأبناء والبنات فلم تقدم لهم برامج تطوير الذات والثقة بالنفس وتنمية مداركهم ومشاركتهم في المجتمع، وربما بسبب اجتياح شبكة الإنترنت والتليفزيون ناقلة الأفكار التي تريد الأمم الأخرى إيصالها لشبابنا وفتياتنا، رغم أنني لا أحب إلقاء لوم تقصيرنا على الشعوب الأخرى، فهي تعمل لنشر ثقافتها ونحن يجب أن نعمل أيضا. إذا كان الألم حقا يراودك لهذه الحال المخزية التي نعيشها ف«كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه» هذا حقا ما نحتاج إليه.